موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
الأدوار المتكاملة للأسرة
محمود طافش: يظن الكثيرون من الآباء والأمهات بأن واجبهم التربوي تجاه أطفالهم في مرحلة الطفولة المبكرة لا يتعدى تأمين المأوى والملبس وتقديم المأكل والمشرب لهم، بانتظار بلوغهم السن العمرية التي تؤهلهم لدخول المدرسة، غير أن حقيقة الأمر أن الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة يحتاجون إلى عناية خاصة؛ لأنها تترك بصماتها بوضوح على شخصياتهم من جميع النواحي المكونة لها،إضافة إلى أنها مرحلة تؤسس لما بعدها.
ويتفق علماء النفس على أهمية مرحلة الطفولة في تشكيل شخصية الفرد، وقد دلت دراسة قامت بها الباحثة (كود إينف Good enough ) على أن هناك دلائل تنم عن أن البناء العقلي للفرد يتم خلال السنوات الأولى من الحياة، وأن العادات التي تتكون خلال هذه الفترة يصعب تغييرها، ويصعب إنماؤها فيما بعد، ويذهب الفرويديون إلى أبعد من ذلك، فيؤكدون على أن الطفولة هي العامل الحاسم في تكوين شخصية الفرد.
وتحرص الأسرة الواعية على أن تهيء لأطفالها في هذه المرحلة ظروفاً تربوية ملائمة، تمكنهم من النمو المتوازن في جميع النواحي المكونة لشخصياتهم جسمياً وعقلياً ووجدانياً واجتماعياً . ومن أبرز العوامل المؤثرة في تكوين شخصية الطفل: الوراثة والبيئة وثقافة الوالدين.
دور الوراثة :
يلعب وعي الأب وبعد نظره دوراً مهماً في تحديد عامل الوراثة؛ فهو يحرص على اختيار الزوجة السليمة صحياً بحيث تكون خالية من الأمراض والعلل المتوارثة كالضغط والسكري، وبحيث لا يكون هناك تعارض بين فصيلة الدم لكل منهما، إضافة لكونها ذات تعليم عال؛ لما في ذلك من أثر إيجابي على نسبة ذكاء أبنائها، ولأن السمات الوراثية للوليد تنتقل إليه عن طريق الجينات التي تحملها الصبغات الخاصة بالبويضة الأنثوية والمخصبة بالحيوان الذكري للزوج ، فتؤثر الخصائص التي يتميز بها كل من الأب والأم بالخصائص الجسمية المكونة لشخصية الطفل.
أثر البيئة :
كذلك تلعب البيئة المنزلية دوراً مهماً في تحديد سلوك الأطفال وفي تشكيل شخصياتهم، وتترك آثاراً عميقة في مستقبلهم، وقد دلت دراسة قام بها العالم ( بولديون Baldwin ) على أن الممارسات الديمقراطية في البيت يتمخص عنها أطفال نشيطون مخططون، غير هيابين، وميالون إلى التزعم في حين أن الأطفال الذين تربوا في بيئة منزلية متسلطة يميلون إلى الهدوء، قليلو الأصالة وضعاف الخيال. كما أبرزت دراسات أخرى أن البيوت التي يسود فيها الوئام تنشىء أطفالاً اجتماعيين، أما البيوت التي تسود فيها الكراهية فإنها تنشىء أطفالاً مضطربين عاطفياً.
وفي السنة الرابعة يرسل الأطفال إلى الرياض ليتفاعلوا مع الأطفال الآخرين باللعب، وليس من المستحب أن يُكرهوا على التعلم في هذه السنة المبكرة، ويكفيهم أن يتهيئوا للذهاب إلى المدرسة، وأن يتعودوا على الاستقلال عن الأسرة من جهة، وعلى صحبة المعلمة من ناحية أخرى.
ثقافة الوالدين :
يعلم الوالدان المثقفان بأن أطفالهما في مرحلة الطفولة المبكرة يتميزون بمجموعة من الخصائص التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار أهمها: النمو السريع، وهذه الخاصية تتطلب العناية بنوعية الأطعمة والأشربة التي تقدم للأطفال، حيث تكفل الأسرة الواعية لأطفالها غذاءً كاملاً متوازناً مشتملاً على جميع العناصر التي يحتاج إليها في عملية بناء جسمه مثل: البروتينات والنشويات والأملاح والفيتامينات، فإن النقص الحاصل في عنصر من هذه العناصر قد يورث الطفل أمراضاً وهزالاً وليناً في العظام أو ضعفاً في البصر. كما أن الإفراط في تقديم الطعام قد يسبب له اضطرابات في عملية الهضم، وقد يترتب عليها مشاكل صحية هو في غنىً عنها.
