أعلم أنك تحمل أفكار ممتازة وأكثر من رائعة , تكفى بأن تجعلك تحيا حياة عظيمة , لكن في نفس الوقت فإني ألمح بأنك عندما تخطط لتغيير سلوكك السلبي وكلنا كذلك , سرعان ما تنهار وتفقد تركيزك وتقوم بعمل أشياء جنونية دون تفكير , فيضيق صدرك ممّا قد يؤثر على حياتك بشكل أو بأخر , ومن الممكن أن تكون جميع السُبل لديك مشجعة , فلا مشاكل مادية ولا اجتماعية ,وتملك جميع مقومات النجاح والتفوق , ولكن المشكلة التي تعانى منها تكمن في نفسك , وكأنها غريبة عنك , فتهددك وتجرك إلى القاع .
فأول ما يمكن لمسه من خلال هذه الكلمات السابقة هو أن همتك عالية , وصاحب الهمة لا يرضى بالدون , وصاحب نفس تواقة تتوق إلى تحصيل معالي الأمور , ولذلك تجد من نفسك ألماً وحزناً على حصول مثل هذا التأخير الذي يقع لها , نعم فأنت تتألم بسبب همتك العالية , وبسبب حرصك على تحصيل أفضل الأمور وأحسنها , ثم إذا ما شحثت همتك لنيل هذه المناصب المرموقة تشتت ذهنك وأحسست بالإخفاق , فيزداد عليك الألم وتشعر وكأنك تائه تريد أن تفرج عن نفسك فتفرغ إلى عمل هذه السلبيات كتعبير عن هذا الألم الدفين الكامن داخلك , فقد بان لك من خلال هذا التحليل طبيعة الوضع الذي تمر به والذي تعانى منه وأغلبنا يقع في مثل هذا الأمر , أليس كذلك؟
فإن قلت :فما هو الحل لهذه المشكلة العصيبة التي من الممكن , بل من المؤكد ستثبطتنى مدى الحياة ؟ وكيف الخروج من هذا الأمر ؟
أقول لي ولك ولجميع من يُعانون من هذا الضعف , بأن الحل موجود والمخرج أمامك , بابه مفتوح على مصراعيه ينتظر أن تدخل فيه , وهى في نفس الوقت خطوات سهلة ميسورة , وستجد بعون الله " عز وجل " في نهايتها أنك ستخرج من كل هذه المعاناة التي تعانى منها الآن .
ابدأ بداية عظيمة جليلة .
وذلك باللجوء إلى الله , وإنزال حاجتك بربك , ألست تريد صلاح دينك ودنياك ؟ ألست تريد الهدى والسداد في الدنيا والآخرة ؟ ألست تريد سعادة الدارين ؟ إذاً فعليك بالتوكل على الله وطلب ذلك منه , وذلك بقوة الاعتماد عليه من جهة , وبتحصيل مرضاته والتقرب إليه من جهة أخرى , فإن فعلت ذلك فقد تم الخير لك من جميع نواحيه , نعم فالقلب الملئ بالاعتماد على الله تعالى والتوكل عليه , والمليء بخشيته والإنابة إليه هو قلب ثابت راسخ كالجبل لا يتزعزع من مكانه , ونفسه نفس ثابتة عند الملمات , منشرحة في جميع أوقاتها , وهذا هو عين الثبات ورباطة الجأش .
ثق بنفسك .
بأن تبدأ في تحقيق أهداف قريبة يمكنك أن تحققها , فلا تبدأ بأهداف بعيدة أو أمور صعبة , ولكن ابدأ بداية سهلة , وخذ نفسك خطوة بخطوة , فهيئ لنفسك هدفاً قريباً يمكن تحصيله ثم اسعي فيه حتى تحصله , فبهذا الأسلوب يقوى لديك جانب الثقة في النفس , وتدفع ما قد يقع من الوهم في ضعفها , لأنك في الحقيقة صاحب نفس قوية , وإنما المطلوب تعزيز الثقة في هذه النفس بهذا الأسلوب , فتدبر هذا المقام عزيزى وتأمله جيداً .0
صاحب الأخيار والصالحين .
فإن للصحبة تأثيراً عجيباً على الفرد , والناس مجبولون على الاستفادة والتشبه ببعضهم البعض كأسراب الطيور , والصاحب ساحب كما يقولون , فإما أن يسحبك معه في الحضيض , وإما أن يرفعك معه إلى أرقى وأعلى الأشياء , نعم فإن الطبع يأخذ , فاجعل طبعك يأخذ كل ما هو خير من الأخلاق والقيم النبيلة .
خذ نفسك بالتدرج .
فليس المطلوب أن تتخلص من كل الأخطاء جملة واحدة , ولكن شيئاً فشيئاً يحصل المقصود , وتبلغ المسير , فتدرج ولاطف نفسك وابدأ بالأهم فالمهم , وحسبك أن تكون في يومك خير من أمسك , وأن تكون في غدك – إن شاء الله تعالى خير من يومك