الصراع فى العمل أمر طبيعي بين الموظفين أثناء أداء مهام العمل اليومية، لأن المكاتب الضيقة، في الشركات مثلاً، عادة ما تجمع بين الكثير من الشخصيات مختلفة الطباع والاهتمامات، إذ تختلف وجهات نظر كل موظف عن الآخر، وهو ما يؤدي بدوره إلى ظهور صراعات بينهما.
وينصح الخبراء في مثل هذه المواقف بحسب جريدة "الإمارات اليوم" بمناقشة موضوع الخلاف بصراحة ودون مواربة، كما يمكن الاستعانة في حالات الضرورة القصوى بمدير العمل طرفاً وسيطاً لحل الخلافات بين الموظفين.

أسباب سوء المعاملة :

وقد ترجع الخلافات بين الموظفين في العمل إلى أسباب عدة، منها ما أوضحته خبيرة التوظيف أورسولا فافرزينك، بقولها «غالباً ما يشعر الموظف بسوء معاملة من زميله، أو ينتابه في بعض الأحيان شعور بأن زميله يريد دائماً إصدار أوامر في العمل، على الرغم من أنه ليس مديره على الإطلاق».
ومن ضمن الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى تأجج نار الخلافات في العمل، أن يتكون لدى الموظف انطباع بأنه يعمل أكثر من زملائه الآخرين في المكتب أو الشركة.
وبالإضافة إلى ذلك تقول الخبيرة الألمانية، إن أسلوب الإدارة الذي يتبعه مدير العمل قد يكون أحد الأسباب التي تؤدي إلى نشوب خلافات بين الموظفين، مثلاً عندما يقوم مدير العمل بتفضيل أحد الموظفين وتقريبه إليه مع الإغداق عليه بالإجازات والعلاوات، أو أن تكون هناك أسباب أخرى تجعل الموظف يشعر بعدم الإنصاف في المعاملة.
علاوة على اختلاف وجهات النظر بين الموظفين بشأن جوانب العمل ومدى الالتزام بالمواعيد أو علاقة الصداقة والود التي تجمع بين الزملاء في العمل، فعلى سبيل المثال يغضب بعض الموظفين، إذا لم يقم أحد الزملاء بإلقاء التحية عليهم في الصباح.
[SIZE=أكاديمي]

وفي كثير من الأحيان يكون الموظف سعيداً بالذهاب إلى عمله سنوات طويلة، ولكن بمجرد حدوث خلاف بينه وبين زملائه ينهار كل شيء، ويؤثر ذلك بالسلب في جودة الحياة ودرجة الارتياح أثناء العمل. وقد تكون نتيجة ذلك تعرض كثير من الموظفين لاضطرابات نفسية أو بعض الأعراض الجسدية مثل تقلصات المعدة أو آلام في الظهر.

وهنا يرى مستشار التوظيف بمدينة هامبورغ الألمانية، مارتن فيرله، أنه «في واقع الأمر يمكن للمرء تجنب الأشخاص الذين يختلف معهم في حياته بصفة عامة. ولكن هذا الحل لا يمكن تطبيقه عند وجود خلافات مع الزملاء في المكتب، حيث يتعين على الموظف التحدث معهم بصراحة، وهذا يؤدي بدوره إلى توتر أكبر، أو قد يصل الأمر إلى حد انفجار مشكلات أخرى».
وأضاف الخبير الألماني «محاولة تجنب أحد الزملاء في العمل لا تعتبر حلاً للخلافات، فضلاً عن أنها تسبب إرهاقاً شديداً للموظف، لأنه يضطر إلى الانسحاب داخلياً والتقوقع حول ذاته عندما يرغب في تجنب التعامل مع أحد زملائه في المكتب».

بدون تصعيد :

حتى لا تتفاقم الخلافات في العمل وتزداد تعقيداً بمرور الوقت، فإنه يتعين على الموظف السعي إلى حلها في الوقت المناسب. وأوضح أخصائي علم النفس من مدينة زيورخ السويسرية هانز بيتر دوغه، ذلك بقوله «يرتبط الحل بدرجة تصعيد الخلافات بين الموظفين».
فإذا نشب خلاف بين موظف وزميله في العمل، لكنهما لايزالان يتحدثان مع بعضهما بشكل عادي، فعندئذ ينبغي على الموظف أن يعتذر لزميله عن تصرفاته الخاطئة، أو يطلب منه الحديث بوضوح وصراحة في أجواء هادئة.
أما إذا كانت حدة الخلافات بين الموظفين قد وصلت إلى مرحلة أبعد من ذلك، مثلاً عندما لا يتحدث الموظف مع زميله إلا نادراً أو إذا كانت هناك قطيعة تامة بينهما، أو عندما ينظر كل منهما إلى الآخر كأنه عدو. ففي هذه الحالة ينصح أخصائي علم النفس السويسري، قائلاً «ينبغي على الموظف هنا أيضاً التحدث بصراحة ووضوح مع زميله، مع ضرورة أن يستعد الموظف جيداً لهذا الحوار المفتوح وللحظة المكاشفة بينهما».
ونظراً لأن كل طرف من طرفي الخلاف يتحمل جزءاً من المسؤولية، فيتعين على الموظف أن يكون على استعداد لتغيير وجهة نظره في بعض الأمور واتخاذ خطوة في اتجاه التقرب إلى زميل العمل.
وأضاف هانز بيتر دوغه «يتعين على الموظف أيضاً التفكير في الأمور التي يرغب في الحديث بشأنها لحل هذا الخلاف، لكن لا ينسى أيضاً التفكير في الأشياء التي يمكنه أن يقدمها للطرف الآخر». وإذا لم تجد كل هذه الوسائل نفعاً لسد هوة الخلاف بينهما، فلابد للموظف من البحث عن طرف وسيط، وليكون مدير العمل مثلاً، لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، لكن الأمر المهم في تلك الحالة الوصول إلى حل يمكن أن يتعايش معه الطرفان.
[/SIZE]