عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 29
خطوات نحو التميز
لكن ما هو التميز؟ وماذا نقصد به؟
الحقيقة أن الإجابة على هذا السؤال تعتمد بشكل كبير على الشخص نفسه، لأن معاني مثل هذه الكلمات (التميز، النجاح، التفوق…) تختلف باختلاف من يستخدمها. وهذا الاختلاف ليس مشكلة. لكن من الضروري أن يجيب كل واحد منا عما يعنيه بالنسبة له التميز.
والتميز بالنسبة لي يكمن في التوصل إلى معرفة أبرز نقاط القوة في شخصيتي والسعي نحو تعزيزها وتطويرها وتوظيفها بحيث تصبح أقوى و أكمل ما يمكن، والتعرف على نقاط الضعف والسعي نحو تحييدها وتقليل فرص تأثيرها قدر ما يمكن. وللتميز مستويات عدة، ويمكننا إجمالها في ثلاث:
التميز على مستوى علاقتي بالله عز وجل
التميز على مستوى علاقاتي مع ذاته
التميز على مستوى علاقات بالآخر
فالمستوى الأول يحقق لي رضا الله عز وجل، والثاني يؤدي بي إلى تحقيق السعادة الداخلية والاطمئنان النفسي والتوافق الاجتماعي، والثالث يهدف إلى إسعاد الآخرين.
بعد هذه المقدمة البسيطة، دعونا نتساءل:
- هل باستطاعة أي منا أن يكون متميزاً؟
- كيف يمكننا الكشف عما نمتلكه من إمكانات متميزة؟
- وما الذي يمنعنا من تحقيق الإبداع أو التميز؟
ليس المهم أن تجيب الآن، ولكن خصص لنفسك وقتا واستعرض فيه هذه الأسئلة وحاول أن تتوصل إلى أجوبة واضحة عنها.
واحذر أن تجعل منها (الأسئلة) مدخلا للشك في إمكاناتك وقدراتك على التميز. وعليك أن تكون متأكدا ومتيقنا من أن كل إنسان يستطيع أن يكون مبدعا ومتميزا، ذلك أن الله سبحانه وتعالى خص هذا الكائن بملكة العقل وميزة الفكر، وهو مدعو لإعماله وتوظيفه لما من شأنه أن يكفل له الحياة السعيدة الناجحة في هذه الدنيا والفوز والنعيم في الآخرة.
طيب، إذا اتفقنا على ما سبق تنتصب أمامنا أسئلة جديدة:
كيف يمكن للشخص أن يكتشف امتلاكه لإمكانات متميزة؟
كيف لإنسان أن ينمي هذه الإمكانات و يطورها ؟
أولى الخطوات على درب التميز
نزل أحدهم من بيته، ووقف بالشارع، وهو في كامل أناقته وحسن هندامه، وعلى أتم الاستعداد للانطلاق. أشار على سيارة أجرة، وبالفعل لم تمر بضع ثواني حتى توقفت أمامه إحداها. فتح الباب وركب السيارة، نظر إليه السائق في أدب و احترام، و سأله: إلى أين تريد الذهاب يا سيدي؟
صمت صاحبنا برهة غير قصيرة ولم ينبس ببنت شفة، والسائق ينتظر وعندما طال انتظاره، سأل الراكب مرة أخرى و قال له: عفوا أين تريد أن نتوجه يا سيدي؟
رفع الراكب رأسه وتنحنح وكأنه يبحث عن صوته ولمع في عينيه حيرة محبطة ملأت المكان و قال: …. لا أدري.
لم يصدق السائق نفسه و قال: ماذا؟ لا تدري إلى أين تذهب؟
جاء رد الراكب خجولا مهزوزا: نعم.
