هل تذكر كم من المرات نسيت اسما لشخص، أو بلد، أو مكان، ولم تستطيع تذكره ولكنك فجأة، وأنت منشغل بأمر آخر، لا علاقة له بذلك الاسم، تتذكر ذلك الاسم أو البلد أو المكان، وكأن أحدا أخبرك به :?:

هل حدث لك انه في مناسبات معينة يتعين عليك أن تستيقظ مبكرا في ساعة معينة على غير عادتك، فإذا بك تنتفض من نومك قبل الموعد بدقائق، وكأن أحدا أيقظك :?:

هل حدث لك انك كنت أمام مشكلة مستعصية لا تستطيع لها حلا، فإذا بك بعد ساعات، أو أيام، أو أسابيع تجد الحل الذي كان غائبا عنك فجأة ودون سابق إنذار :?:

هل تذكر كم من المرات كان ذهنك منشغلا في مسألة وأنت تقود سيارتك في شوارع المدينة الغاصة بالسيارات. عقلك منشغل في حل مشكلة من المشاكل، أو في التخطيط لنشاط تجاري، أو اجتماعي، أو أدبى. وفي الوقت نفس تقود سيارتك بكفاية وأداء لا غبار عليهما :?:

هل سمعت أو قرأت عن قصص، وأحداث، وأعمال، وإنجازات في التاريخ قام بها أشخاص هي اقرب ما تكون إلى الخيال منها إلى الواقع :?:

ذلك هو العقل اللاواعي ..

العقل اللاواعي هو الذي أسعفك باسم الشخص أو البلد الذي نسيته، وهو الذي أيقظك من نومك على غير عادتك، وهو الذي وجد الحل لمشكلتك المستعصية بعد أن أعطيته المشكلة ونسيتها. وهو الذي كان يقود سيارتك ويتحكم في يديك ورجليك وبصرك وسمعك وأنت منشغل بأمر آخر لا علاقة له بالسيارة وقيادتها. والعقل اللاواعي هو الذي كان وراء الأعمال والإنجازات العظيمة التي قرأتها في التاريخ.

العقل الواعي هو الذي يقود أحاديثنا ورؤانا وافتراضاتنا وقناعاتنا. أما العقل اللاواعي فهو الذي يصوغ حياتنا ومشاعرنا ونفسياتنا تبعا لتلك الرؤى والافتراضات والقناعات.

العقل الواعي كالفلاح الذي يضع البذور في التربة. والعقل اللاواعي كالتربة التي تحول البذور إلى ثمر طيب أكله.

العقل الواعي كقائد الطائرة الذي يوجهها ويقودها، والعقل اللاواعي كالمحركات النفاثة التي تدفع الطائرة وترتفع بها آلاف الأمتار.

العقل الواعي يتعلق بالموضوع ويتعلق بالمنطق. يدرك السبب والنتيجة. يتلقى معلوماته عن طريق الحواس، ويقابلها بما هو مخزون فيه من معلومات سابقة، فيحلل ويركب ويستنتج ويستقرئ.

أما العقل اللاواعي فهو يتعلق بالذات، أى العالم الداخلي للإنسان. وهو لا يفهم المنطق ولا يميز بين الخطأ والصواب.

العقل الواعي هو الموجه والمرشد الذي يقبل أو يرفض الفكرة. أما العقل اللاواعي فهو المنفذ الذي يقوم بتحقيق الأهداف التي اقرها العقل الواعي. أى أن العقل اللاواعي خاضع للعقل الواعي ومطيع له.