كريستين غيمور

في أغسطس الماضي، أعلنت شركة آيس هاردوير الأمريكية المشغّلة لسلسلة متاجر تجزئة نتائج دراستها حول الريادة entrepreneurship، ومع هذا الإعلان فإنّها تمنح مزيداً من الأمل إلى براعم الروّاد وتخلّصهم من الوهم المنتشر الذي يجعل التعليم الأكاديمي الرسمي في مجال الأعمال شرطاً لازماً.

من بين روّاد الأعمال الصغيرة الخمسمئة الذين شملتهم الدراسة كان نحو 79 بالمئة يحملون على الأقل شهادة كلّية جامعية، وبالرغم من ذلك نجد أن سبعةً في المئة وحسب من أفراد العيّنة كانوا يرون التعليم الأكاديميّ العالي في تسيير الأعمال أو في التمويل شرطاً لازماً.

الميزات الأخرى التي حقّقت حضوراً معتبراً في قائمة آراء المستطلعين حول العوامل الرئيسة في نجاح الروّاد تتابعت تنازلياً على النحو الآتي: الجلد، الاندفاع الداخلي، الثبات، الذكاء، الإحساس الفطري الفائق، والشغف.

يختلف الخبراء في تحديد أكبر الميزات أهميةً للنجاح الرياديّ. فعلى سبيل المثال، في لائحة التقييم الذاتي التي تقدّمها إدارة الأعمال الصغيرة الأمريكية للناس كي يروا كم لديهم من مقوّمات أن يصبحوا أقطاب مالٍ وأعمال في المستقبل، نجد أنّ من ليس لديهم خطة يكاد يستحيل عليهم تحقيق درجة عالية، وذلك على حد قول جيم أوكونور مدير شبكة التدريب في الإدارة المذكورة.

ولائحة التقييم هذه التي يتمّها أكثر من 300 ألف شخص كل سنة تعتبر قيمةً كبيرةً أيضاً لمدى اعتبار مؤسّسي الشركات المحتملين أنفسهم عصاميّين مبادرين "self-starters" ولما لديهم من خبرة أو معرفة في مجال العمل الذي يدخلونه.

وتقول روندا إبرامز الكاتبة المتخصّصة وصاحبة شركة استشارات التخطيط المقدّمة لروّاد الأعمال:

"معظم الناس الذين يبتدؤون الشركات الجديدة ليس لديهم أيّ خلفية في التمويل أو المحاسبة أو الميزانيات. وإنّما لديهم خلفية جيّدة في المنتج أو الخدمة التي يعتزمون تقديمها".

وتقول: إنّ قدراً معيناً من التفهّم للأساسيات هو مطلبٌ ضروريّ وكافٍ حتّى يمكن لرائد الأعمال التعامل مع أمور المحاسبة وحساب الربحية، ولكن عندما يصل الأمر إلى الأعماق والتفاصيل المستعصية فإنّ رواد الأعمال سرعان ما يكتشفون الحاجة التي لا مفرمنها إلى تعلّم بعض الأشياء والتعاقد مع من يتولى بعضها الآخر.

يختلف الخبراء على الخصال الجوهرية اللازمة لنجاح رائد الأعمال، ولكن هل تعرف ما هي الخصال التي يجمع على أهميتها الخبراء والروّاد الممارسون. فيما يلي الإجابة بلسان رائدة أعمالٍ ممارسة أطلقت بنجاح شركاتٍ عديدة على الإنترنت.

الخصال السبع الأساسية لدى كل روّاد الأعمال الناجحين:
أن تكون رائد أعمال يعني أكثر من ابتداء شركةٍ أو شركتين، إنّه يعني امتلاك ذهنية النجاح والريادة، واتقاد الاندفاع الداخلي إلى النجاح. قد تختلف المنتجات والخدمات التي يريد كلٌ منهم تقديمها ولكنّ كل روّاد الأعمال يتشابهون في طريقة التفكير، ويمتلكون خصالاً مشتركة جوهرية هي التي تؤهّلهم لاحتلال مواقع النجاح الرفيعة.

إنّ شغفهم الأشدّ وطموحهم الأقوى هو إنجاح شركاتهم وتنميتها وليس حيازة الشهادات من أرقى الجامعات، ولا حيازة المعرفة التقنية في مجالٍ معيّن. إنّهم يشتركون في الخصال السبع التالية:

1- الدافع الداخليّ الذاتيّ للنجاح:
يندفع الروّاد نحو النجاح وتوسيع أعمالهم اندفاعاً ذاتياً ينبع من الداخل ويتجه إلى الداخل. إنّهم يرون الصورة الكاملة أمامهم ويضعون لأنفسهم أهدافاً هائلة ويبقون ملتزمين بتحقيقها مهما كانت العوائق.

