التكلفة المرتفعة للقرارات
يوضح "شوارتز" بكفاءة التكلفة المتزايدة للاضطرار لاتخاذ المزيد والمزيد من القرارات.
كان الهدف من التكنولوجيا توفير الوقت، ومع ذلك فقد أعادت لنا سلوكاً متقلباً، حيث أصبحنا الآن مضطرين للانتقاء من بين آلاف البدائل حتى نجد ما نحتاج إليه فعلاً. لم يكن لدى البشر في الماضي مثلاً اختيار بشأن مزود الخدمة الهاتفية لهم، أما الآن فالبدائل كثيراً ما تكون محيرة جداً، فتنتهي بنا الحال إلى الالتزام مع مزود الخدمة الهاتفية لهم، أما الآن فالبدائل كثيراً ما تكون محيرة جداً، فتنتهي بنا الحال إلى الالتزام مع مزود الخدمة الذي اعتدناه لمجرد تجنب ضغط التفكير في كل العروض المقدمة.


وفي مجال العمل، كان آباؤنا يقضون حياتهم المهنية بالكامل في العمل بشركة واحدة، أما الجيل المعاصر فإنه يغير الوظيفة كل سنتين إلى خمس سنوات في المتوسط. إننا في حالة بحث دائم عن الأفضل حتى لو كنا سعداء نسبيّاً بما نحن فيه حالياً.
وفي حياتنا العاطفية أيضاً البدائل كثيرة، بل وحتى عندما نختار شريك حياتنا، فإنه لا يزال علينا أن نقرر: أي العائلتين سنعيش بالقرب منها؟ وإذا كان الزوجان يعملان، فإيهما ستحدد وظيفته شكل الحياة الزوجية؟ وإذا أنجبنا، فمن من الزوجين سيتفرغ لرعاية الأبناء؟


ويقول "شوارتز" إنه حتى الدِين أصبحت الأمور فيه غير مستقرة، فهل يتبع المرء ديناً من اختياره أم يرتضي الدين الذي ورثه عن والديه. إننا نستطيع اختيار هوياتنا – أي جوهر كياناتنا – ومع ذلك، فإن كلاً منا ولد منتميا لعرق بشري معين، وعائلة معينة، وطبقة اجتماعية معينة، ولكن هذه الأشياء لا تعتبر حالياً إلا من "العبء الموروث" من الماضي. وقد كانت هذه الأشياء توضح للآخرين الكثير عنا من قبل، أما الآن فهي لا تعبر عن شيء.


ونتيجة لظهور العديد من العوامل التي لم تكن من قبل تؤثر في اختياراتنا، فقد ظهر شيء جديد، وهو تعرض العقل البشري للرعب – الذي استفاض "شوارتز" في شرحه. ووجود هذا الضعف يقلل من فرص التوصل لقرارات "صحيحة" معظم الوقت. قد لا تكون تبعات بعض الأخطاء كبيرة، أما غيرها – مثل اختيار شريك الحياة، أو الكلية التي نلتحق بها – فيشكل حياتنا. كلما زادت البدائل أمامنا، زاد المعرَّض للخطر لدينا في حالة اتخاذنا قرارات خاطئة. وقد يقول قائل: "وكيف ننظر إلى كثرة البدائل هذه النظرة السيئة؟".


يعرض "شوارتز" ثلاثة آثار لسرعة نمو الاختيارات والبدائل المتاحة أمامنا، هي:
- كل قرار يتطلب المزيد من الجهد.
- مع كثرة البدائل يكثر احتمال وقوع الخطأ.
- التبعات النفسية لهذه الأخطاء أكبر