عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
أكبر باحث نفسي
حضرت محاضرة د.جورج دي ليون و هو واحد من أكبر الباحثين النفسيين و ذلك في المؤتمر الرابع والعشرين للإتحاد العالمي للمجتمعات العلاجية في بيرو،ليما، المنعقد من 8 إلى 11 فبراير 2009 . الرجل فيما يبدو تجاوز منتصف العقد الثامن من عمره على الاقل، ويدافع بحرارة " علمية " وبمؤشرات البحوث عن قيمة الجتمعات العلاجية و هي البحوث التي قضى عمره في تصميمها وتنفيذها. أثبت دي ليون و دافع عن فاعلية " المجتمع " " كمعالج " ...المجتمع community في ذاته هو الوسيلة العلاجية الأولى، المجتمع العلاجي يعبر عن نفسه في المجموعات العلاجية و جداول أنشطة اليوم و في اشتراك كل أعضاء المجتمع في القرارات و البرنامج. عبر دي ليون عن حزنه الشديد ودق أجراس الإنذار أنه اذا تشتت تركيزنا عن "المجتمع ": المجموعة و قيمها نخسر أثمن ما لدينا.
" الحياة معاً " و " العمل معاً " و " العلاقات الداعمة" أو المحبة من ناحية والمواجهة (رفع المرايا) من ناحية أخرى. هذه هي "القيم التي تجمعنا " إن تشتت تركيزنا عن هذه المبادئ إلى التركيز على الإحتراف و كسب المال قد نفقد قيمة ما نقدمه.
الرسالة التي أود مشاركتها هنا هي: " الحرية " وأخواتها من المجتمعات العلاجية أو دور التعافي في مصر، قائمة على مبدأ، على رغبة في " الخدمة "، على ادراك إن نمو وسلامة وتعافي مقدم الخدمة (المعالج ، المشرف، المرشد النفسي، المدمن المتعافي الأكبر مدة في انقطاعه عن التعاطي من المدمن المستجد، الخ ).
كل هذا معتمد على رغبتنا الصادقة ومشاركتنا الأمينة لخبرتنا، في المجموعة وخارجها، مع المدمن الذي يحتاج للمعونة. ما يجمعنا ويشكلنا ويدفعنا للأمام هو " عجزنا " في أنفسنا وادراكنا أننا " معاً نستطيع " وأنا واحد من الناس لم أتعاط مخدرات أبداً لكني مدرك لهذا المبدأ تماماً وأعرف اني لا أعيش إلا به و لا أستطيع أن أواجه الحياة إلا من خلاله.
روح المجموعة، ضمير المجموعة، المباديء التي تجمع المجموعة. أهم فرد هو أصغر فرد وأكثر الأفراد احتياجاً للمعونة هذه هي المبادئ و هذه هي طريقتنا في العلاج.
الأنانية في التعافي تعني تطبيق المباديء على النفس مهما كان الثمن. و هي نقيض الآنانية " المهنية " أو الآنانية لصالح "مكانتي ومنظري كمعالج" أو حتى لصالح "الفريق الذي أعمل فيه أو مكانة المركز العلاجي الذي أعمل فيه"، كل هذه عيوب في الشخصية يجب أن نعمل عليها و نتسلمها له بخشوع و نحن مستعدين أن نتغير فيها.
عدم الأمان المالي و الشخصي عيب نريد أن نتغير فيها. لا نريد أن نعتبرها شيئاً مقبولاً أو مفروغاً منه أو قدراً لا يمكن تغييره.
المجموعة هي أثمن ما نملك وروح وضمير وقيم المجموعة هي التي تعطينا التعافي والقيمة والقوة. نحن نرى ربنا و نعرف مشيئته من خلال المجموعة و المجتمع العلاجي.
