من كتاب سيرة المهاتما غاندي ( قصة تجاربي مع الحقيقة)
مذكرات غاندي بقلمه


مقدمة : نموذج فريد من الشخصيات القيادية في العالم... استطاع بمبادئه أن يجمع بين الأمور التي قد يعتبرها -أكثر الناس مبدئية- أمورا متناقضة و عبرها و عبر شعب تعصف به رياح الجهل و الفقر و الجوع و المرض شعب مزقته الخلافات الطبقية و السياسية .. قاد بلده إلى الحرية
فلنعش معه بضعة اسطر

ميزاته:
- إنسان.. يخطئ..و أروع ما في كتابه ذكره لهذه الأخطاء دونما تورية أو دفاع عن النفس و لكنه يعود عن الخطأ و يندم عليه و يمتنع عنه مرة أخرى ...
- يفي بالوعود التي أعطاها لنفسه و للآخرين و لا يعود عنها حتى في لحظات الخطر المهدد بالموت فقد وعد أمه شابا أن لا يطعم منتجات الحيوان و عند المرض و مرات عدة نصحه الأطباء بالحليب الذي سينقذ حياته خاصة و انه هزيل الجسم (كان غاندي نباتيا ) لكنه لم يحنث بوعده إلا مرة واحدة ولم يكررها بتكرار المرض إيمانا منه بفائدة الطعام النباتي
- ينظر إلى الناس جميعا على أنهم مخلوقات كريمة لا يجوز بأي حال من الأحوال اهانتهم أو الحط من قدرهم حتى لو كانوا أعداء أو حتى مجرمين .. بل السيئ فيهم هو فعلهم و ليست ذواتهم و نتج عن ذلك تطبيقات مهمة منها
- يحب أعداءه الانكليز و هم المحتلين لبلده يحترم قانونهم و يتطوع كقائد مجموعة إسعاف في أكثر من مناسبة وقد يبدو هذا قمة العمالة بالنسبة لكل من حوله و كانت له دوافعه التي اتركها لاكتشاف القارئ و لكنه بنظري استطاع بذلك تجريد عدوه من أعظم الأسلحة الخوف و الحقد
- مسامحته للذين اعتدوا عليه بالضرب و الإهانة في عدة مناسبات إيمانا منه بان المسامحة أقوى بما لا يقاس من الثار أو العدل
- في مجتمعه الصغير (كون مجموعة تعيش معا تدرس و تعمل وفق مبادئ التسامح ) كان يوجد المسلم والهندوسي و المسيحي ومن طبقة المنبوذين و السادة يحترم جميع الأديان الأخرى يصنعون لهم الطعام في الصيام ويساعدون بعضهم على عبادتهم دون أي دعوة لتغير المعتقد بل على العكس تماما لقد كانوا يشجعون بعضهم البعض على التمسك كل بدينه باعتبارها كلها تؤدي إلى نفس الإله, و قد يظهر هذا لنا كتناقض و لكنه كان عند غاندي مبدأً
- شجاع لا يهاب الموت في سبيل وعوده ( كما أسلفنا )أو مبادئه ( تطوعه للتمريض في منطقة الطاعون )
- يطور نفسه دائما و يقرأ الكتب للتغيير لا للثقافة فقط و يتعلم صنع الأصناف النباتية من الطعام و حياكة النسيج و صنع النعال يتعلم ممارسة المحاماة بعد اعتبار نفسه لا يصلح لها و العمل في مؤسسات الخدمة العامة ( الدفاع عن حقوق الهنود ) .... الخ
- لو كانت هناك كلمة أروع من التواضع لذكرتها فيه .. إذ لم يكن التواضع فعلا يقوم به عند اللزوم .. بل كان جزءاً من ذاته طوال حياته.. ( لا أذكر أني قرأت هذه الكلمة في الكتاب ) قد يصل لدرجة قبوله بمهام ثانوية جدا بكل حب إلى تزرير قميص المدير إلى تنظيف المراحيض و هو ابن وزير و قائد معروف و محام مشهور
- الصدق حتى ولو أدى به ذلك إلى السجن أو في الدفاع عن موكل مذنب
- يتحمل مسؤولية أفعاله و حتى أفعال الجاهلين من شعبه و يدخل السجن في سبيل ذلك
- يعتقد أن تربية النفس المستمرة و تهذيبها هو الطريق نحو تربية المجتمع و تهذيبه و بالتالي الحصول على الأهداف الكبيرة ( صيامه ليتوقف القتال بين الهندوس و المسلمين و صيامه من اجل نجاح إضراب العمال و امتناعه عن ملح الطعام سنة لإقناع زوجته المريضة بأن ذلك ممكن )

تقييم
لقد قاد غاندي حياته بكل ما تعنيه كلمة القيادة من معنى فخطط لها ثم نفذ ما خطط بكل خطوة دون أن تنال منه الشهوة بأنواعها أو وساوس التقاعس أو الخيبة أو الحزن.. فاستطاع بسهولة قيادة مجتمع من أصعب المجتمعات قيادة
و تميز عمن حوله بأفعاله الخاضعة لمحاكمات عقله بعيدا عن التأثر بسلبيات من حوله
لقد جسد غاندي فعلا ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
فترك ذلك الأثر المميز في الحياة