المعلم أليكس أوفرويجك ودائرته


نال معلم الرياضيات في مدينة أوتاوا، أليكس أوفرويجك (37 عاما) شعبية كبيرة في مدرسته إثر رسمه دائرة مثالية بيده على السبورة أمام طلابه. صار طلاب فصله يتحدثون مع زملائهم ورفاقهم خارج الفصل وداخله عن أصابعه، التي تتفوق على الفرجار في رأيهم. اقترح عليه أحد طلابه أن يصور هذه الدائرة ويتقاسمها مع الآخرين. وافق المعلم أليكس بعفوية على تصويره وهو يرسمها في الفصل. بعد أيام قليلة رفع المصور الفيديو على موقع تبادل الفيديو الشهير، يوتيوب. سجل الفيديو أكثر من 100 ألف مشاهدة خلال فترة وجيزة، واليوم وصل إلى أكثر من 6 ملايين مشاهدة. تحول المعلم البسيط إلى نجم شهير. شهير جدا. استضافته أشهر القنوات التلفزيونية في الولايات المتحدة وكندا للحديث عن هذه الدائرة الملفتة، التي كان يتدرب على رسمها في أوقات فراغه. كان يرسم أكثر من 200 دائرة يوميا. ينجح في 10 ويخفق في البقية، حتى أصبح يخطئ في 10 وينجح في البقية. لو قام أليكس بهذا التدريب في مجتمعنا لأصبح عنوانا للسخرية وهدفا للتهكم.

دُعي أليكس إلى العديد من المسابقات والمهرجانات الدولية؛ للحديث عن هذه الدائرة التلقائية الساحرة. منحت هذه الدائرة المجد لأليكس ومن حوله. اشترى منزلا لجدته وافتتح مدرسة خاصة للطلاب، الذين يواجهون صعوبات في الرياضات، واشترى حافلة لمدرسة حكومية. كل ذلك وأكثر بفضل دائرة رسمها على سبورة فصله.
إن النجاح الذي حققته دائرة أليكس ينبغي أن يكون درسا لنا كي نهتم بهواياتنا ونعتني بها جيدا ولا نتخلى عنها مهما كان الثمن. ظللنا سنوات طويلة في مجتمعاتنا نقمع الهوايات البسيطة والتلقائية بذرائع شتى حتى أصبحنا مجتمعا لا يتقن إلا القليل. قوبلت مواهبنا بالتهكم والازدراء حتى ماتت وانقرضت. لم نعد نصنع أي شيء سوى صناعة التذمر.
لو ربينا هواياتنا ومنحناها ما تستحق من عناية ورعاية لما أصبحنا مجتمعا يقتات على النميمة.
إننا مجتمعات تفهت كل شيء فلم يتبق لنا شيء ننشغل به ومعه.
لا يوجد شيء تافه على هذه البسيطة. ما يسعد الإنسان ويبهجه يظل عملا جميلا قد يسعد الآلاف والملايين ولنا في دائرة أليكس عبرة يا أولي الألباب.
كم شاب وشابة في وطننا تخلوا عن أشياء بسيطة يحبونها ويهوونها بسبب كلمات التثبيط. ما لا يعجبنا قد يعجب غيرنا. لديّ الكثير من الأصدقاء ولديكم أيضا ممن يمتلكون هوايات صغيرة ولطيفة لكنهم ادخروها لأنفسهم أو اغتالوها لأنهم وجدوا مقاومة وتربصا بها من محيطهم.
يتحمل الآباء والمعلمون مسؤولية كبيرة في هذه الخيانة العظيمة التي نقترفها تجاه هواياتنا. لقد كرس معظمهم الاهتمام بالمناهج متناسين أن الكثير من الإبداع هو خارجها.
كلما كثرت وتعددت هوايات مجتمع كلما زاد المجتمع تألقا وإبداعا. وفي المقابل كلما تقلصت وتشابهت هوايات مجتمعا ما كلما ازداد رتابة ومللا.
تتيح الخيارات العديدة للمجتمع أن يعيش الفرد في رحابه وسط عالم زاخر بالفرص.
الأشياء الصغيرة التي نقوم بها ونحن نمتلئ بالسعادة هي الأشياء التي ستدر علينا بالخير والفرح الوفير. مشكلة مجتمعاتنا أنها أهملت هذه الأشياء الصغيرة مما حرمها من القبض على السعادة الكبيرة.
أغلب رواد الأعمال في الغرب والشرق نجحوا وحققوا هذا الفوز والانتشار الكبير بفضل شغفهم وولعهم بما يقومون به.
علينا أن ننمي هواياتنا الصغيرة ونرويها حتى تكبر وتثمر. النجاح الذي سنحققه سيذهلنا قبل الآخرين. سيجعلنا أكثر ثقة وصلابة وإبداعا.
أكثر ما يؤسفني أن أرى شخصا تخلى عن شغفه. من يتخلى عما يحب سيجد ما لا يحب.

لا يوجد شيء تافه على هذه البسيطة. ما يسعد الإنسان ويبهجه يظل عملا جميلا قد يسعد الآلاف والملايين ولنا في دائرة اليكس عبرة