فتحية أحمد



لم تكن فتحية أحمد المواطنة الإماراتية تحلم أن تكون سيدة أعمال؛ بل وصاحبة حق امتياز تمنحه لوكلاء في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا، لكن هذا ما حدث فعلا بعد عامين فقط من مشوارها في عالم البيزنس الذي بدأ بسيطا بمجرد خيمة واحدة ارتفعت إلى 17 فرعا تم تقليصها إلى 15 فقط لصعوبة إدارتها.

تبدأ قصة الشابة الجامعية فتحية أحمد في عام 2002؛ حيث كانت تبحث عن فرصة عمل مناسبة، وخلال بحثها أرشدها البعض إلى: مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب.


غير أن إدارة المؤسسة لم تتحمس في البداية للمشروع الذي فكرت فيه الشابة الإماراتية وهو "الرسم بالحناء"، وطالبها المسئولون في المؤسسة بضرورة التميز في فكرة المشروع لضمان النجاح.


لم تيئس الشابة الطموحة، فقامت بافتتاح خيمة للرسم بالحناء في أحد الفنادق في دبي، وما لبثت أن أتْبعتْها بخيمة أخرى في فندق آخر، وذلك على نفقتها الخاصة. وتكلفة الخيمة تقدر بحوالي 3 آلاف درهم، وتضم بعض الأواني البسيطة لعرض أكياس الحناء خلالها وبعض أدوات الرسم.


واستقطبت الخيمتان اهتمام نزلاء الفندقين، سواء من الراغبين في شراء الحناء أو الرسم بها، ونجحت في تحقيق أرباح، وهنا اقتنعت مؤسسة ابن راشد بجدية المشروع، وتميزه الفعلي؛ فوافقت على دعمه ماديا ومعنويا، فقدمت قرضا لصاحبة المشروع استثمرته في توسيع نشاطها ليشمل صنع الحناء علاوة على الرسم بها، وتم افتتاح فروع جديدة.


كما حصلت صاحبة المشروع على ترخيص رسمي لمزاولة النشاط، ووافقت مؤسسة بن راشد على منحها مكتبا إداريا للمشروع داخل مركز الأعمال التابع للمؤسسة في فندق أبراج الإمارات.


نحو الأسواق العالمية

قالت فتحية إن جهودها تنصبّ الآن على التواجد في الأسواق العالمية عبر خلطتها ونقوشها الخاصة التي أصبحت ماركة عالمية خاصة بها، أعجبت الكثير من زوار الفنادق الكبرى، فطلبوا منها توكيلا لتسويق منتجها (فرانشايز)، وقد تم الاتفاق مع وكلاء في أستراليا والولايات المتحدة وكندا، ويتم إرسال الكميات المطلوبة من الحناء للوكلاء مرتين أسبوعيا للحفاظ على حيويتها وطزاجتها.

ولأن فتحية أصبحت لها خبرة في مجال الرسم بالحناء؛ فقد قررت افتتاح فصل تدريبي للتدريب لتعليم الراغبين في تعلم هذه المهنة؛ وهو ما اجتذب عددا من الأجانب، ووفقا للشابة الإماراتية يجري الآن إنهاء الإجراءات الخاصة ببدء التدريب فعلا، خاصة أن الطاقم التدريبي متوافر فعلا في الشركة.


مفهوم جديد للحناء

نجاح فتحية ليس فقط في زيادة عدد فروعها إلى 15 فرعا، ولكنها تقول: إنها نشرت مفهوما جديدا للتعامل مع الحناء من مجرد النقش على اليد إلى فكرة "التاتوه" الذي يتخذ أشكالا متعددة حسب رغبة الزبون، بل إنها قامت أيضا بتطوير خلطة الحناء لتستمر فترة أطول تمتد ما بين أسبوعين و3 أسابيع، وحاليا هناك جهود لإطالة الفترة أكثر من ذلك، كما تفكر في إبداع ألوان جديدة من الحناء.

وتضيف أنها نجحت أيضا في نقل عملية الرسم بالحناء من الصالونات النسائية المختصة إلى أماكن تجمعات الناس في الفنادق ومراكز التسوق ومهرجانات التسوق والصيف التي تقام في الإمارات.


وترى صاحبة المشروع أن الحناء تتبوأ مكانة عظيمة في التراث العربي الإسلامي؛ حيث ورد بشأنها العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، كما حث على استخدامها أطباء العرب الأقدمون، وأيّدهم كبار الأطباء في العصر الحديث للوقاية من بعض الأمراض.


ومعروف أن الحناء هي نبات طبيعي، وشجرته تشبه شجرة الرمان، ويصل طولها إلى 3 أمتار، مستديمة الخضرة، لها أوراق بيضاء بطول 3-4 سنتيمترات، ويتم جمع هذه الأوراق، وبعد أن تجف يتم طحنها لتصبح هذا المسحوق الذي نعرفه، وتعتبر الحناء من أكثر النباتات الطبيعية التي تستخدم للزينة والعلاج؛ فهي تحتوي على مادة ملونة تستعمل كخضاب للأيدي والأرجل والشعر، وأغلب استخدامها "للعرسان" في "ليلة الحنا" التي تسبق يوم الزفاف.


عوائق.. ونصائح

أما العوائق التي واجهت فتحية أحمد فأكبرها كان في البداية؛ فلم تكن مؤسسة بن راشد مقتنعة بالمشروع، ولكن مع الإصرار، وبذل مزيد من الجهد تخطت هذه العقبة وفقا لصاحبة المشروع.

وتلي ذلك عقبة أخرى وهي عدم قدرة فتحية على متابعة الفروع التي بلغت 17 فرعا؛ حيث تقول: "أنا أستيقظ من النوم مع صلاة الفجر، ولا أعود إلى بيتي إلا عند منتصف الليل، وأنا أم لثلاثة أطفال، ولذلك قلصت عدد الفروع إلى 15 فرعا، كما أن الخيمة الواحدة كانت تكلفني 3 آلاف درهم. أما الآن فتكلفة الخيمة تتجاوز 40 ألفا مع ارتفاع الأسعار وتطوير إمكانيات الخيمة".


تنصح صاحبة المشروع الشباب بالجرأة والإقدام على طرح مشروعاتهم والصبر والدأب عليها، وعدم الاستسهال والتراخي، كما أن عليهم أن يقدموا أفكارا متميزة تقدم إضافة حقيقية للاقتصاد، وتسد نقصا قائما في الأسواق حتى يتحقق لهم النجاح. إضافة إلى ذلك عليهم الاعتماد بشكل أساسي على أنفسهم في البداية حتى يثبتوا للجهات الداعمة أو المقرضة جديتهم واستحقاقهم لأي دعم، وقبل كل ذلك التوكل على الله سبحانه وتعالى، واليقين بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.


عن إسلام أون لاين