السؤال والدليل: دراسة علمية عن فاعلية علاجنا كعلاج نفسي
وحول " المجموعة " قمنا أخيراً بعمل استبيان سألنا فيه المقيمين في مراكز التأهيل بالحرية: في الوادي وفي قطاع شرق وبعض مراكز قطاع غرب. وجاءت النتائج بصفة عامة متوقعة. سألنا عن الخبرة العلاجية من خلال 3 مجموعات للأسئلة:
أسئلة عن تأثير برامجنا على شعور المقبمين في مراكزنا تجاه أنفسهم وشعورهم تجاه الآخرين.
وأسئلة عما أسميناه الخبرة " الوجودية " في العلاج النفسي " أي مدى زيادة قدرة المتعالج على فهم الحياة والموت وبالمعنى والهدف و زيادة قدرته على أدراك مشاعره والتعبير عنها وغير ذلك.
وطبقنا أيضاً مقياساً " للعزو " او نسبة الفضل في تحقيق الفائدة العلاجية النفسية أي إلى أي تدخل علاجي ينسب المتعالجون هذه الفوائد العلاجية.
وجاءت النتائج كلها تشير إلى استفادة " علاجية " عالية جداً . إن المقيمين في مراكزنا يشعرون أنهم محبوبون، محترمون، مسموعون وأنهم أكثر حرية واحتراماً لذواتهم وفهماٌ لمشاكلهم وأكثر حباً للأخرين وأكثر قدرة على التواصل وأقل رغبة في تعاطي المخدرات .. الخ
وجاءت نتائج أسئلة العزو أيضاً متوقعة: المتعالجون لا ينسبون هذه الفوائد للآطباء النفسيين (لدينا في برامج الحرية عدد قليل من الأطباء النفسيين) ولا ينسبون الفضل للآخصائين النفسيين أو الاجتماعيين (عدد قليل من هؤلاء بعملون معنا أيضاً) و إنما ينسبون الفضل " للمجموعة" " ولفلسفة البرنامج " و " للمدمن المتعافي ".
لهذه النتائج دور مهم في فهمنا لأنفسنا ولتحركنا للمستقبل. سنعرض نتائج الاستبيان تفصيلاً في غير هذا الموضع، لكن لنا هنا ملاحظات سريعة:
1- لازلنا نقدم فائدة علاجية عالية جداً – بالمقاييس العلمية الصارمة لقياس فائدة العلاج النفسي.
2- لازلنا ننقل " روح المجموعة" وقوة التعامل من خلال فلسفتنا العلاجية ( 12 خطوة والمجتمع العلاج) واضحة تماماً في عزو المتعالجين لفضل التغيير لهذين العاملين.
3- في مواجهة التشكك في " الفائدة العلاجية " – من حولنا وداخلنا – الأدلة تشير إلى فائدة من وجهة نظر العلاج النفسي و فائدة عالية جداً.
4- لا توجد فروق جوهرية بين النتائج في مختلف القطاعات. في الوافع الإحابات تكاد تكون متطابقة في أسئلة الفائدة وأسئلة العزو في كل مراكزنا.
نحن مع ذلك ننبه الى أن التحول عن هذه المبادىء والانشغال بمجرد السعي لكسب الرزق ( أو الربح المادي ) أو المنظر الخارجي أو القبول من الآخرين أو " بالتنافس " فيما بيننا، هذه كلها مخاطر قد تهدد هذه " الثورة " العلاجية "، الثورة "الوجودية " إن شئت. المجتمعات التي ننتمي اليها يمكن أن تكون قدوة للمجتمع كله في بلادنا و يمكن أن نخسر قوتها و جوهرها في متاهات جانبية و ما نقوم به يوماٌ بعد يوم و ما نقوم به اليوم فقط يسمح لنا أن نشكل المستقبل و نصنعه معاٌ.
نحن معاٌ نستطيع و كل منا بمفرده عاجز. و هذا ينطبق على كل شيء من أول إدارة حياتنا و إدماناتنا إلى إدارة مراكزنا و صنع المستقبل.
المفضلات