ي معرض كتابه المعنون: الصغير هو الكبير الجديد أو small is the new big يعرض المؤلف سيث جودين نصائح للمدير، وهي ألا يكون مهرجا! على أن تعريف سيث للمهرج هو ما سيوضح الحكمة من وراء هذه النصيحة، ويبدأ فيقول: ...



1 – المهرجون يتجاهلون العِلم
يقاس نجاح المهرج بكم الحركات اللا عقلانية التي يحاول تأديتها أمام الجمهور، سواء حشر 16 من الفيلة في سيارة صغيرة، أو تحدى الجاذبية الأرضية. كلما تمادى المهرج في عمل أشياء تتحدى العقل والمنطق، كلما زاد استحسان الجمهور له.
في عالم الشركات، تجد المدير مستمرا في استخدام وسائل تسويق لا تجلب له الربح، وتجده يتجاهل التغيرات الطبيعية الحادثة في صناعته وتجارته، مثل تحول المشترين من سلعة إلى أخرى بسبب التقدم التقني أو تحول الأذواق.
شركة كوداك فعلت ذلك حين تجاهلت تحول المصورين من الكاميرات التقليدية ذات الفيلم إلى الكاميرات الرقمية، وبسبب هذا التجاهل خسر الآلاف من موظفي كوداك وظائفهم، وربما خرجت كوداك من هذا المعترك بالكامل ذات يوم ما.
يرفض المهرج الاستماع إلى صوت العقل، ويرفض قبول الأمر الواقع من حوله، وهذا يجدي فقط في عالم المهرجين!



2 – المهرجون لا يخططون للمستقبل
يضحك المتفرجون على المهرجين حين يصطدمون بجدار صلب، أو حين يجرون بسرعة للحاق بسيارة سريعة رحلت من دونهم.
ربما كان الجنس البشري هو الوحيد الذي يمارس عادة التخطيط للمستقبل، رغم ذلك تجد الناس ينزلقون للديون عبر استخدام بطاقات ائتمان تزين لهم إنفاق أكثر من دخلهم، وتجدهم يبقون في وظائفهم دون تفكير في تحسين حالهم، زاعمين أنها وظيفة لمدى الحياة وأن الشركة لا يمكن أن تخسر وتصرف موظفيها.
طريقة التفكير هذه، وعدم التخطيط للمستقبل، هو ما يبرر العدد الكبير لقضايا عدم السداد في الوقت والتخلف عن الديون، وزيادة نسبة العاطلين.



3 – المهرجون يبالغون في تفاعلهم مع الأخبار السيئة والجيدة
كم مرة شاهدت مهرجا يرتعش من شدة الألم بسبب أن شوكة صغيرة قد لمست يده، أو يضحك بطريقة هستيرية لأن أحدهم أعطاه بعض الآيس كريم؟
ما أن تخرج بعض التقارير الأولية تتحدث عن بعض العيوب في منتج ما، حتى تجد الشركة المصنعة تغلق القسم الذي صنعه وتصرف العاملين فيه وتعتذر عن ذلك، أو شركة أخرى حقق لها منتج ما مبيعات كبيرة غير متوقعة، حتى تجد خطط توسع جبارة قد وضعت حيز التنفيذ وبدأ توظيف جيوش من العاملين لاستغلال هذا النجاح الذي قد يكون مؤقتا أو حدث لسبب غير متوقع وقد لا يتكرر.




4 – المهرجون يتعاملون بخسة مع بعضهم البعض
كلما دبر المهرج لزميله المقلب الشديد، كلما ارتفعت ضحكات الجمهور، وهذا بدوره يدفع جميع المهرجين لتكرار الأمر.
يصعب أن تجد مديرا في شركة يهتم فعلا للعامين معه، ويندر أن تجد فريق عمل متجانس يخلو من الأنانية والخيانة، في حين يسهل أن تجد التركيز على تحقيق أكبر قدر ممكن من الدرهم والدينار، وإنزال الخسائر بالمنافسين، وترقي الرقاب ولو بطرق خسيسة.
رغم كل العبارات المنمقة لرؤية وسياسة الشركة والإدارة، لكن الروح العامة السائدة فعليا عادة ما تكون: أنت موظف غبي لا يفهم شيئا لأنك لست المدير، ويتكرر الرد بأنه إذا أصبحت مديرا ذات يوم ساعتها نفذ هذه الأفكار الغبية التي تأتي بها.
إذا كنا لنحارب هذه الصفات التي يشتهر بها المهرجون، فعلينا توفير أنف حمراء مثل تلك التي يستخدمونها، لنضعها حين نجد تصرفات المهرجين تسود في الشركة.
الأنف الحمراء ستعمل ساعتها بمثابة جرس إنذار.
تخيل لو أنك مدير جمعت العاملين معك لاجتماع، ثم وجدتهم كلهم يضعون الأنف الحمراء، ماذا ستفعل؟
- ستصرفهم جميعا وتطردهم
- ستعطيهم خصما وتنذرهم حتى لا يكررونها
- ستراجع نفسك وتعيد النظر وتناقشهم
طبعا الخيار الثالث من المستحيلات في عالم الشركات العربية، فهو يتعارض مع طبيعة المدير العربي الذي اعتاد على شمس الصحراء التي لا تعرف اللين، وعطش الصحراء الذي لا يعرف البرودة.

هل تعرف لماذا كان العربي يفضل أنثى الجمل (الناقة)؟
لأن ذكر الجمل عنيد بدوره، يرفض حمل العربي وهو مرهق من السير الطويل، وإذا اختلف الرجل العربي مع الجمل العربي، هاج الأخير وماج، ودخل في نوبة عصبية، ربما انتهت به ميتا من العصبية.
الناقة، على الجهة الأخرى، لا تعارض كثيرا، وتسير وهي مرهقة حتى تقع ميتة من شدة التعب، لينزل العربي من عليها ويركب ناقة أخرى!
تخيل مئات السنوات على هذا الحال، ثم اطلب من العربي تحمل موظفين يعملون عنده يضعون أنوفا حمراء اعتراضا على قراراته.
لا تكن عنيدا أو مهادنا، كن ذكيا حكيما، لا مهرجا.