2- الإيمان المتين بأنفسهم:
يمتلك الروّاد الناجحون تصوّراً صحّياً عن ذواتهم، وكثيراً ما تجد لديهم قوةً واعتداداً بشخصياتهم. لدى الروّاد تركيز واضح وثابت على غاياتهم الكبرى ولديهم ثقةٌ لا تهتز بقدرتهم على بلوغها. وعندما يعتبر بعض الناس الرائد شخصاً مغروراً أو متعجرفاً بسبب تفاؤله الدئم وثقته الكبيرة بنفسه فإنّنا نراه في غمرة تركيزه على أهدافه لا يعبأ بمناقشة الانتقادات غير المفيدة في تقريبه من غايته المنشودة.

3- السعي وراء الأفكار الجديدة:
يشترك كل الروّاد في امتلاء نفوسهم باندفاع جارف نحو تحسين قيامهم بالمهمّات. إنّهم لا يتوقّفون في أي حال عن التفتيش عن طرقٍ جديدة لتطوير أنفسهم ولتحسين منتجاتهم وخدماتهم. إنّهم مبدعون يحسنون استخدام ثروات مواردهم الداخلية.

4- الانفتاح على التغيير:
لا يضيّع الروّاد مواردهم وأوقاتهم في صراع العقبات الداخلية ومحاولة القيام بما لا ينبغي القيام به. عندما يرون الأداة أو الأسلوب الذي يعتمدونه غير صالح فإنّهم لا يتردّدون في التغيير. ومع مواكبتهم الدائمة لأحدث المستجدات في مجالاتهم فإنّهم مستعدّون دوماً لاغتنام الفرص الجديدة. إنّهم يدركون أهمية البقاء في طليعة صناعاتهم، ويدركون أن التغير والتطور مع الزمن هو الوسيلة الوحيدة للبقاء في ذلك الموقع.

5- مخلوقون للمنافسة:
المنافسة لا تخيفهم بل هي مطلوبهم. إنّها الهواء الذي يؤجّج نيران نشاطهم. الطريقة الوحيدة لتحقيق أهدافهم والعيش وفق معاييرهم الرفيعة التي يلزمون أنفسهم بها هي التنافس مع كبار الناجحين.

6- الاندفاع القوي والطاقة المتجدّدة:
لا يملّ الروّاد ولا يكلّون عن الحركة والنموّ، ممتلئين بالطاقة ومندفعين اندفاعاً إيجابياً تولّده محركات داخلية لا ينضب وقودها أبداً. عندما ينظر المرء إلى الغايات البعيدة والمعايير الرفيعة الاستثنائية التي يلزم كثيرٌ من الروّاد أنفسهم بها يقول لنفسه: حقاً، كيف يمكن مواصلة هذا الطريق الشاق من دون اندفاع ذاتي استثنائي؟

7- تقبّل الرفض والنقد البنّائين:
بما أن الرواد المبتكرين يتصدّرون الطليعة في مجالاتهم ويحاولون القفز إلى الأمام دوماً فإنّهم كثيراً ما يسمعون التعليقات الرافضة أو المصحّحة لاقتراحاتهم "لا! لا يمكن، هذا خطير، هذا مستحيل الآن..".

فتراهم يتجاوبون بسرعة مع النقد البنّاء المفيد لتنفيذ خططهم فيعدّلون مساراتهم، وتراهم يصمّون آذانهم عن غير ذلك من النقد العبثي المشتّت للأفكار المفتّت للعزائم. وبما أن الروّاد الحقيقيّين يدركون أنّ المشكلات والعقبات جزء من أيّ عملٍ طليعي فإنّهم يندفعون إلى التعامل معها تعاملاً طبيعياً غير متأزّم.

روَّاد الأعمال الحقيقيّون كشافة طليعيّون، ولذلك تراهم مستعدّين لتلقّي صدمات المواجهة قبل كل الناس وأكثر من كلّ الناس. بل إنّ العظام منهم مستعدّون لأن يكونوا الأضحوكة وموضع التندّر والسخرية وهم يفتتحون طرقهم الخاصة ويتهيّؤون لغزو المستقبل.

أسماعهم تصغي لنداء الآفاق الجديدة، وأبصارهم ترنو للغايات البعيدة، وأفكارهم وجوارحهم مشغولة بالسعي في تحويل تلك الرؤية المضحكة إلى واقع مذهل