كيفية تنمية الإبداع ؟

يمكننا أن ننمي لدى طلابنا في المدارس من المرحلة الابتدائية وقبلها أيضا " البستان والتمهيدي " على التفكير الإبداعي من خلال توفر المعلم المبدع أولا ومن خلال المادة الدراسية الحديثة والحيوية، غير التقليدية ثانيا، مع الاهتمام بتوفير جميع الظروف البيئية الداعمة لذلك ! ويلعب مربي الصف أو المعلم دورا وسيطا إيجابيا ما بين المدرسة والاسرة، حيث ينقل للأسرة مدى إبداع ولدهم في جانب معين أو عدة جوانب متعددة، وذلك على أمل التواصل والاستمرارية والدعم والمتابعة، والمعلم ينقل أيضاً لادارة المدرسة إبداع طلابه ويوفر لهم الدعم المادي من ميزانية المدرسة والدعم المعنوي والتعزيز المناسب، والمدرسة كجهاز تربوي مركزي تكمل هذا الدور، وبدورها أيضا من خلال المادة الدراسية تقدم المقررات الدراسية المتنوعة بصورة حديثة وشائقة وجذابة، بعيدا ً عن التقليدية ( التي تركز على المعرفة في حد ذاتها فقط )" التربية البنكيه "، فيصبح المعلم هنا ملقنا ً والطالب سلبيا ً، علية أن يستمع ويحفظ !! ، وتأتي الامتحانات الشهرية وآخر العام التدريسي لتقيس هذا الحفظ !؟ .... إن هذا المسار يقتل الإبداع، ويعوق نمو التفكير لدى الطالب (عبد الرازق، 1994 ) .
وللخروج من هذا المأزق وفي سبيل تطوير واقع العملية التربوية، التي تسمح بنمو الإبداع لدى طلابنا نقترح التالي :-
- العمل على تنمية جميع جوانب الشخصية بكل مستوياتها بشكل كلي ومتكامل، دون التركيز على جانب دون أو أكثر من جانب آخر.
- تقديم مقررات دراسية تنمي الخيال والاكتشاف، وتتطلب وضع الافتراضات ، فتصبح الكتب وسيلة لتنشيط الذهن، وإثارة للبحث والتجريب، ومع الأسف الشديد فالمتتبع للمعملية التدريسية يلمس الجمود والتقليد وحشو المعلومات في منهاج مدارسنا العربية .
- عدم تقديم معلومات جاهزة مكدسة بين صفحات الكتب، فيتعود الطالب الحفظ دون فهم ونقاش، ومن ثم يتعود عدم الفهم والحفظ !!، فتتعطل العقول عن التفكير والإبداع ،ليكون واقعنا التربوي يتمثل في طالب همة النجاح فقط، ومعلم غرضه إنهاء المنهاج الدراسي وكأنة في صراع مع الزمن !! متناسيا مصادر التعليم الأساسية – المكتبة ، المختبر، البيئة وغيرها –
- طرح قضايا داعمة للمنهاج الدراسي من اجل تنمية التفكير وملكة الإبداع مثل : طرق الحافظ على البيئة ، أزمة المواصلات ، النزاع السياسي حول القدس ، الزلزال القادم وطرق النجاة، غير ذلك ...
- طرح أسئلة احتمالية مثل : ماذا يحدث لو توقفت حركة المواصلات ؟ ماذا يحدث لو حجبت أشعة الشمس عن كوكبنا الأرضي ؟ ماذا يحدث لو تحولت الغابات إلى صحراء كبرى ؟ ، غير ذلك ...
- تغيير صور الامتحانات من أسئلة تقيس التذكر (مثل :ما هي – عدد – اذكر – عرف ... وغيرها ) إلى أسئلة تحتاج من الطالب إجابة مفتوحة تثير التفكير وتحترم عقلية المتعلم !! مثل : أن يطلب من الطالب أن يكتب عن طرق المحافظة على البيئة، أو أن نطلب من الطالب كتابة أكبر عدد من علاقات التشابه بين شيئين مختلفين تماما ً مثل الجبال والسهول.
- عرض قائمة كلمات من المنهاج الدراسي، ويتم تدريب الطلاب على كتابة كل ما يخطر في ذهنهم حول كل كلمة، منها مثلا في اللغة العربية: – الأمانة – الصدق – الوطن – وغيرها... ( عبد الرزاق ، 1994) .
- التفكير الجانبي ( الأفقي )، هو البحث عن بدائل وطرق واقتراحات وآراء كثيرة قبل اتخاذ القرار، ويمكن تشبيه ذلك بذاك الذي يحفر حفرا ً كثيرة في مواقع عديدة ، فهو لا يكتفي بحفرة واحدة ، وقد تنبع الفكرة الإبداعية هنا ! (الحمادي ،1999) .
