الله سبحانه و تعالى خلق الإنسان بحس هندسي بديع ، فمثلاً بناء الأهرامات تدلنا على أن قدماء المصريين عرفوا العلوم الهندسية منذ ذلك الوقت ، و هذا يتضح في مخلوقات الله سبحانه و تعالى . النحل و روعة البناء المعماري في خلاياه / من المعروف أن النحل يُنتج عسلاً أكثر من احتياجه و أنّه يخزّن ذلك العسل في الخلايا الشمعية ، و الشكل الذي يبني به النحل هذه الخلايا معروف للجميع ، و هو الشكل السداسي . و لكن هل فكّر أحدكم يوماً لماذا لا يبني النحل خلاياه بشكل ثماني أو خماسي الأضلاع ؟ . لقد توصّل علماء الرياضيات الذين سعوا للإجابة على هذا السؤال إلى نتيجة مثيرة : " إن الشكل السداسي هو أنسب الأشكال الهندسية التي تحقق استخدام أكبر قدر من المساحة المتاحة " . فالخلية سداسية الشكل تحتاج لأقل كمية من الشمع لبنائها ، بينما تسمح بتخزين أكبر كمية من العسل . و هكذا ، فإن النحل يستخدم أنسب الأشكال الهندسية الممكنة . أما النظام المستخدم في بناء الخلايا الشمعية فهو مذهل كذلك : فالنحل يبدأ في بناء الشكل السداسي من مكانين أو ثلاثة أماكن مختلفة ، ثم يبدأ في حبك سلسلة الخلايا في آن واحد من هذين المكانين أو الأماكن الثلاثة . و على الرغم من أن النحل يبدأ من أماكن مختلفة فإنه – على كثرة عدده – يبني الأشكال السداسية بتطابق تام ، ثم ينسج الخلايا الشمعية بتجميع هذه الأشكال مع بعضها البعض و الالتقاء في منطقة الوسط تماماً . و تُظهر نقاط التحام هذه الأشكال السداسية مهارة فائقة ، بحيث لا يلاحظ أبداً أن هذه الأشكال قد التحمت ببعضها البعض تدريجياً . و برؤيتنا لهذا الأداء الرائع البديع لا يسعنا إلا التسليم بوجود إرادة مدبّرة عظيمة هي المسؤولة عن توجيه هذا الكائن الحي ، بينما يُفسر دعاة نظرية التطور ذلك بمفهوم ( الغريزة ) و يحاولون تقديمه بوصفه مجرد صفة من صفات النحل . و مع ذلك ، فإنه إذا كان هذا العمل بفعل ( الغريزة ) ، و إذا كانت هذه الغريزة تسيطر على جميع النحل بحيث يعمل بهذا التنسيق معاً دون أن تعلم نحلة ما تقوم به الأخرى ، فهذا يعني أن هناك حكمة و قوة عظيمة تهيمن على جميع هذه المخلوقات الدقيقة . و بعبارة أدق ، فإن الله سبحانه و تعالى الذي خلق تلك المخلوقات الدقيقة قد ( ألهمها ) ما يجب عليها أن تقوم به ، و هذه حقيقة أخبرنا بها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً في قوله تعالى : " و أوحى ربّك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بُيُوتاً و من الشجر و ممّا يعرِشون . ثمّ كلي من كلِّ الثمراتِ فاسلُكي سُبُل ربِّكِ ذللاُ ، يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانُهُ فيه شفاءٌ للنّاسِ ، إنّ في ذلك لآية ً لقوم ٍ يتفكرون " ( النحل : 68- 69 ) .. وهناك موضوع للأستاذ الخالد يحوي استنتاج لمساحة السداسي مساحة السداسي البراعة الهندسية للنمل الأبيض / لا يستطيع كل نم يشاهد بيتاً من بيوت النمل الأبيض التي بناها منتصبة فوق الأرض أن يغالب دهشته ؛ ذلك أن بيوت النمل الأبيض ( التي يبلغ ارتفاعها ما بين خمسة أمتار و ستة ) تعد تحفة معمارية رائعة . و توفر هذه البيوت بنظامها الداخل المعقّد كل ما يحتاج إليه النمل الأبيض الذي لا يستطيع الخروج في ضوء الشمس بسبب طبيعة تكوين جسمه ؛ فبيوت النمل الأبيض بها نُظُم للتهوية ، و قنوات و ممرّات و غرف لليرقات ، و أماكن خاصة لإنتاج الفطر ، و مخارج أمنية ، و غرف خاصة للجو الحار و أخرى للجو للبارد ، و باختصار : فيها كل شيء . و الأغرب من كل ذلك هو أن النمل الأبيض ، الذي يبني هذه البيوت البديعة ، هو في حقيقة الأمر أعمى . و بالرغم من هذه الحقيقة فإننا نجد – بمقارنة حجم النمل الأبيض بحجم البيوت التي يبنيها – أن النمل الأبيض قد نفّذ بنجاح مشروعاً معمارياً أكبر من حجمه بثلامئة مرة . و لهذه الحشرة صفة مدهشة أخرى : فإذا ما قسمنا بيتاً من بيوت النمل و هو في المراحل الأولى من بنائه إلى قسمين ثم أعدناهما مرة أخرى ، فسوف نجد أن كل الممرات و الطرق و الدهاليز تتداخل و تتلاقى بعها مع بعض . و يواصل النمل الأبيض عمله كأنما لم يُقسم البيت قط إلى قسمين ، و كأنه يتلقى أوامره من مصدر واحد لا غير ! و سبحان ربي العظيم -