وفي هذه المرحلة يستطيع الطفل أن يأكل كل شيء، لكن يستحسن أن يُجنّب أكل الأشياء شديدة الدسم التي قد تسبب له مشاكل في الهضم. ولا ينبغي أن تكره الأم وليدها على تناول الطعام؛ لأنه في هذه الحالة قد يكره الطعام من قبيل العناد لتحقيق الذات، ومن المهم أن تسأل وليدها عما يرغب في أكله؛ لأنها إن اختارت له نوعاً من الطعام فلربما يرفضه.
وفي هذه المرحلة ينمو الجذع والهيكل العظمي وسائر الأطراف الأخرى التي تتطلب العناية بها ممارسة حزمة من التدريبات الرياضية المدروسة بعناية. وفي هذه المرحلة تكون حركات العضلات الصغيرة لدى الأطفال دون سن الثالثة غير منسجمة بصورة دقيقة، ولكن بالتدريب المستمر تستطيع الأم أن تساعد صغيرها على أن يتحكم بأصابعه وسائر عضلات جسمه بصورة أفضل. ومن جهة أخرى تستطيع أن تدربه على العد البسيط أو أن تعرفه بالألوان أو الجهات، وهذه الدروس البسيطة تفيده في عملية النمو العقلي.
والطفل في هذه المرحلة يسعى لتقليد والديه فيما يقومان به وكثيراً ما نرى الطفل يضع سيجارة أو ما شابهها في فمه لأنه رأى والده يدخن، وقد نراه يلعب بالنرد أو بالورق لأنه رأى والده يفعل ذلك، وإن سمع والده يكذب فإنه قد يتعلم منه الكذب، وترى الطفلة تقلد أمها فيما تقوم به فلتحرص على أن لا تفعل إلا صواباً، ولا تنطق إلا بخير .
أثر البيئة في النمو اللغوي :
ومن حيث النمو اللغوي يبدأ الطفل بتعلم أسماء الأشياء المحيطة به، ثم تنمو قدرته على بناء الجمل القصيرة كما يسمعها من المحيطين به، لذلك فإن الخبراء ينصحون بأن تكون هذه الكلمات وهذه الجمل مهذبة وفصيحة قدر الإمكان . ولعل أفضل خدمة تقدمها مسلسلات الرسوم المدبلجة باللغة الفصيحة للأطفال هي أنها تجري على ألسنتهم هذه اللغة الجميلة.
وفي السنة الرابعة يتسع القاموس اللغوي للطفل بسرعة، وقد يثير إعجاب من حوله بفصاحته، لكن الحقيقة أنه أحياناً يردد كلمات فصيحة دون أن يدرك معناها، لذلك لا ينبغي اتهامه بقلة الفهم؛ لأن قدراته العقلية إنما هي قدرات الطفل.
ومن السمات الأخرى المميزة لطفل هذه المرحلة؛ أنه يكثر من طرح الأسئلة على والديه، ومن المهم جداً أن لا يضيق الوالدان ذرعاً بهذه الأسئلة ، وأن يأخذاها بالجدية التامة؛ لأن الإجابة المدروسة على أسئلة الطفل تساعد على نموه العقلي بسرعة. يرى بياجيه (piaget) أن الطفل في هذه المرحلة يتميز بعدم القدرة على تركيز الانتباه، غير أن قدرته على التذكر تكون جيدة..
كما تلعب عوامل متعددة دوراً في النمو اللغوي لدى الأطفال من أبرزها صحة جهاز الكلام والحواس المستقبلة له، وتساعد الأفلام المتحركة الأطفال على التحدث بطلاقة، كما تلعب علاقة الطفل المتوازنة بأمه والسرور الناجم عن مداعبتها له واهتمامها به أثراً مميزاً في قدرته المبكرة على الكلام.
وفي هذه المرحلة يزداد حب الاستطلاع لدى الطفل وهو يبذل المحاولات الدائبة لاكتشاف ما حوله، والخبراء لا ينصحون الآباء بتحجيم أطفالهم، لكنهم يرون أنه من المستحسن مراقبتهم أثناء لعبهم بالأدوات الحادة لكي لا يؤذوا أنفسهم، أما الأدوية والمواد السامة والأشياء الكاوية فإن من المستحسن أن توضع بعيداً عن متناول أيدي الأطفال.
