كيف تكون صور عقلية واضحة ؟
القيام ببعض التغيرات الكبيرة في حياتي
بعد تجربتي في التحول وأنا أمام قبر والدي عرفت أنه يجب عليّ القيام ببعض التغيرات الكبيرة في حياتي. فعلى الرغم من أنني أحببت التدريس في الجامعة كان هناك شيء بداخلي يخبرني بأنني بحاجة إلى تغيير مساري وتغيير عجلة القيادة في اتجاه جديد تماماً.
لقد ظللت أتصارع لمدة عام تقريباً مع فكرة ضرورة الذهاب بعيداً والتخلي عن العائد النصف شهري الذي أحصل عليه. لقد كان يموج بداخل عقلي صوراً رائعة حيث كنت أرى نفسي وأنا أتحدث إلى كل من في أمريكا عن الأفكار التي كنت قد انتهيت من الكتابة عنها في كتاب "مناطق الأخطاء لديك"، وقد استطعت أن أرى داخل عقلي أن هذا سوف يكون ناجحاً جداً. ولذلك أعلنت في يوم من الأيام أمام الندوة الخاصة برسالة الدكتوراه الخاصة بي أنني على وشك ترك الجامعة والذهاب إلى حال سبيلي، ولكن بعدما أدليت بهذا التصريح أحسست بصدمة حيث إنني ما زلت في مرحلة التشاور مع أسرتي. ولكنه كان من الواضح أن كياني المادي كان يتبع القوة غير المرئية لعالمي الداخلي.


وأقبل الصباح وأقبلت معه صورة أكثر وضوحاً في عقلي. لقد رأيت نفسي بمفردي في هذه المغامرة بدون أية ضمانات، ومع ذلك كنت هادئاً على نحو لم أشهده من قبل. لقد أدركت أن هذا اليوم هو اليوم الموعود؛ إنه آخر يوم لي في الجامعة، وأنه في خلال ساعات قليلة سوف أكون مع نفسي رسمياً بدون أي اعتماد على المرتب الذي أحصل عليه.

وعندما وصلت إلى الحرم الجامعي ذهبت مباشرة إلى مكتب العميد ولم أكن قد اخبرت زوجتي ولا أفراد أسرتي بأن هذا اليوم هو آخر يوم لي بالجامعة، حيث إنني لم أتخذ هذا القرار إلا بناءً على الرؤية التي فاجئتني في ذلك الصباح والتي جعلت الأمر واضحاً بالنسبة لي. لقد كانت عملية دخولي مكتب العميد عملية عقلية بحتة؛ حيث كانت جميع أفكاري وجميع الرؤى الخاصة بي وجميع تصوراتي بأنني لن أتراجع بمثابة أمور لم أكد أصدقها أنا نفسي. وهناك كنت منتظراً لكي أعلن للعميد أنني سوف أستقيل، وذلك في غضون أسابيع قليلة من نهاية نصف العام الدراسي.


لقد كانت محادثتي مع العميد مقتضبة؛ فقد أخبرتها بأنني أريد أن أترك الجامعة للقيام بعمل أؤمن به تماماً، وقد نصحتني بأن أتروى وأفكر في الأمر وأناقشه مع أسرتي وبعض زملائي في الجامعة، ولكني أخبرتها بأن الأمر قد حُسم بالفعل داخل عقلي، وأنني أقوم ببساطة بعمل الشكليات التي تجعله أمراً واقعياً في العالم المادي. وقد لفتت العميدة نظري إلى جميع المخاطر التي ينطوي عليها هذا الأمر، وإلى أي مدى قد لا أستطيع تحمل نفقات الحياة عن طريق الكتابة وعمل اللقاءات والحوارات، وأن الوظائف من أمثال وظيفتي في الجامعة هي مهنة يصعب الحصول عليها في السبعينات بسبب وفرة الأساتذة وقلة الفرص في مجال التدريس. ولكنني أخبرتها بأنني على وعي بتلك المخاطر التي كانت أحد الأسباب الهامة التي من أجلها أقوم بهذا التحول في حياتي. لقد وضعت قدمي على الطريق الذي سماه "روبرت فروست" الطريق الأقل ارتياداً من قِبَل المسافرين.


تفرع الطريق إلى طريقين في الغابة
ولقد سلكت الطريق القل ارتياداً
والذي أدى بي إلى نهاية مختلفة تماماً
وعندما غادرت مكتب العميد ذهبت إلى حال سبيلي وبداخلي شعور بالسعادة؛ لقد أصبحت حراً، حراً في التقدم بثقة في اتجاه أحلامي.
قمت بأخذ حاجياتي من مكتبي وأدليت ببعض التصريحات لطلابي والمشرفين على رسالة الدكتوراه الخاصة بي، وقدت سيارتي على الطريق السريع ذاهباً إلى المنزل وأنا أعرف أنني أتخذ أكبر خطوة في حياتي كلها. وأخذت أفكر: ها أنا ذا شخص مغمور تماماً يترك وظيفته الآمنة من أجل الذهاب بعيداً والتحدث إلى العالم عن أفكاره الجديدة. ومع ذلك كنت أشعر بالسعادة الغامرة، حيث إنني رأيت كل ذلك في عقلي قبل أن أعيشه في عالم الكيان المادي.