الـــــــــــمــــــــــز اج الـــمـــــتــــــعــــــ ـكــــــــــــــر
تشعر بخلل غير طبيعي يسري في أوصالك... يستوطنك حتى العظم.. يؤثر في مسار حياتك اليومية.. تختلف كثيراً عن

الملامح التي أمامك... تبدو أكثر تركيزاً على السلبيات.. وأكثر فقداناً للهدوء.

وجوه كئيبة تبدو أمامك رغم انها كانت بالأمس غير ذلك، سلوكيات تلهب أحاسيسك بمغامرة الاشتباك مع الآخرين.. ترفض مر

الشكوى التي اعتاد احدهم ان يسمعك اياها كل يوم. تتأفف منها... تغلق مسامعك رغم انك كما يبدو في عداد المستمعين.

تعودت ان تستوقف أحدهم في الممرات الجميلة التي تعبرها إما بابتسامة أو بإيماءة خفيفة.. انت تحب هذا الشخص لأخلاقه

وإنسانيته، وترفعه عن الصغائر.

اليوم عبرت دون أن تبتسم، أو تنظر إليه... رائع هو قرأ هذا العبور واستوعب تفاصيله ولم يتوقف أمامه...

ما هذه السلوكيات التي تبدو وكأنها من خارج نظام المكان؟

ما هؤلاء الأشخاص الذين يشكلون عالة على المجتمع.

تشعر برغبة حادة تدفعك إلى الصمت.. للجوء إلى داخل نفسك للتقوقع مفرغاً من كل شيء.

انت غير قادر على تشخيص حالتك التي هي أقرب إلى التعايش مع المزاج المتعكر!

هو المزاج المتعكر دون شك.. يأتي دون سابق إنذار كعقاب على انسيابية الحياة التي مضت.

كظلال رهيبة وقاتمة لصورة طبيعية للحياة اليومية وتقلباتها.

يأتي في هيئة من يستطيع التدخل في شؤوننا وقلب كل الموازين دون أي مقاييس موضوعية، أو أزمنة محددة.

يتعكر مزاجك أحياناً متعجلاً وتحت أي ظرف ضاغط... أو موقف سلبي أو أرصدة متراكمة من الهموم والمشاكل اليومية.

وأحياناً يتعكر عندما تشعر بالملل من كل الأشياء التى حولك.. من تكرار الملامح من انعدام التغيير... من برودة الحياة.. من العجز... من قلة الحيلة.. من انعدام معايير الحساب.. من التخريب النفسي الذي يحدثه الآخرون.

يتعكر مزاجك فتشعر بالإرهاق البدني.. والنفسي.. والذهني وبالحاجة إلى الهدوء بعيداً عن الآخرين.. وعن أي مكان يدفعك إلى كارثة تكثف هذا التعكر وتحوله إلى اكتئاب.

انه الضجر كما يقول أحد الأطباء الذي يصيب الواحد منا بين الحين والآخر فيعيش في دوامة من ضيق الصدر لبضعة أيام، قبل أن يعود لسالف حياته المفعمة بالحب والبهجة والاعتياد.

ومن أجل كسر هذا الضجر والعودة إلى الحياة بدلاً من الوصول إلى الاكتئاب الذي يُقعد الناس عن أعمالهم ويُفقدهم وظائفهم

وعوائلهم ومتعة الحياة لابد من ممارسة الهدوء المتواصل عند تعكر المزاج، والابتعاد عن الآخرين، وعدم الاحتكاك بهم

للوصول إلى أسباب هذا التعكر إن كان طارئاً، أو نتيجة لتراكمات سابقة... ومن السهولة في ظل التعايش مع الهدوء

والفضفضة مع من تثق فيه من الأصدقاء الوصول إلى الأسباب ومن ثم معالجتها.. وتجاوزها.. والعودة إلى اعتدال المزاج

الطبيعي.. الذي أصبح التعايش معه أقل كثيراً من التعايش مع تعكر المزاج... بفضل انعدام قدرة كثير من البشر على التحمل..

وغياب الصبر الذي يدفع إلى الهدوء.. وإلى استيعاب الآخر، وتفهم مواقفه.. وتوظيف أي موقف سلبي بملمح ايجابي..

والخروج من دائرة النوايا الحسنة للدخول إلى تلمس أخطاء الآخرين ومحاولة كسب أرض جديدة للاصطياد فيها، واختلاق

المشاكل.. ومحاولة تغذية الواقع باستمرار بالعنف وعدم التجاوز... مما يدفع إلى تعكر المزاج دائماً حتى للأطراف المنتصرة.