ولا ينبغي أن يتجاهل الأبوان أسئلة طفلهما؛ لأن إجاباتها على قدر كبير من الأهمية بالنسبة له، وقد يسأل طفل أسئلة معجزة أو محرجة، وهنا تجدر إجابته بإيجاز وبألفاظ سهلة يسهل عليه فهمها. مع ملاحظة أن لا تثير الإجابة قلقه أو فزعه إذا كان السؤال يتعلق بالموت أو بالجن أو ما شابه ذلك.
وتلعب القصص والحكايات دوراً مهماً في النمو اللغوي للأطفال، لذلك فإن الأمهات المستنيرات يحسن اختيار القصص المؤثرة التي تخاطب وجدان الطفل وفكره، ويجتنبن حكايات الرعب والجن والأشباح وما شابهها؛ لأنها تؤثر سلباً على نمو الطفل الانفعالي وتترك في اللاشعور آثاراً غير محمودة. وقد أثبتت دراسات قام بها بلانك وفرانك (Blank and Frank) بأن الأطفال الأذكياء يستفيدون من القصص أكثر من أقرانهم الأقل ذكاء.
النمو العاطفي :
وفي هذه المرحلة من الطفولة يتميز الطفل بالانفعالات الوجدانية الحادة التي تتأرجح بين الحب الشديد والغضب الشديد، ويحكم عاطفة الطفل علاقته بأبويه، فإن كانت هذه العلاقة متزنة يسودها الحب والأمن والطمأنينة كان الطفل محباً بدوره، وإن اعتراه قلق أو خوف كانت سمته الغالبة هي الغضب والبكاء.. لذلك فإن الباحثين ينصحون الوالدين بأن يوفرا لأطفالهما جواً من الأمن والطمأنينة والشعور بالسعادة، واجتناب اللجوء إلى العقاب البدني، والاستعاضة عنه بوسائل التعزيز الإيجابي والحوافز. كما ينصحون بعدم الإعراض عن أبنائهم، وبالاهتمام بكل ما يصدر عنهم، والمساواة بينهم بالحب والهبات.
والاتزان النفسي للطفل في هذا المرحلة يستمده من شعوره بحب والديه له، والذي يلمسه في تعابير الوجه وقسماته، وفي الكلمات الحانية التي يُخاطب بها، غير أن ما يبدد هذه الحاجة هو قسوة الأب أو غلظة الأم أوالخلافات والمشاحنات التي قد تحصل بين الوالدين أحياناً.
ولكي يكون النمو العاطفي للطفل سليماً ومتوازناً فإنه يجدر بالأسرة وبالمدرسة أن تتفهما حاجات الأطفال الأساسية، وأن تعملا على إشباعها، وهذه الحاجات هي:
- الحاجة للأمان؛ لأن الخوف والقلق يتركان بصماتهما السلبية على صحة الأطفال النفسية.
- الحاجة إلى الحب؛ مما يجعل نفس الطفل هادئة مستقرة، لذلك فإن من الأهمية بمكان أن تشعر الأسرة والمدرسة الطفل بهذا الحب.
- الحاجة إلى توكيد الذات؛ لذلك فإن تقدير الأسرة للطفل، وإشعاره بأهميتة مما يساعد على استقراره النفسي.
- الحاجة إلى الاستقلال؛ لذلك فإن الأسرة الواعية هي التي تسند إلى الطفل قدراً من المسؤولية، وتعطيه فرصاً للتغلب على مشاكله بنفسه ؛ لأن من شأن ذلك أن يدخل السعادة إلى نفسه .
ويغذي شعور القلق وعدم الاطمئنان الذي يعاني منه الطفل الذي يعيش في كنف والدين متشاكسين عبارات اللوم والتقريع التي قد يوجهها أحدهما أو كلاهما لنفسه الغضة، وهو ما قد يتسبب في إضعاف شخصيته، أو بإصابته بنوع من الاضطرابات السلوكية.
ومن أجل المحافظة على سيل الحب والحنان متدفقاً ليروي حاجة الأطفال إلى الطمأنينة، فإن علماء التربية ينصحون الآباء والأمهات بـ:
- الاقتراب من الأطفال وعدم الابتعاد عنهم لفترات طويلة.
- عدم تركهم بين أيدي المربية خصوصاً إذا كانت هذه المربية أجنبية أو جاهله، وإذا اضطرت الأم أن تبتعد عن طفلها لفترة قصيرة فإنها تنصح بتركه عند جدته أو خالته أو امرأة أخرى تحبه، وولديها القدرة على أن تشعره بالحب والحنان.
- عدم الاكثار من تقريع الأطفال وتوجيه اللوم لهم.
- عدم اللجوء إلى العقاب البدني إلا للضرورة القصوى، وبعد استنفاذ الأساليب العلاجية الأخرى.
