من الواضح أننا جميعاً بحاجة إلى إعادة اكتشاف دور الموسيقى في التعلم والمساهمات الإيجابية الكبيرة التي يمكن أن تجلبها لنا. وقبل الخوض في هذا الموضوع لابد أن ننتبه الى شيء مهم وهولا تعني كلمة موسيقى ألحان المعازف فقط بل تشمل الإيقاع، والرتم، ولحن الصوت، والرنين، وأشياء أخرى كثيرة. بمعنى أن المعازف جزء من الموسيقى، وليست كل الموسيقى، وسنتابع سوية هذا الموضوع مع التأكيد على شمولية معنى كلمة "موسيقى.


يمكن تُعرّيف الموسيقى: بأنها فن تنسيق الأصوات وترتيبها بشكل يمس الأفكار والأحاسيس.
إذن نحن لا نتحدث عن تحويل المكان التعليمي إلى حفل صاخب، بل إلى استخدام النغمات المنتظمة كتقنية مساعدة في التعلم بشكل أسرع.
تحدث أرسطو وأفلاطون عن دور الموسيقى في "تناغم الروح والجسد". وزاد أفلاطون على ذلك بأنّه: "لا يمكن أنْ نُحدِث تغييراً في الشخصية الموسيقية للأمّة ما لم نغيّر مؤسسات الدولة وعاداتها".
وأدرك الشامانيّون: في روسيا الوسطى والروحانيون في الهند ذلك، إذْ كانوا يستخدمون الموسيقى لتحريض الدماغ من أجل الوصول إلى حالة ذهنية معيّنة منظمة ومن أجل التحكم بالألم.
وللرياضيات أيضاً نصيب من الموسيقى: فقد آمَن فيثاغورت بأنّ الإيقاع الموسيقي يساهم في تناغم الإيقاع العقلي، حيث اكتشف التساوي في النسب الرياضية بين النسب المتناغمة والفروقات النغمية.
ويبدو أنّ العلم اليوم بدأ يثبت بالدليل ما عرفته العصور القديمة بالحدس، فقد علمنا أنّ الموسيقى وباستخدام نمط معين من الإيقاع تؤدي فعلياً إلى حالة من الراحة الجسدية مع الانتباه ولكن باسترخاء دون توتر عصبي. حيث وجد الباحثون في علم النفس عند سماع الموسيقى، يقوم العقل بأكمله بالعديد من النشاطات. ومهما اختلفت الحضارة و اللغة، فإنّ تأثير الموسيقى يبقى إيجابيّا. فالعديد من البحوث والدراسات العلمية اثبتت ان الاستماع للموسيقى قد يجعلك اكثر ذكاء
حيث ان الموسيقى تعمل على:


تحسّن القدرة على التركيز
إنّ الاستماع للموسيقى يزيد في فترة التركيز وعمقه. هذا ما أثبته العلماء، لكنّهم لم يحدّدوا نوعا خاصّا أو نمطا معيّنا من الموسيقى، فدراساتهم شملت العديد من الأنواع الموسيقية التّي أفضت إلى نفس النتائج الإيجابيّة. ففيما كان يعتقد سابقا أنّ الموسيقى الكلاسيكية -وبالأخصّ كلاسيكيّات موزارت- هي وحدها القادرة على تحسين الكفاءة في اجتياز اختبارات الذكاء، جاءت البحوث الجديدة لتفنّد هذه القولة مبرزة أن استماع كل أنواع الموسيقى مفيد طالما راق ذلك النوع للسّامع و أطربه، وبذلك كل أنواع الموسيقى تساعد على حسن التركيز.


تقوّي الذاكرة
لقد أُثبت الدراسات الحديثة أن للموسيقى تأثيرات جمّة على الذاكرة و القدرة على التذكّر. فالموسيقى التي لا يتجاوز الإيقاع فيها 60 نغمة في الدقيقة، تحفّز خلايا نصفي المخّ الأيمن و الأيسر معا. و نشاط هتين المنطقتين من الدماغ في آن واحد يزيد من القدرة على التعلّم وتذكّر المعلومات. فحينما تنشط الجهة اليسرى للمخّ لفهم المعلومة و تحليلها، تقوم الموسيقى بتنشيط الجهة اليمنى، ممّا يجعل المستمع للموسيقى أكثر قابليّة لفهم المعلومة و حفظها في ذاكرته.


بالإضافة إلى ذلك، الاستماع للموسيقى أداة هامّة للتذكّر واسترجاع تفاصيل دقيقة مرتبطة بلحن مميّز. ففي دراسة أجريت حول تأثير الموسيقى على التعلّم، تبيّن أنّ المعلومة تكون أثر سهولة للتذكّر حينما يعيد الطالب اللحن الموسيقيّ باطنيّا وبذلك يتذكر المعلومة بكل بساطة.