ركام متهاوٍ ...


يُحرم من الرؤية الجيدة كل من اعتاد أن يقود كتيبة الرفض لكل
شيء دون توقف، أو تفكير، أو حتى محاولة تفنيد سبب رفض الهدوء
والتعامل مع الأمور بمنطق الأخذ والعطاء.. يُحرم من متعة ملامسة الموضوعية
من اعتاد على ملازمة الأحكام النمطية، وتعزيزها داخله
والتفاعل معها... على اعتبار أنها غير قابلة للتعديل..
التوقف أمام الحياة التي لايمكن تغييرها كما يعتقد من استطاب
له الوقوف، واختبأ تحت عباءة حكاية الثابت اليوم.. ولم يغادر مكانه
لثقته بأن وقع الحياة التي ينبغي أن يعيشها لن يعود.. وفي نفس
الوقت لن يفتح القادم أبوابه أمامه صفحات مفتوحة من البقاء داخل
موجة يفترض أن صخبها قد خفت.. وإن طويت بمرور الأيام
صفحات أصر على بقائها دون قراءة على الأقل ليصل إلى
محطة الفهم.. ولكن اغتنم عدم رغبته في القراءة وذاب في
أوصال عدم النسيان أو مسامحة من تسبب في أن تضرب
جذور تساقط جماليات أيامه كلما تتساقط أوراق الخريف
توقف مكانه رافضاً التغيير.. أو حتى الوقوف على يسار
ما يجري.. ومراقبة الموقف بحيادية
هل بالإمكان أن يغيّر ما يجري؟ هل بالامكان الرهان على المستقبل؟
هل يمكن توديع مثل هذه اللحظات المريرة بسهولة؟
وهل بإمكان الذاكرة أن تسأم من استعادة ما يؤلم؟
صناعة المستقبل كما يعتقد تحتاج إلى دروب سالكة
وغيرمعقدة.. ولايمكن التعثر فيها
تحتاج إلى من يستطيع أن يتجاوز الضربة التي أسقطته ببراعة
وأن يقف على قدميه حتى وإن كان متألماً..
تحتاج إلى من يؤمن بأن الطرق المغلقة
من المؤكد أن بها طريقا واحدا أو اثنين يسمحان بالعبور..
من أجل العبور إلى الغد تحتاج إلى إيمان مطلق بإمكانية
حدوث ذلك.. وإلى ترسيخ إحساس التفاؤل داخلك.. والمشاعر
الايجابية التي وإن كانت دواء القلب وحماية للشرايين.. إلا أنها
في الوقت نفسه تدفع إلى الأمام وتساعد على تحقيق احساس
ايجابي ورضا وسعادة تمنح تأشيرات قوية على تصميم استراتيجيات حياتك المقبلة..
تفاءل لتنتصر لخطاك المعطلة.. وأيامك المتوقفة
(غيّر حياتك اليوم.. لا تراهن على المستقبل) قرأت ذلك
منذ زمن للكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار..
هل تستطيع الوصول إلى هذا التغيير اليوم؟
أم ستظل تنتظر الغد وما بعده بمزيد من اليأس والخوف؟
ثمة ما هو مشترك بين تحقيق الانتقال مما أنت فيه والأمل
الذي ينبغي ان يلازمك وان تفتح أرصدته.وأن لا تركن إلى الوقت
الذي تعتقد أنه تبقى منه الكثير لأنه قد يمضي دون ان تستطيع
اللحاق بوهجه الذي طاردك وتوقف أمامك وحتى وإن لحقت به..
فلن تلامس سوى وقت باهت أجهدت من مطاردته، واعتقدت انك
سوف تتحصن داخله بعد جهد جهيد.. ولم تستوعب أنك اتكأت على
ركام متهاو.. وفشلت في التدقيق في الحسابات
التي كانت أمامك..واستنزفت طاقتك بسلبية شديدة
وتفكير طويل.. واجتهادغير مقبول.. لتصل بعد.
أن غادر القطار.. رغم أنك ظللت في الشارع الخلفي وهو
ينتظر ولم تتحرك ليس لأن هناك من يعطلك.. ولكن لأنك
راهنت على المستقبل وأن الأيام تنتظر