- اجتناب عقد مقارنة بين الإخوان؛ لأن ذلك قد يقتل الحب ويولد الأحقاد.
وقد دلت الدراسات التي أجريت لتحديد أسباب الخوف لدى الأطفال أن الأطفال يتعلمون الخوف من مؤثرات بيئية كالأشخاص والأشياء، وأن الخبرات غير السعيدة التي يكتسبها الطفل من أشخاص أو أشياء تولّد لديه خوف من هؤلاء الأشخاص أو الأشياء، وربما تكون هذه المخاوف ناجمة عن حكايات خرافية - حول الجن والأشباح وما شابه ذلك - تحكيها أم جاهلة لطفلها فتزرع في نفسه بذور الخوف.
كذلك فإن الأسرة الواعية لا ترهق نفسيات أطفالها بتلقينهم التعصبات القبلية أو الدينية أو المذهبية، وإنما تربيهم على المحبة والإخاء والتسامح.
ومن القضايا ذات الخطورة على توازن الطفل النفسي ونموه العاطفي الخلافات في الطباع والممارسات بين الأب والأم لأن النمو الوجداني للطفل لا يكتمل إلا بالتوافق التام بينهما، وتكمن الخطورة في أن يحاول أحد الوالدين - وهو يعتقد أنه هو على حق - أن يستأثر بحب الطفل زاعماً له أن الطرف الآخر يكرهه، إن مثل هذه الممارسات قد تخلق للأطفال عقداً هم في غنى عنها، وربما لن تظهر الآثار الوخيمة لهذا السلوك الأناني إلا في فترات لاحقة.. فقد ترى الطفل قد غدا شاباً شريراً حاقداً يجد المتعة في أن يلحق الأذى بالآخرين، وربما بوالده أو بوالدته نفسها. فإذا كان لا بد من انفصال الوالدين فليحرص كل منهما على أن لا يذكر طليقه أمام أطفالهما إلا بخير، وإلا فإن العقد النفسية قد تصاحب هؤلاء الأبناء طيلة حياتهم..
ومن القضايا التي نلفت انتباه الأم لها هي ولادة أخ للطفل؛ فإن هذا الوليد الجديد يثير غيرة أخيه لأنه سلب منه اهتمام والدته به ، لذلك فإنه قد يعمد إلى ممارسة أعمال سلبية أو مؤذية؛ ليلفت نظر والدته له، كأن يتبول على نفسه، أو يشرع في البكاء عند النوم مظهراً الخوف لتأتي والدته وتنام إلى جانبه.
دور اللعب :
في العام الثالث يبدأ الطفل بالبحث عن الصحبة واللعب الجماعي ويكتسب بعض القيم والعادات الاجتماعية ويقتدى بوالديه وأقرانه. وتلعب البيئة دوراً مهماً في تشكيل شخصية الطفل وتحديد منطلقاته واتجاهاته، فيتأثر الولد بأبيه والبنت بأمها في البيت، كما أن للرفاق أثرهم في الحي وفي المدرسة. وفي البيئة المنزلية يتأثر الطفل بوالديه، ويكون تأثير الأب على ولده، والأم على طفلتها أكثر وضوحاً .. وفي الحي يتأثر الأطفال برفاقهم. وفي المدرسة بمعلمتهم كما أن لدور العبادة دورها.
وفي هذه المرحلة يحب الأطفال اللعب والرسم، واللعب غاية في الأهمية بالنسبة للأطفال ولكل سن ما يناسبها من ألعاب، لكن لا ينبغي إكراه الطفل على ممارسة لعبة لا يميل إليها، وإنما يجدر بالوالدين أن يتركا للطفل حرية اختيار اللعبة التي يريدها وممارسة الألعاب التي يميل إليها، ويحب الطفل أن يشاركه والداه أحدهما أو كلاهما باللعب ويكون سروره عظيماً لو كانت اللعبة من اختياره هو.
- كيف يوظف ولي الأمر اللعب ؟
يعمل اللعب على إحداث تغييرات مرغوبة في البناء الجسمي وفي التكوين العقلي والنفسي للطفل، لذلك فإنه من الأهمية بمكان أن يعرف المعلم وولي الأمر كيف يوظفان اللعب لتحقيق هذا الهدف العزيز. وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعدهم على تحقيق ذلك .
أ - توفير الألعاب التي تلائم المرحلة العمرية للطفل، ولا تتعارض مع الثقافة التي يراد للطفل أن يتربى عليها، والتأكد من أنها لا تلحق به أذى.
