تنقسم الامور بشكل عام الى قسمين : تافهة ومهمة . وصاحب الحكمة يتعامل مع الاشياء حسب ما عليه ، فيتعامل مع التفاهة بغض الطرف، ومع المهمات بهمة.

فعنايتنا يجب ان تختص بماهو مهم ، اما التافه فلابد ان نرميه في البحر من دون ندم . هذا ما يفهمه جميع الناس الا ان المشكله تكمن أحيانا في اختلاط التافه من الامور بالهام منها ، ويكون من الصعب التمييز بينهما .

والسؤال هنا هو : ما هو الميزان لمعرفة التافه من المهم ؟

والجواب :: ان المهم هو كل ما يرتبط بوجود الانسان ومصيرهم ومستقبلهم . اما التافه فهو كل ما لا تأثير له على حياة الأنسان بحيث يكون وجوده وعدمه واحدا . ولعل من التوافه التي يوليها بعض الناس اهمية كبرى هي ، الكلمات النابية التي قد يسمعها المرءمن هذا او ذاك ، وانواع النقد الجارح ، او السب والشتم والاهانه وقلة الاحترام.فهناك من الناس من يشعر بأذى بالغ لاقل كلمة تقال له ويثور على قائلها ، وكأن الشتيمة تهدد حياته بالفناء ، ومع ان مليون كلمة تافهه لا تشكل خطرا بحجم لدغة بعوضة واحدة .

وقد يبرز امثال هؤلاء مواقفهم هذه بأنهم انما يثأرون لكرامتهم وكبريائهم ، فلماذا يعتدي الآخرون عليهم ؟

غير ان الامر الذي لا يشك فيه ان الذي يثور لاتفه الاسباب انما هو مهزوز الشخصية ، ضعيف الارادة ، لانه في الحقيقة لا يستطيع ان يضبط اعصابه وتوتراته في الظروف الحرجه .

وفي الحق فأن النقد الجارح لا يجرحك بمقدار ما يجرح صاحبه ، فلو كان يحترم نفسه لكان نقده بناءا ، والذي يسبك لا يقلل من شأنك بمقدار ما يكشف عن وضاعة نفسه وحقارتها ، ان كلمات السوء مركب من مراكب الشيطان لاثارة العدوان وتأجيج الحروب ، وخلق المشاكل في الاسرة الواحدة او الامه الموحدة، او الوطن الواحد .

ان كلمات السوء مهما كانت صغيرة فهي تشبه النار فلربما يكون عود كبريت صغير سببا لحريق كبير ، وكذلك تفعل الكلمات النابية ، فكم من حرب بدأت بكلمة بذيئة خرجت من لسان احد طرفي النزاع وكم من المشاحنات والمطاحنات والخلافات العائلية والاجتماعيه ، اثارتها كلمات فحش او تهمة او كلمة ((سفه)) لتقليل من حجم الشخص المتحاور صدرت من احد الافراد ؟؟

وقد يظن البعض ان كلمة السوء ، نظرا لسهولة النطق بها محدودة العواقب ، متجاهلين ان الشيطان يستغل امور صغيرة لتأجيج نار الغضب والتناحر بين الافراد والجماعات . وهذا ما اشار اليه ربنا في قوله (( وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا )).