يعتبر المعلم حجر الزاوية في العملية التربوية والتعليمية نظرا لما يقوم به من دور كبير وهام على مسرح الحياة بمختلف جوانبها ومجالاتها ، بل إن مهمته تعتبر من أكبر المهام خطورة وأثراً في المجتمع ، فإعداد المعلم للطالب إعداداً علمياً وسلوكياً ووطنياً من الركائز الأساسية التي يبنى عليها استقرار وتقدم الوطن ورقيه .. فهو ليس مجرد ناقل للمعرفة وحسب .. بل يمتد دوره لتنمية القدرات وتعزيز الاتجاهات وتربية العقول تربية صحيحة ورعاية الأبناء رعاية شاملة ليكونوا رجالاً ومثالاً يحتذى وحملة للواء الوطن .
ولكن للأسف الشديد من يرى حال المعلم في بلادنا الغالية وخصوصاً في هذه الأيام يرى النقيض من ذلك ، فمربي الأجيال وصانع الرجال ووريث الأنبياء في أسمى رسالة وهي رسالة العلم .. أصبح قدره ومكانته في الحضيض ليس على مستوى واحد بل على جميع المستويات ومختلف الاتجاهات .
فحال المعلم مع وزارته ـ وزارة التربية والتعليم ــ وهي الوزارة المسئولة عنه والمعنية بحفظ حقوقه ومكانته وصون كرامته أصبحت لاتسر ، فحقوق المعلم ضائعة ومكانته منهكة ..ولعل أبسط حقوقه حقه في عيش حياة كريمة من خلال إعطاءه حقه المادي الذي كفله نظام شاغلي الوظائف التعليمية من خلال تعيين خريج البكالوريوس على المستوى الخامس أصبح هذا الحق صعب المنال وأصبح لزاماً عليه أن يراوح على المستوى الثاني لسنين طويلة حتى ينتقل للمستوى الذي يليه ــ هذا إن لم يعين على بند مؤقت بمكافأة مقطوعة ولا يحتسب له خدمة أو تعطى له علاوة ، وعندما يطلب من المسئول المساعدة ليست المساعدة بالمعنى الحقيقي ، وإنما إعطاء الحق لصاحبه يتهرب المسئول ويلقي باللوم على عاتق غيره مردداً : المشكلة ليست في وزارتنا بل في وزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية وليس لنا ياوزارة التربية والتعليم دخل لا من قريب ولا من بعيد .. بعدها تعيد التساؤل مرة أخرى في نفسك ..لماذا وضع هذا المسئول هنا ؟ أليس لخدمة المعلم والطالبة بحقوقه ؟
أضف إلى ذلك حقه في التأمين الصحي هذا المطلب الضروري الذي لم يلقى بال لأهميته للمعلم وعائلته ، أو وضع مستشفى خاص بالمعلمين أسوة بموظفي الدولة في القطاعات الأخرى ، إضافة إلى عدم وجود بدل سكن له في ظل غياب حقوقه الأخرى .
وعندما نأتي لمكانة المعلم الاجتماعية فحدث ولا حرج ولا أدل على ذلك من تعامل الطالب مع معلمة وما شابه من تطاول الطالب على المعلم ، فكل يوم تتسابق الصحف لنشر حوادث الاعتداء التي يتعرض لها المعلمين مع صمت مطبق من الوزارة وعدم اتخاذ أي إجراء يحفظ للمعلم مكانته وكرامته .
والمواقف التي احتاج فيها المعلم وزارته كثيرة لايمكن حصرها في هذا المقال .. ولكن وزارته الموقرة لم تنظر له بنظرة المسئول الراعي المهتم برعيته ، لذا فإننا كمعلمين نرى أن الضرورة باتت ملحة لتشكيل نقابة أو جمعية للمعلمين بالمملكة ترعى أمورهم وتحفظ حقوقهم .. فهي مطلب ضروري في الوقت الحالي انطلاقا من عدة محاور أبرزها : موقف الوزارة السلبي تجاه معلميها ومنفذي سياستها التعليمية على الواقع ، ومناقشة مجلس الشورى لمشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي بها سيتحول المجتمع إلى مجتمع مدني .. ونحن كمعلمين جزء من هذا المجتمع ، كذلك ماأوصى به اللقاء السادس للحوار الفكري المنعقد في نجران تحت عنوان / التعليم : الواقع وسبل التطوير ــ بإنشاء نقابة للمعلمين لتوفير حاجاتهم .
لذا يتوجب إنشاء نقابة يكون من مهامها العمل على الدفاع عن حقوق المعلمين ورعاية مصالحهم وتقديم الخدمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترويحية لهم .. وتقدم للمعلمين كافة الخدمات التربوية التي تهتم برفع كفايتهم العلمية والمهنية وترتقي بمستوى مهنة التعليم مع العمل على التعاون مع نقابات المعلمين في خارج البلاد للنهوض بمستوى التعليم بشكل عام والعمل على إعادة الهيبة للمعلم ورفع مكانته وإبراز دوره الريادي في المجتمع السعودي والقيام بأنشطة ومشاريع تسهم في تحسين الوضع الوظيفي للمعلمين وتحسين ظروف المهنة بما يساعد المعلم في أداء دوره المناط به على الشكل المطلوب .
فالمعلم السعودي لايقل شأنه عن المعلم بالدول الخليجية والعربية التي أقامت لمعلميها نقابات وجمعيات أسهمت في المطالبة بحقوقهم ورعاية مصالحهم وتمثيلهم في المحافل الدولية .