الذكاء

يعتبر الذّكاء من أهمّ موضوعات علم النّفس الّذي نال اهتماما كبيرامن طرف المختصّين
، و هذا لأهميّته كقُدرة عامة تساعد على التّحصيل الدّراسي
و النّجاخ المهني و الإبتكار
و حلّ المشكلات و التكيّف مع متغيّرات المحيط.

و قد كان موضوع بحث و دراسة منذ بداية القرن،

و أُنشئت عدّة مقاييس لقياسه و تحديد مستوياته و مجالاته
و لهذا نجم هناك اختلاف كبير في مفهو الذّكاء، فماذا يُقصد بالذّكاء؟

قد يعني الذّكاء عدّة أشياء لدى العامّة فهو النّجاح في الدّراسة أو القدرة على التكلّم بفصاحة و طلاقة، و قد يعني السّرعة و الوضوح في التّفكير أو التّعامل مع الرّموز المجرّدة، أو ابتكار أعمال أو أشياء جديدة أو الفوز في لعبة الشّطرنج و غير ذلك،
و قد تعدّدت تعاريف الذّكاء بتعدّد المختصّين فيه، و من بين هذه التّعاريف
نجد تعريف شترن الّذي قال أنّ الذّكاء هو القدرة على التكيّف العقلي
مع مشكلات الحياة و ظروفها الجديدة
، و بينيه يوضّح بأنّ الذّكاء هو القدرة على الفهم و الإبتكار و التوجّه الهادف للسّلوك و النّقد الذّاتي،
أمّا ويكسلر فيُعرّف الذّكاء بالقدرة الكليّة لدى الفرد على التصرّف الهادف
و التّفكير المنطقي و التّعامل المجدي مع البيئة، و يقول ستانفورد بأنّ الذّكاء هو خاصيّة لسلوك الفرد، و هي خاصيّة ثابتة نسبيا مرتبطة بقدرة الفرد على الإستجابة بنجاح كبير في المشكلات الإدراكية و المعرفية و اللفظية
. و اخيرا يرى جولفين بأنّ الذّكاء هو القدرة على تعلّم التكيّف مع البيئة.


إنّ هذه التّعاريف تعتبر عددا قليلا من عدد كبير من التّعاريف التّتي اقتُرِحت و يمكن أن نلاحظ أنّ التّعاريف السّابقة تؤكّد اتّجاهات معيّنة في تعريفها للذّكاء.
فالتّعريف الأوّل يؤكّد اتّجاه التّوافق مع البيئة،
و الثّاني يؤكّد اتّجاه القدرة على التّفكير
و الثّالث يؤكّد اتّجاه الوظائف السّلوكية
، أمّا الرّابع فيؤكّد الإتّجاه الإجرائي القياسي
و أخيرا الخامس الّذي يؤكّد اتّجاه القدرة على التعلّم.
و تجدر بنا الإشارة إلى أنّه ليس بالضرّورة أن يكون أي واحد منها صحيحا أو خاطئا إنّما يمثّل كلّ منها اتّجاها معيّنا.
و لم يتوقّف اختلاف علماء النّفس عند تعريف الذّكاء فقط
و إنّما اختلفوا أيضا حول مفهوم الذّكاء، فعندما نتحدّث عن الذّكاء هل يُقصد به قدرة عقلية واحدة أم يُقصد به أنواع مختفلة من القدرات؟
هل هو قدرة عامّة تظهر نفسها في أشكال و مواقف مختلفة؟ أم هو قدرة خاصّة؟
و من الملاحظ أنّ هناك بعض الأفراد خطباء ماهرون، لكن يعجزون عن إجراء أبسط العمليّات الحسابية و أنّ هناك بعضا آخر بارع في الرّياضيات لكن يعجز حتّى عن ربط خيوط حذائه.

لقد أدّى هذا الإختلاف إلى إجراء عدّة دراسات و تحاليل عاملية حول كيفيّة تنظيم القدرات العقلية، و توصّل العلماء إلى صياغة عدّة نظريّات منها: 1)نظريّة العاملين
2)نظريّة العوامل المتعدّدة
3)نظريّة التّنظيم الهرمي
4)نموذج التّنظيم العقلي.
و قد وضع السيكولوجيون المعاصرون عدّة اختبارت أو رواكز لقياس ذكاء الأطفال في مختلف العمار
، و كذلك قياس ذكاء الراشدين أو الأكبار،
و ذلك لعدّة أغراض من أهمّها معرفة نسب توزيع الذّكاء في المجتع
و اكتشاف حالات الضعف العقلي و التفوّق العقلي أيضا لدى الأطفال،
و نجد من بين اختبارات الذّكاء
اختبار بينيه و هو أوّل اختبار للذّكاء شاع استعماله والّذي وضعه سنة 1905
و تضمّنت الصّورة الأصلية منه 30 سؤالا لقياس ذكاء الأطفال، و تدور هذه الأسئلة حول مواضيع مثل التّمييز بين قطعة خشب و قطعة شكولاته،
تكرار ثلاثة أرقام، تكرار جملة،
رسم أشكال من الذّائرة ، بيان أوجه التّشابه.
..إلخو قد عدّل هذا الإختبار سنة 1908 حيث أعاد بينيه ترتيب الأسئلة حسب مستويات الأعمار
، و أضاف أسئلة جديدة رأى أنّها أكثر دلالة في قياس الذّكاء
و بدأ يحسب نتائج الإختبار حسبما سمّاه بالعمر العقلي
والذى يُعبّر عن مستوى الذّكاء
. و في سنة 1911 أجرى تعديلا آخر على الإختبار
حيث أعاد ترتيب الأسئلة و وحّد عددها في كلّ مستوى عمري.
كما أضاف 5أسئلة لمستوى 15سنة
و 5أسئلة لمستوى الرشد
و هكذا أصبح الإختبار يتكوّن من 54 سؤالا.

و نجد كذا اختبار ويكسلر و الّذي وضعه سنة 1939،
و هو ينقسم إلى جزئين: جزء لفظي
و آخر أدائي
و يعتبر تطبيق هذا الإختبار سهلا حيث يحصل المفحوص على درجة منفصلة في كلّ اختبار جزئي يتمّ تحويلها إلى درجة معيارية
، يمكن الحصول على ثلاث نسب للذّكاء من جدول المعايير و هي
: 1) نسبة ذكاء لفظية
2)نسة ذكاء أدائية
3) نسة ذكاء كليّة.