هل يتصور أحد أن هناك من يخشى الحرية ويُغلق دونها باب قلبه! ؟

للأسف كثر هم من يخافون الحرية ويحذرونها
وذلك لأنها تضعهم وجها لوجه أمام اتخاذ القرار وتحديد المصير .

كثر ـ ويا للعجب ـ يرهبون النجاح والتفرد ، ويركنون إلى حائط الدعة والخمول طلبا لهدوء نسبي .

فللنجاح متطلبات ودوافع وتكاليف ، وللحرية ضريبة .

وليس كل البشر قادرين على تحمل تلك الضرائب والتكاليف .

هناك من يرهب النجاح خوفاً من أن يرفع هذا النجاح طلباته وتوقعاته من نفسه
وكذلك طلبات وتوقعات المحيطين به منه.

وهناك من يخشى الحرية لأنها تزيد من إحساسه بالمسؤولية ، وتُحمله تبعات قراره .

وليس هناك أدل على ذلك من ذهاب كثير من العبيد الذين حررهم ( إبراهام لينكولن)
ـ محرر العبيد في أميركا ـ إلى سادتهم طالبين الرق ، رافضين حياة الحرية !! .

وذلك لأنهم قد تعودوا على الحياة بدون فاعلية ،
بل هناك من لم يتخذ طوال حياته قرارا واحداً ، حتى وإن كان بسيطاً هيناً .

والحرية كما يُطلق عليها الأديب الأيرلندي جورج برنارد شو هي ( مرادف للمسئولية )،
ولذلك يفزع منها معظم الناس.

نعم ..إنها المسؤولية أيها القارئ الكريم ما يخشاه كثير من الناس ،
فإن من يتحملون تبعات قرارهم في شجاعة ،
ويقفون بشموخ أمام تيارات الحياة المختلفة بحلوها ومرها هم فقط الأحرار.

فلا يتملكك العجب إذن حينما ترى صديقك لا تحركه حماسة شديدة
رغم ما يملك من موهبة أو قوة ما ، فإنه يرهب الحرية والنجاح .

ولا تعجب كذلك حينما ترى إنسان متواضع في قدراته ،
لكن باله لا يهدأ أو يستقر أمام جموح طموحه الشديد ، فإنه حرٌ من صُلب أحرار .

ما أريد قوله ... أن بيننا مبدعين وعباقرة ، لكن قلوبهم راضية بقيود الرق والاستعباد ،
لذا لا يسمع بهم أحد ، ويموتون في صمت .

وعلى الجانب الآخر هناك بسطاء أحرار ، يسمع بهم العالم ،
ويسطرون بجرأتهم وإقدامهم أسمائهم في سجل التاريخ .

فكن حراً ، مقداماً ، مبادراً . أخبر قلبك أنه حرٌ ، لا يعرف الضيم أو الاستعباد .

ولا تخشى من اقتحام الصعب ، أو منازلة المستحيل ، فلا مستحيل أمام الأحرار .


إشراقه :

معروف في تاريخ الرجال أن الهمم الكبيرة تدوخ أصحابها
وأن القلوب الحية تكلف الأجساد ما لا تطيق .(محمد الغزالي)