كما تقول الروائية سيليا جراي فيلد (أنك إذا أعطيت هذه الطريقة الحياتية لكلب؛ فإنك ستواجهه اعتراضات شديدة من قبل الناشطين في مجال حقوق الحيوان)؛ فإن البعض يعملون بشكل متواصل، ويعرفون جيداً أنهم قد يتم استغلالهم وإذلالهم من قبل أصحاب العمل أو من قبل آخرين؛ ولكن رغم ذلك يستمرون في الخنوع والخضوع للواقع دون أي محاولة للتغيير.

على الرغم من أن العمل يمثل جزءاً هاماً للحياة؛ إلا أنه يجب ألا يستحوذ على الحياة استحواذاً كاملاً. إن العديد من الناس قد أخطئوا عندما ظنوا أنه يجب عليهم العمل لساعات طويلة بشكل غير عادي حتى يكونوا أناساً ناجحين.

وتقول فيونا هارولد في كتابها "كن قائد نفسك" أن أحد التقارير الحديثة الذي أعده معهد الإدارة أوضح: أن 87% من المديرين التنفيذيين ذكروا أن عملهم لا يبقي لهم وقتاً للاستمتاع بالاهتمامات الأخرى بما فيها ذويهم وأسرهم، وتبين أيضاً أن ثلث عددهم يعملون بما يزيد عن 50 ساعة أسبوعياً، وأن العشر يعمل بما يزيد عن 60 ساعة في الأسبوع. وأن ثلثي عددهم يشعر -باستمرار- أنه تحت ضغوط.

إن المال لا غنى عنه؛ ولكن الكثير من الناس ببساطة يكسبون كثيراً من المال لكي يدفعوا رواتب لأناس آخرين مقابل إدارة شئون حياتهم وتمكينهم من البقاء في عملهم؛ فإذا كنت تستأجر أشخاصاً لتنظيف المنزل ورعاية الحديقة ورعاية أطفالك؛ فقد حان الوقت لكي تفكر في مدى أهمية وقيمة وظيفتك بالنسبة لك.

فبدونها ما كان لك أن تستخدم هؤلاء، عليك بكل الوسائل أن تستخدم أناساً بالأجر لكي يفعلوا لك الأشياء التي لا ترغب أنت في القيام بها بنفسك؛ ولكن عليك في الوقت نفسه ألا تحرم نفسك من الاستمتاع بالحياة مقابل العمل لساعات طويلة.

وطبعاً هذا في أوروبا وأمريكا والدول المتقدمة؛ ولكن في مصر والدول النامية قد يعمل الشخص أكثر من 72 ساعة أسبوعياً، وقد يداوم الشخص في وظيفة أو اثنين أو ثلاث فقط ليسد احتياجاته واحتياجات عائلته، وقد لا تكفي.


تقول بعض الدراسات الاجتماعية إن العمل بإفراط لساعات طويلة بشكل مستمر، هو بالفعل مؤشر فشل. إن من يفعل ذلك يضيع جوانب أخرى من حياته بدلاً من العمل بشكل إبداعي؛ فلكي تظل مبدعاً بشكل حقيقي، ولكي تستمع بما تفعله؛ فمن الضروري أن تحدد عدد ساعات العمل وتلتزم بها، وأن تتوقف عن العمل عندما تنتهي ساعات العمل اليومية.

إن هؤلاء هم الناجحون والسعداء حقاً؛ مقارنة بمن يهتمون فقط بجمع المال ويعودون إلى منازلهم، ويقضون وقتاً مع أسرهم، ويخرجون للتنزه والاستمتاع، ويمارسون الأشياء التي يحبونها، ويحصلون على إجازات، ويضحكون ويتقابلون مع أصدقائهم.

وهذا التدريب سيساعدك أن تنظر إلى حياتك وأن تنظر إلى مقدار ما يحتلّه العمل فيها:


كن موضوعياً واطرح على نفسك هذه الأسئلة:


1- هل أعمل لساعات طويلة أم قليلة؟
2- هل أكسب مالاً كثيراً؛ ولكني أشعر بعدم السعادة أو أشعر بضغوط؟
3- هل أنا بحاجة إلى كسب مزيد من المال ولكني لا أعرف كيف أفعل ذلك؟
4- هل حياتي العائلية والعملية ليست متوازنة؟
5- هل أشعر بكراهية واستياء من الذهاب إلى العمل؟
6- هل أشعر أني مجبر على وظيفتي بسبب مسئولياتي المالية؟

إن أجبت بنعم ولو لسؤال واحد من تلك الأسئلة؛ فأنت بحاجة إذن إلى إعادة النظر في حياتك العملية، وفي حاجة أيضاً إلى أن تقرر إذا كان الوقت قد حان لعمل تغييرات أم لا؟

ما الذي تحتاج إليه لكي تتغير
حدد الآن الأشياء المتعلقة بعملك؛ والتي تحتاج إلى أن تتغير؛ فإن كنت تحب عملك ولكنك تكره العمل لساعات طويلة أو تكره الشركة التي تعمل بها؛ فربما تحتاج حينئذ إلى أن تترك هذا العمل.

حدد أيضاً مسئولياتك والتزاماتك وخاصة المادية، وتلك الأشياء المطلوب منك تقديمها لنفسك أو لأفراد آخرين في أسرتك.

وإن كان الذي تريده هو الحصول على ترقية أو زيادة في الراتب؛ فأنت بحاجة إذن إلى أن يلحظك من يتخذ هذه القرارات.

ابذل جهداً إضافياً لاستخراج أفكار عظيمة، واجعل إسهاماتك -سواء مكتوبة أو منطوقة- لامعة ومباشرة وفعالة، افعل شيئاً مختلفاً؛ كأن تمارس هواية قديمة أو تعمل عبر الإنترنت أو تتعلم مهارة جديدة تفيدك بعملك.

من الممكن أن تتغير وتعدل طريقة عملك، وربما تكون التغيرات التي تحتاج إلى فعلها كبيرة وليست صغيرة، وربما يكون قد حان الوقت لعمل تغيير كامل بالحياة المهنية؛ بمعنى التحول من حياة عملية بعينها إلى حياة عملية أخرى.