- استخدام طريقة لعب الدور Role Play"" "أي مفهوم " لتكن شخصا آخر " تعتبر من الطرق الفردية للتدريب على الإبداع "، يقوم الطالب من خلال هذه الطريقة بممارسة الدور الذي يتفق ودوافعه، وحاجاته، وميوله الإبداعية، إذ يرى الطالب الآخرين من خلال ملاحظته لذاته،ويتعرف على اتجاهاتهم نحو خصائصه وصفاته. وفي هذه الطريقة يتعلم الطالب طرقا ً وأساليب جديدة لممارسة الأعمال، ولتجربة أساليب سلوكية جديدة مما يوسع من آفاق شخصيته، ويسرح في الخيال متجاوزا ً لحدود الواقع المحيط به .يتيح هذا الأسلوب للطالب بالإبداع التلقائي، ويساعده على فهم ذاته أو ما يسمى بالتعلم عن الذات، بالإضافة إلى تمكين الطالب من أن ينطق بخبراته اللاشعورية التي – أحيانا – لم تظهر ولو مرة واحدة على لسانه (قطامي ، 1990) .
- طريقة العصف الذهني" Brainstorming " وهي الطريقة التي ابتكرها "أوزبورن " عام 1953، ومن بعده بارنز Parnes)
(وشاعت بعد ذلك شيوعا عظيما. ورغم أنها طريقة للتدريب الجماعي إلا أنها تصلح للتدريب الفردي أيضا. وتتكون جلسة القصف الذهني العادية من جماعة عددها يتراوح بين 6-12 يجلسون حول مائدة مستديرة وينتجون تلقائيا الأفكار التي ترتبط بحل مشكلة معينة. ويجب أن يتوافر في الجلسة الشروط الأربعة الآتية.
أ. استبعاد أي نوع من الحكم أو النقد أو التقويم في بداية الجلسة، فإحساس الفرد بأن افكارة ستكون موضعاً للنقد منذ ظهورها يكون عاملا كافيا ً للامتناع عن إصدار أفكار أخرى ! .
ب. تشجيع التداعي الحر الطليق وتقبل جميع الاستجابات.
جـ. تأكيد كم الاستجابات، لا كيفها، فالمهم هنا كم الأفكار المطروحة في جلسات العصف الذهني ، فالكم يؤدي إلى تنوع الأفكار، وبالتالي إلى جدتها وأصالتها .
د. مشكلات المناقشة تدور حول تحسين ظاهرة معينة أو الربط بين أطراف متعددة.
والهدف من هذه الطريقة هو تحرير المرء من عوامل الكف التي تعوق نشاطه الإبداعي ويتمثل ذلك على وجه الخصوص في تحريره من آثار الحكم الناقض ، سواء كان يعمل بمفرده أو في جماعة (الحمادي، 1999; ابو حطب و صادق، 1980).
- تمرير المعلومات الدراسية عن طريق الحوار أو الجولات أو الفنون أو التمثيل أو الدراما .
- استغلال واقع اثر القصة الهادفة المعبرة على نفوس الطلاب، ويمكننا أن نروي قصة قصيرة ومن ثم نفتح الحوار لملكة التفكير عند طلابنا للتعبير والإبداع النافع، وهذه قصة قصيرة جدا قد أعجبتني بعنوان "الصياد والفيلة " يمكن أن تعتبر من الطرق الحديثة لتطوير وتنمية الإبداع عند طلابنا من خلال فتح حوار متعدد الأبعاد والأهداف، يشمل التعبير عن الأحاسيس والمشاعر والتفكير المنطقي أيضا !!
" في إحدى الغابات الإفريقية، حفر الصيادون حفرة كبيرة، غطوها بالأغصان وأوراق الشجر، وتركوها إلى أن يسقط فيها، حيوان يأخذونه حيا إلى حدائق الحيوان.
وفي الصباح، اقترب قطيع من الأفيال، كانت الأفيال تبحث عن ماء تشرب منه، وفجأة ارتفع صوت أغصان تتحطم وسقط الفيل الذي كان يسير في المقدمة في حفرة الصيادين. وتوقفت الأفيال، وقد ملأتها الدهشة والمفاجأة، وعندما فهمت حقيقة ما حدث، رفعت خراطيمها، إلى أعلى، وأطلقت صيحات الغضب ... وفجأة اتجه أحد الفيلة إلى شجرة كبيرة، قطع منها غصنا ألقى به في الحفرة .. ثم قطع غصنا آخر ألقاه أيضا في الحفرة .. وبسرعة اشترك قطيع الأفيال كله، في قطع الأغصان والقائها في الحفرة.
