السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
:

عقول من النوع السنجابي‏!!‏

النجاح الكافي صيحة أطلقها لوراناش و هوارد ستيفنسون‏..‏

يحذران فيها من النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشا

للمزيد دون أن يشعر بالارتواء‏..‏ من يستطيع أن يقول لا في الوقت المناسب

و يقاوم الشهرة و الأضواء و الثروة و الجاه و السلطان‏؟

لا سقف للطموحات في هذه الدنيا‏..‏ فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول نكتفي بهذا القدر‏..

و نواصل الإرسال بعد الفاصل‏..‏ بعد فاصل من التأمل يتم فيه إعادة ترتيب أولويات المخطط‏..



الطموح مصيدة‏..‏ تتصور إنك تصطاده‏..‏ فإذا بك أنت الصيد الثمين‏..‏ لا تصدق؟‏!..‏

إليك هذه القصة‏..


‏ ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة فوضعها في حقيبته و نهض لينصرف‏..‏

فسأله الآخر‏:‏ إلي أين تذهب؟‏!..‏ فأجابه

الصديق‏:‏ إلي البيت‏ لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني‏..‏ فرد الرجل‏:‏ انتظر لتصطاد المزيد من

الأسماك الكبيرة مثلي‏..‏ فسأله صديقه‏:‏ و لماذا

أفعل ذلك؟‏!..‏ فرد الرجل‏..‏ عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها‏..‏

فسأله صديقه‏:‏ و لماذا أفعل هذا؟‏..‏ قال له كي تحصل علي المزيد من

المال‏..‏ فسأله صديقه‏:‏ و لماذا أفعل ذلك؟‏ فرد الرجل‏:‏ يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في البنك‏..‏

فسأله‏:‏ ولماذا أفعل ذلك؟ فرد الرجل‏:‏ لكي

تصبح ثريا‏..‏ فسأله الصديق‏:‏ و ماذا سأفعل بالثراء؟‏!‏ فرد الرجل تستطيع في يوم من الأيام عندما تكبر

أن تستمتع بوقتك مع أولادك و زوجتك‏..


فقال له الصديق العاقل‏ هذا هو بالضبط ما أفعله الآن و لا أريد تأجيله حتي أكبر و يضيع العمر‏..‏


رجل عاقل‏..‏ أليس كذلك‏!!‏

يقولون المستقبل من نصيب أصحاب الأسئلة الصعبة، و لكن الإنسان

ـ كما يقول فنس بوسنت ـ أصبح في هذا العالم مثل النملة التي تركب علي

ظهر الفيل‏..‏ تتجه شرقا بينما هو يتجه غربا‏..‏ فيصبح من المستحيل أن تصل إلى ما تريد‏..‏

لماذا؟ لأن عقل الإنسان الواعي يفكر بألفين فقط من

الخلايا، أما عقله الباطن فيفكر بأربعة ملايين خلية‏.‏

و هكذا يعيش الإنسان معركتين‏..‏ معركة مع نفسه و مع العالم المتغير المتوحش‏..‏

و لا يستطيع أن يصل إلي سر السعادة أبدا‏.



يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم سر السعادة لدى أحكم رجل في العالم‏..‏

مشي الفتى أربعين يوما حتي وصل إلى قصر جميل علي قمة

جبل‏..‏ و فيه يسكن الحكيم الذي يسعي إليه‏..‏ و عندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعا كبيرا

من الناس‏..‏ انتظر الشاب ساعتين حين يحين دوره‏.

.‏ انصت الحكيم بانتباه إلي الشاب ثم قال له‏:‏ الوقت لا يتسع الآن و طلب منه أن يقوم بجولة

داخل القصر و يعود لمقابلته بعد ساعتين‏..‏ و أضاف

الحكيم و هو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت‏:‏ امسك بهذه الملعقة في يدك

طوال جولتك و حاذر أن ينسكب منها الزيت‏.‏

أخذ الفتى يصعد سلالم القصر و يهبط مثبتا عينيه علي الملعقة‏..‏ ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله‏:‏

هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟‏.

.‏ الحديقة الجميلة؟‏..‏ و هل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟‏..‏

ارتبك الفتى و اعترف له بأنه لم ير شيئا، فقد كان همه الأول ألا يسكب

نقطتي الزيت من الملعقة‏..‏ فقال الحكيم‏:‏ ارجع وتعرف علي معالم القصر‏..‏

فلا يمكنك أن تعتمد علي شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه‏..‏ عاد

الفتى يتجول في القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة علي الجدران‏..‏

شاهد الحديقة و الزهور الجميلة‏..‏ و عندما رجع إلي الحكيم قص عليه

بالتفصيل ما رأي‏..‏ فسأله الحكيم‏:‏ و لكن أين قطرتي الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟‏..

‏ نظر الفتى إلي الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا‏..‏ فقال له الحكيم‏:‏

تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك سر السعادة هو أن تري روائع الدنيا

و تستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت‏.‏

فهم الفتى مغزى القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء،

و قطرتا الزيت هما الستر والصحة‏..‏ فهما التوليفة الناجحة ضد التعاسة
‏.‏

يقول إدوارد دي بونو أفضل تعريف للتعاسة هو انها تمثل الفجوة بين قدراتنا و توقعاتنا‏..‏


اننا نعيش في هذه الحياة بعقلية السنجاب‏..‏ فالسناجب تفتقر إلي القدرة علي التنظيم

رغم نشاطها و حيويتها‏..‏ فهي تقضي عمرها في قطف و

تخزين ثمار البندق بكميات أكبربكثير من قدر حاجتها.

دمتم بخير