القياس الضمني وفقًا لأرسطو
العلامات
إضافة إى التعامل مع الاحتمالات، يتعامل القياس الضمني أيضًا، وفقًا لأرسطو, مع ما يسميه العلامات. "حيثما يوجد دخان توجد نار" مثل يتعامل مع القياس الضمني. فمقدمته المضمنة غير المصرح بها هي "الدخان مصاحب للنار" أو بدقة أكثر "الدخان علامة على النار". والدخان ليس علة ولا سببًا للنار، لكنه علامة, وإشارة إليها.

ويميز أرسطو بين ما أسماه العلامات غير المعرضة للخطأ والعلامات المعرضة للخطأ. فالعلامات غير المعرضة للخطأ تصاحب الشيء المعين دومًا. بينما العلامات المعرضة للخطأ تصاحب الشيء المعين أحيانًا. وكلاهما له قيمة في المحاجة. برغم أن العلامات غير المعرضة للخطأ هي بالطبع أكثر إقناعًا من العلامات المعرضة للخطأ. ولعلك لا تتمكن من إثبات فرضيتك بالعلامات المعرضة للخطأ، لكن لا تزال تقدم حجة مقدمة. افترض أنك تريد شركائك في الاستثمار بشراء قطعة أرض معينة في الجوار بغرض بناء ملكية مشتركة جديدة.
فتحاجج:
"نعم، منطقة الجوار وعرة الآن. وذلك هو السبب في أن السفر منخفض. ولكن انظروا لأبعد؛ فالمساحات الخضراء تقلم، والبيوت تدهن. وقد قرأت أن سلسلة abc ستقوم ببناء متجر جديد للأغراض المنزلية في شارع باكر. وهذه كلها علامات واضحة على أن منطقة تنتعش. فدعونا ندخل والسعر مناسب".

إن هذه ليست علامات غير معرضة للخطأ، لكنها علامات قوية على انتعاش منطقة الجوار، والمقدمة المضمنة هنا "من لا يستطيعون توفير أفضل مناطق الجوار يرغبون في الإنفاق للعيش في منطقة تتحسن ويبدو أن لها ستقبلاً براقًا".

كيف تربح مع القياس الضمني ؟
القياس الضمني وسيلة مثالية للخطاب المقنع القائم على مناشدة العقل. فهو يبسط الشكل المنطقي للقياس حتى يمكن توظيفه في الكلام العادي، لكه يحتفظ بالعمود الفقري القوي للمنطق المنهجي. وفي أفضل الأحوال تكون النتيجة وضوحًا مقنعًا في الفكر والتعبير.


إن الحجج المنطقية حجج رابحة، لكن الخطاب المنطقي لا يستلزم العبارات الثقيلة التي تبدأ ب لو، وثم، وإذن. بل يمكن للانسياب الاستنباطي لحجتك أن يظهر بدونها. لكن المحاجات المنطقية تستلزم الوعي بالكيفية التي تدار بها الملية الاستنباطية، مع إدراك خاص للفارق بين الصدق والصحة وبضرورة كليهما.

ورغم أن مناشدة العقل تقوم على أساس المنطق، فلا تنسَ أنها مناشدة للعقل الإنساني، ولن يفيدك بناء حجة تروق شكلاً إذا كانت تفتقر إلى مضمون يناشد مباشرة اهتمامات جمهورك.