بدأ قاع الحفرة يرتفع، وقد امتلأ بالأغصان، وبعد قليل كان في استطاعة الفيل الذي يقود القطيع أن يخرج من الحفرة التي امتلأت بالأغصان، وأن ينطلق ثانية في مقدمة القطيع، وقد ارتفعت خراطيم أفراده في الهواء، وهي تطلق هذه المرة صيحات النصر ! ( الكيلاني ، 1996) .
ففي الوقت التي تعطي هذه الحكاية معلومات أولية مبسطة عن وجود الغابات والأفيال في إفريقيا، وطريقة التعبير عن الغضب والفرح عند الأفيال، وذلك برفع خراطيمها إلى أعلى، وإصدار صيحات من نوع مميز، فإننا نعرف الطالب من خلال سرد القصة، على طرق تطوير الخيال، واساليب البحث عن مخرج عند المآزق، والتفكير الإبداعي في طرق حل المشاكل او الارتقاء للأحسن أو التعبير عن العواطف أو طرح حلول بديلة أو لعب دور الفيل وهو في الحفرة، ويمكننا هنا أيضا أن نضـع أســـئلة حول القـطعـة، أو إثارة التفكير عند الطالب كي يتوصل إلى حل أو مخرج ذكي في حال مواجهته المشكلة، وقد يكون تطوير الإبداع هنا، عبر توصل الطالب إلى العبرة من القصة، كما ويمكننا أيضا أن نبدل عـنوان القصـة، او أن نعمل بطـاقات ورسومات تتناسب مع أحداث القصة وغيرة مما قد ينمي التفكير الإبداعي لطلابنا.
- ومن الطرق الحديثة والمهمة جدا ً لاكتشاف الإبداع عند طلابنا، استخدام طريقة الكتابة الإبداعية، ومن خلال تجربتي في هذا الميدان مع طلاب مدارسنا العربية، وجدت أن الطالب إذا توفرت له الفرصة للإبداع فسوف يبدع !! وعندما نؤمن نحن المعلمين بمبدأ القدرة عند الطالب ، أي كل طالب يستطيع **، يستطيع أن ينجح، يستطيع أن يبدع، يستطيع أن يفكر، ويرتقي بقدرته التفكيرية والإبداعية، فما علينا إلا أن نؤمن أولا بقدرة طلابنا، ومن ثم إعطاء الفرصة لهم كي يحققون أنفسهم ، وبعدها ، فسنرى الأمور بغير ما اعتدنا عليها، بل قد نرى طلابا مبدعين لم نعهدهم من قبل.

ومن اجل الاستمرار في إخراج باكورة الإبداع عند طلابنا الأعزاء ، اقترح النقاط التالية : -
- التدريب على إنتاج أفكار جديدة.
- إثارة الدافعية للبحث والاكتشاف.
- التنافس في مجال إخراج التفكير الإبداعي.
- زيادة الثقة بالنفس.
- احترام الآراء المختلفة.
- فتح النقاش الفكري ، مع توفير الجو المناسب لذلك .
- تشجيع حرية الكلام.
- تقديم الإرشاد للطلاب حول ، طرق الاستفادة من المعلومات.
- فتح صفوف خاصة للمبدعين .
- توجيه الأطفال نحو" التربية الإيمانية " في سبيل تعزيز العلاقة مع الخالق المبدع .
- أن تهتم مجلات الأطفال بالتفكير من حيث إثارة المسائل والتمارين الذهنية.
- تشجيع وتعزيز الطالب المبدع ، أمام جميع طلاب المدرسة .
- تقدير الفكرة الإبداعية، واحترامها من قبل المدرسة والأسرة ومؤسسات الطفولة المحلية.
- عمل برامج " دورات " توجيه وإرشاد المبدعين.
- تعليم الأطفال طرق حل المشاكل.
- تشجيع عادة المطالعة ، وتخصيص أسبوع للمطالعة الثقافية .
- الاهتمام بموضوع فهم المقروء.
- ابتكار ألعاب تنمي الذهن والتفكير لدى الطلاب.
- تعزيز علاقة الإنسان بالطبيعة الجميلة، لما لها علاقة بالمشاهدة والمتابعة والبحث والتفكير.
- إعداد البيئة المناسبة في البيت والمدرسة للتعبير عن الأفكار الإبداعية.
- الاهتمام من قبل المربين بالتدريب الفردي للمبدعين.
- تطوير طرق التفكير وحل المشاكل .
- تطوير طرق تنمية الإبداع.
- الاهتمام بموضوع الصحة العامة "العقل السليم في الجسم السليم".
- الاهتمام بإجراء مسابقات الإبداع المحلية في الكتابة الإبداعية ، الفن ، العلوم .