كيف يؤثر التفكير على الصحة؟
التقلبات المزاجية
أظهرت التجارب العلمية أساليب لا تصدق؛ كانت السبب وراء صوت حيوانات التجارب. فالتقلبات المزاجية سمومًا قوية ومميتة. فعندما تم حقن بعض حيوانات التجارب بعينات من دماء أشخاص يتعرضون لنوبات من الخوف أو الغضب الشديدين ماتت هذه الحياونات في أقل من دقيقتين. فتخيل ما الذي يمكن أن تفعله هذه السموم بأجسامنا.
فكل فكرة تدور بخاطرك تؤثر على جسدك كميائيًا خلال جزء من الثانية. تذكر ما الذي تشعر به عندما تقترب منك شاحنة كبيرة فجأة على بعد أمتار قليلة منك وأنت تعبر الطريق السريع. إن هذه النوبة من الفزع تسري في جميع أجزاء جسدك. وينتج عقلك رد الفعل الملائم الذي يظهر على جسدك على الفور.
فالسموم التي ينتجها الإحساس بالخوف أو الغضب أو الإحباط أو الضغط العصبي لا تقتل حياونات التجارب فقط وإنما تقتلنا أيضًا بطريقة مشابهة. فليس من الممكن أن تشعر بالخوف أو بالقلق، أو بالغضب، وأن تكون بصحة جيدة في نفس الوقت. فهذا ليس صعبًا فقط، ولكنه شيء مستحيل. فببساطة شديدة، إن صحتك الجسدية ما هي إلا انعكاس لحالتك النفسية. ولهذا يمكننا القول إن المرض في أغلب الأمر نتيجة لصراعات داخلية لم يتم حلها والتي تظهر بعد لك آثارها السلبية على الجسم.
وإنه لأمر مذهل أيضًا أن نعرف كيف يؤثر عقلنا الباطن على صحتنا.
- هل تتذكر يوما لم ترد أن تذهب فيه إلى المدرسة فوقعت فريسة للمرض؟
- هل تعلم أن الصداع يصيبنا عند شعورنا بالخوف؟
- وهل قابلت شخصًا من قبل أصيب بالتهاب في الحنجرة فقط قبل إلقائه خطبة مهمة؟
فالعلاقة بين الجسد والعقل إذن علاقة وثيقة للغاية، فعلى سبيل المثال؛ إذا أردنا أن نتجنب شيئًا ما فإن العقل الباطن أو اللاوعي هو المسئول غالبًا عن إحداث كل ذلك، ما أن ندرك حقيقة ما يحدث لنا حتى نصبح على الطريق الصحيح لإصلاح أنفسنا.

إن ما نؤمن به وما نتوقعه يمكن أن يجعلنا في حالة مرض مستمر. فإذا قال لك صهرك: "لقد أصبت بهذا البرد مثلك من قبل ولهذا من المحتمل أن تمكث في الفراش لمدة أسبوعين تقريبًا" فستصبح بذلك أكثر تأثرًا بهذا المرض، أي أن انتظارنا أو توقعنا للمرض يعد سببًا جزئيًا فلإصابة به.
وهناك شواهد أيضًا تقول إننا يمكن أن نعاني من مرض ما، لأن أحد والدينا قد أصيب به، فنعتقد أن الإصابة به محتومة لذلك. أي أننا نحمل في خلايا العقل الباطن أو اللاوعي أنماطًا أو أنظمة تجعلنا إما أصحاء أو مرضى. فهناك من الأشخاص من يقولون: "نحن لا نصاب بالبرد مطلقًا" وهم لا يصابون به حقًا. وهناك آخرونيقولون: "نحن لانصاب بالبرد مرتين في السنة على الأقل" وهذا ما يحدث بالفعل؛ فالأمر إذن ليس مجرد مصادفة.
وحين كنا أطفالاً، تعلمنا سريعًا أن المرض هو أكثر الطرق تأثيرًاللحصول على الرعاية والاهتمام ممن حولنا. والبعض منا كانت هذه هي طريقته الوحيدة على الإطلاق للحصول على اهتمام الآخرين. فعندما نمرض بتلف أصدقاؤنا وعائلتنا حولنا ونشعر في الحال بحب واهتمام أكثر. وهناك من لا يكسر هذه القاعدة أبدًا وينجح في أن يمضي عمره كله فريسة للمرض أو أن يسقط من على السلم وتكسر ساقه كلما شعر بانشغال الآخرين عنه. ومن الواضح أن مثل هذا السلوك يعد سلوكًا لا شعوريًا أكثر منه سلوكًا شعوريًا. ولكن تظل الحقيقة أن هؤلاء الذين يشعرون بالحب والأمان يكونون إلى حد بعيد أقل عرضة للمرض أو الحوادث من هؤلاء الذين لا يشعرون بمثل هذا الحب.