ب - التخطيط الواعي ووضع منهجية علمية واضحة الأهداف، لتحقيق أفضل فائدة مرجوة للطفل بممارستها. ويضمن التخطيط تحديد الألعاب التي تعمل على تنمية جانب من جوانب شخصية الطفل الجسمية والعقلية والوجدانية والمهارية والاجتماعية.
- الإطلاع على تجارب المربين المبدعين الذين أحسنوا توظيف اللعب في التعليم ، ومن أبرزهم منتسوري Montessori التي أنشأت مراكز للأطفال يتعلمون فيها القراءة والحساب من خلال اللعب.
سلبيات عدم اللعب:
بقي أن نحذر من أن بعض أولياء الأمور يخطئون إذ يعتقدون بأن اللعب لا فائدة ترجى منه، وأنه مضيعة للوقت وللجهد، فيمنعون أبناءهم من ممارسة اللعب خوفاً عليهم، وحرصاً على مستقبلهم. وهؤلاء الأطفال المحرومون من اللعب ينشئون غالباً مثل دجاج المزارع بلا خبرات مفيدة، ويكونون عاجزين عن مواصلة التعلم بصورة جيدة عند التحاقهم بالمدرسة، والأجدر بهم أن لا يحرموا أبناءهم من جني ثمرات اللعب؛ لأنه يساعدهم على بناء شخصياتهم بناء سوياً متوازناً .
ويبقى الأثر الذي أصبح في هذا العصر ملموساً وهو الأثر المتمثل في البرامج والمسلسلات الأجنبية التي تبثها وسائل الإعلام؛ هذه المسلسلات ينبغي أن تكون موضع مراقبة من أولياء الأمور لما يترتب عليها من آثار سلبية لأن بعضها يستهدف الربح المادي فقط، ولأن بعضها الآخر يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا والقيم التي نريد أن نربي أبناءنا عليها.
كما أن للبيئة الجغرافية آثارها، فأطفال الجبال تختلف اهتماماتهم عن أبناء الشواطئ، كما أن أطفال الريف يختلفون عن أبناء المدينة.
وللبيئة الغنية بالمؤثرات كالألعاب والمكتبات دور أكثر إيجابية من البيئات الفقيرة. وهكذا تتعاون عوامل الوراثة وعوامل البيئة في تشكيل شخصية الطفل عبر المؤثرات المتاحة.
العناية الصحية .
وفي هذا المجال ينبغي على الأسرة أن تحرص على تطعيم أطفالها ضد الأمراض المعدية كالجدري والحصبة الألمانية والحمى القرمزية وغيرها لحمايتهم من الإصابة بها، ومن المضاعفات التي قد تترتب عليها.
وتحرص الأم الواعية على نظافة طفلها، وتحثه على أن يغسل يديه ووجهه بالماء والصابون، لكن لا ينبغي أن يكون الماء حاراً جداً أو بارداً جداً، كما لا ينبغي أن يكون استخدام الصابون مؤلماً، وإلا فإن الطفل قد يصاب بردة فعل سلبية تجاه النظافة، ومن هنا جاء دأب شركات المنظفات على تطوير المنظفات الخاصة بالأطفال.
وفي هذه المرحلة يكتمل نمو الأسنان المؤقتة، وتبدأ بالتساقط لتحل محلها الأسنان الدائمة، والتي ينبغي العناية التامة بها ، واجتناب الصدمات التي قد تتعرض لها، لعلها تستمر بعملها حتى نهاية العمر.
وفي السنة الرابعة يستطيع الطفل أن يتحكم بمثانته فيتبول إرادياً، لكن إذا حدث العكس فإنه ينبغي عرض المشكلة على أهل الاختصاص، ولن تفيد عملية تأنيب الطفل؛ إذ أن هذا الفعل قد يسبب له إذلالاً أو شعوراً بالنقص خصوصاً إذا كان التأنيب أمام إخوانه أو أقرانه وتنصح الأم بأن تعود طفلها بالذهاب إلى الحمام في أوقات محددة وأن تهتم بأن لا يشغله اللعب عن قضاء حاجته؛ لأن ذلك قد يسبب له إمساكاً ومضاعفات هو في غنى عنها.
فإذا استطاعت الأسرة أن توفر لأطفالها الظروف الملائمة لنموهم بوعي، فإنها تكون بذلك قد أسهمت إلى حد كبير في بناء شخصياتهم بناء سويا، ووضعتهم على بداية طريق النجاح في حياتهم العملية.
الأدوار المتكاملة للأسرة من أجل توفير رعاية مميزة للأطفال
بواسطة: ناديا آمال شرقي
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/ara...e.thtml?id=642
المفضلات