سؤالي لك أخي القارئ: ماذا كان سيكون رد فعلك لو كنت أنت هذا السائق؟ هل ستطرد الراكب من سيارتك؟ هل ستشكك في قواه العقلية؟ هل ستنتفض ضده صارخا في وجهه محتجا على الوقت الذي أضاعه منك؟ ماذا أنت فاعل؟
مهما يكن رد فعلك، فلا أظنك ترضى أو تقبل بسلوك ذلك الراكب.
هذه حقيقة، كلنا لا ولن نرضى عن مثل هذا السلوك من الضياع والحيرة.
ولكن هل سألت نفسك: أين تريد أن تذهب بحياتك أنت بعد خمس أو عشر سنوات من الآن؟
هل عندك وجهة تولي وجهك شطرها؟
هل تعرف إلى أين تقود خطواتك؟
وأي مرفأ سترسو عليه سفينتك؟
هذه الأسئلة قد تكون غريبة بعض الشيء على البعض منا، ربما لم يسبق له أن طرحها على نفسه، ولكنها أسئلة مهمة جدا حتى لا يكون المرء في حياته مثل ذلك الراكب التائه الذي لا يدري أين يذهب.
إن أول خطوة نحو التميز، بل من أهم خطوات النجاح على الإطلاق أن يحدد الإنسان رسالته وهدفه في الحياة، وبدون ذلك تصبح الحياة ضربا من العبث.
ولنا في سيرة نبينا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه خير قدوة ونموذجا، فلقد كانت له صلى الله علية وسلم رسالة وهدف في الحياة، يمكننا تلخيصها فيما عبر عنه الصحابي الجليل ربعي بن عامر: ابتعثتنا الله لنخرج من شاء عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة
أن الإنسان يبدأ بتحديد رسالته في الحياة وماذا يريد أن يحقق قبل أن يلقى ربه فمعرفة الرسالة في الحياة تجعل الإنسان يبدع الكثير من الطرق التي تساعده في تنمية إمكاناته وتسهل عليه الاختيار بين سبل الكفيلة للتطوير الذاتي وتنمية المهارات والقدرات.
طرق عملية لشحذ العزيمة:
إن تركيزنا على وضوح الرؤية والرسالة (سنتطرق في حلقات مقبلة لكيفية وضع الرؤية والرسالة) عند الإنسان تعمل كشاحن مستمر لعزيمته وتقوية إرادته، ولكن قد تحول دون تحقيق ذلك بعض العوائق فالتشتت وعدم التركيز أو حتى الملل قد يعوق التوصل لهذا الهدف، والعلاج الناجع بعد الدعاء واللجوء إلى الله يكمن في الإجراءات التالية:
1- خصص لنفسك وقتا مناسبا تخلو فيه لذاتك في جلسة هادئة صافية تخلو من المقاطعات والمشوشات.
2- احرص على اختيار المكان المناسب الذي ترتاح فيه أكثر (حديقة، بحر، موسيقى هادئة، ….)
3- أغمض عينيك و تخيل كما لو أنك حققت هدفك أو الإنجاز الذي تريد بالشكل و التميز الذي تريد
4- استحضر المشهد و كأنه فلم يمر أمامك بكل ما فيه من أصوات و صور شاهد نفسك وكل من تحتاج أن يكون معك من ناس أو أحداث أو أماكن حتى تشعر فعلا بالتميز و الإنجاز في أكمل صوره
5- استشعر الأمر و كأنه يحدث الآن و عشه و تمتع به
6- كرر الخطوات السابقة بشكل منتظم كل يوم أو أسبوع مثلا
والعجيب في مثل هذه الطرق العملية أنه بعد فترة سوف تشعر أن بطاريتك الإبداعية شحنت، وطاقتك ورغبتك في التغيير والتميز ارتفعت، وهذا لن يتأتى إلا بالمداومة والتكرار، لا تعتقد أن جلسة واحدة عقب قراءتك هذا المقال كافية لتحقيق ذلك، بل ضع لنفسك برنامجا لتطوير ذاتك وصقل مواهبك وتنمية قدراتك وحافظ عليه.
المفضلات