عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
الجودة الإلهية
ما أجمل الحديث عن الله سبحانه وتعالى وما ألذه ، وما أبهى الألفاظ عند استعمالها في الثناء للخالق جل شأنه .
بدأ الخلق من الله تعالى ثم يعود إليه ، قال تعالى ((وهو الذي بدأ الخلق ثم يعيده ..)) .
عندما تذكر الجودة ، تنصرف مفاهيم البعض إلى الجودة في المنتجات الصناعية أو التجارية فقط .
والمتأمل ولو للحظات يسيرة ، يدرك أن الجودة أبعد من ذلك وأوسع .
فهي تشمل جميع النواحي الحياتية الأخرى للإنسان ، بل ويتعدى مفهومها إلى دقة خلق الخلق وإتقان صنع الله عز وجل في مخلوقاته.
وإن صح لي ، إطلاق عبارة ( الجودة الإلهية ) فإنما هو انطلاقاً من وصف الله تعالى لنفسه بالإتقان ( صنع الله الذي أتقن كل شي) واستنتاجاً لجودة المخلوقات،ودقة الإحكام الواضح للعيان والأفهام .
فالجودة الإلهية هي: التجويد والإتقان في المصنوع أو المخلوق من قبل الله تعالى، محققاً الأهداف التي تم الخلق من أجلها.
فلو تأملنا في خلق الإنسان مثلاً ، لوجدنا الجودة بأسمى معانيها ، جودةً تليق بجلال الله وعظمة صنعه ،إنها جودة تخلو من العيوب، ولا تحتاج إلى التحسين .
فكل جزء في الإنسان ، يعتبر عالم عجيب بذاته، يحقق الهدف الذي خلق من أجله ، فعملية البصر مثلا، من حيث الوظيفة والتركيب ،لها فائدتها وطريقتها ومكانها الخاص ، تختلف تماماً عن الأجزاء الأخرى كالسمع والأطراف وغيرها من الأجزاء الأساسية التكاملية في جسم الإنسان .
وإن كان هناك من يدعي في كفاف البصر أو اختلال العقل عيباً في هذا المخلوق ، فإنما ذلك لحكمة إلهية خفية ، أو اختبار لإيمان ذلك الشخص ، أو عقوبة له ،أو لكف أذاه وشره عن الخلق ،والكل يدرك أن في الأجزاء الأخرى منافع عظيمة ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون) فتعتبر عبادة التبصر والتفكر في المخلوقات التي خلقها الله تعالى، كخلق السموات والأرض، والشمس والقمر وغيرها من المخلوقات الأخرى ، من العبادات العظيمة التي تدل على عظمة خالقها تعالى.
ويعتبر الإصلاح وإتقان الأعمال ،من المناهج التي كان يتصف بها الرسول الكريم في توصيل رسالته السماوية ، ودعوته للبشرية في تمثلها في سائر العبادات والمعاملات ،حتى أصبحت الأعمال المتقنة؛قربة لله عز وجل ،كما بين ذلك الرسول عليه السلام في قوله (( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)) وقوله (( إن الله كتب الإحسان على كل شئ..)) أي: كتب الإتقان ؛ إذاً فالناظر في الأوامر التشريعية يجدها تدعو وتحث على الإتقان والتحسين ، من خلال القدرات والإمكانيات البشرية المتاحة.
فأصبح النظر والتأمل في الإبداع والإتقان الإلهي ، ملهماً للبشرية في صنع بعض الصناعات والاختراعات الحديثة كالطائرات والرادار والكاميرا .
ختاماً،ألا يتوجب علينا أن نكون خير أمة لخير خالق ،يزيدنا التفكر في مخلوقاته تعالى إيمانا ويقينا؟ نسأل الله العظيم أن يجعل عملنا خاصاً لوجهه،،، 12-10-1431 هـ
المفضلات