عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
بحث: أثر المادة المقروءة في سرعة القراءة (موضوعاً وأسلوباً)
فإن القراءة هي المعلم الأطول بقاءً مع الإنسان حين يتعامل معها بجدية واستمرار، وكلما قرأ الإنسان أكثر زادت معارفه واتسعت مداركه – ولا شك في هذا – ، ولكن الوقت قد لا يساعد المرء على قراءة كل ما يطمح إلى قراءته، ومن هنا جاءت القراءة السريعة المرتبطة بالاستيعاب الكامل للمقروء لتحل الإشكال، حيث أصبح بالإمكان قراءة جزء كبير في وقت أقل.
وحين انتهيت من دبلوم القراءة السريعة حاولت ما استطعت تطبيق المهارات التي تعلمتها على جميع ما أقرأ، فنجحت في ذلك أحياناً وأخفقت أحياناً..
ولما بحثت عن سبب عدم قدرتي على القراءة السريعة في بعض ما أقرأ استلزم هذا مني أن أحصرها لأرى العامل المشترك بينها، فوجدته يعود إلى أمرين، ربما يكون لهما ثالث أو رابع أو أكثر لم أعثر عليها.
الأمر الأول: موضوع المادة المقروءة، وأعني بها الفن الذي يختص به الكتاب أو المقال. فالروايات ليست ككتب الجغرافيا مثلاً.
وهذا الأمر نسبي، ويختلف باختلاف الأشخاص، تعتمد بالدرجة الأولى على رغبة القارئ واهتمامه، فما يكون مرغوباً عند رجل قد لا يكون كذلك عند آخر. إذ سيكون حب المادة المقروءة دافعاً كبيراً لسرعة القراءة، والعكس صحيح.
ولتوضيح الأمر أكثر فإني سأجعل من نفسي مثالاً، وسأقيس سرعتي في القراءة في موضوعين يتضادان عندي محبة وكرهاً، لأعرف فارق السرعة بالنسبة المئوية.
الموضوع الأول: (قصة)، وهي موجودة في مركز القراءة السريعة باسم: (ورطة التفاحة)، وهي كالتالي – مع تحفظي على أسلوبها الركيك نوعاً ما – : "يحكى انه في القرن الأول الهجري كان هناك شابا تقياً يطلب العلم ومتفرغ له ولكنه كان فقيرا وفي يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع.. ولأنه لم يجد ما يأكله فانتهى به الطريق إلى احد البساتين والتي كانت مملوأة بأشجار التفاح وكان احد أغصان شجرة منها متدليا في الطريق ... فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولا احد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحده ...
فقطف تفاحة واحدة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه فجلس يفكر ويقول كيف أكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم استأذن منه ولم أستسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب يا عم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغا عظيماً وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهاأنذا اليوم أستأذنك فيها..
فقال له صاحب البستان .. والله لا أسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله!!!
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل إليه أن يسامحه وقال له أنا مستعد أن اعمل أي شي بشرط أن تسامحني وتحللني وبدا يتوسل إلى صاحب البستان وصاحب البستان لا يزداد إلا إصرارا وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل إليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر...
فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب لا زال واقفا ودموعه التي تحدرت على لحيته فزادت وجهه نورا غير نور الطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان يا عم إني مستعد للعمل فلاحا في هذا البستان من دون اجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني!!
عندها اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يا بني إنني مستعد أن أسامحك الآن لكن بشرط!!
فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال اشترط ما بدا لك يا عم ..
فقال صاحب البستان شرطي هو أن تتزوج ابنتي !!
صدم الشاب من هذا الجواب وذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله: ولكن يا بني اعلم أن ابنتي عمياء وصماء وبكماء وأيضا مقعدة لا تمشي ومنذ زمن وأنا ابحث لها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها .. فإن وافقت عليها سامحتك.
صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية.. وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصا انه لازال في مقتبل العمر؟ وكيف تقوم بشؤونه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات؟ بدأ يحسبها ويقول أصبر عليها في الدنيا ولكن أنجو من ورطة التفاحة..
ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له يا عم لقد قبلت ابنتك وأسال الله أن يجازيني على نيتي.. وأن يعوضني خيرا مما أصابني..
فقال صاحب البستان: حسنا يا بني موعدك الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لك بمهرها.
فلما كان يوم الخميس جاء هذا الشاب متثاقل الخطى، حزين الفؤاد، منكسر الخاطر، ليس كأي زوج ذاهب إلى يوم عرسه فلما طرق الباب فتح له أبوها وادخله البيت. وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له يا بني... تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير وأخذه بيده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته فلما فتح الباب ورآها ... إذا فتاة بيضاء أجمل من القمر قد انسدل شعر كالحرير على كتفيها فقامت ومشت إليه فإذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت السلام عليك يا زوجي!!
وقف صاحبنا في مكانه يتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت إلى الأرض وهو لا يصدق ما يرى ولا يعلم ما الذي حدث ولماذا قال أبوها ذلك الكلام ...
ففهمت ما يدور في باله فذهبت إليه وصافحته وقبلت يده وقالت إنني عمياء من النظر إلى الحرام وبكماء من النظر إلى الحرام وصماء من الاستماع إلى الحرام ولا تخطو رجلاي خطوة إلى الحرام .. وإنني وحيدة أبي ومنذ عدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من اجلها قال أبي إن من يخاف من أكل تفاحة لا تحل له حريّ به أن يخاف الله في ابنتي .. فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك ..
وبعد عام أنجبت هذا الفتاة من هذا الشاب غلاما كان من القلائل الذين مروا على هذه الأمة ... أتدرون من ذلك الغلام؟؟
إنه الإمام أبو حنيفة صاحب المذهب الفقهي المشهور" .
الموضوع الثاني: (فلكي)، وهو موجود في مركز القراءة السريعة بعنوان (دوران الأرض)، ونصه كالتالي: "قبل مئات السنين كان الناس يعتقدون أن الأرض ثابتة لا تتحرك وأن الشمس والقمر والنجوم هي التي تدور حول الأرض، وكان من البديهي أن يسود هذا الاعتقاد لأن الإنسان لا يشعر بدوران الأرض وهو يرى أمامه حركة الشمس من المشرق إلى المغرب وظهور القمر والنجوم في الليل وغيابهما في النهار. أما اليوم فنحن نعرف بالطبع إن الأرض تدور باستمرار حول نفسها وحول الشمس. ويعود سبب عدم شعورنا بدورانها إلى أننا ندور معها نحن والهواء المحيط بنا والبحار والمحيطات واليابسة، وإلى أن الجاذبية الأرضية تبقينا وتبقي كل شيء ملتصقاً بالأرض وتمنعه من الارتفاع في الجو. والحركة المهمة الأخرى للأرض والتي لا نشعر بها لكنها تؤثر كثيراً في حياتنا هي رحلتها حول الشمس والتي تستمر سنة كاملة. وهذه الحركة هي التي تجعل السنة أربعة فصول متتالية تبدأ بالشتاء ثم الربيع ثم الصيف فالخريف. ولا يخفى على أحد مدى اختلاف حياتنا في كل من هذه الفصول".
ولأنني أهوى القصص أكثر من المواضيع الفلكية بكل تأكيد فقد حصلت على سرعة تفوق (1200) كلمة في الدقيقة في الموضوع الأول، بينما لم تتجاوز سرعتي (800) كلمة في الدقيقة في الموضوع الثاني. أي بفارق يفوق 33% لصالح الموضوع الأول.
والأمر الثاني: أسلوب الكاتب، فالكتاب يتفاوتون ما بين السلاسة والتعقيد، والوضوح والغموض، منهم من يوصل إليك فكرته بأسهل عبارة وأوضحها في أسطر قليلة، ومنهم من تقرأ نصف كتابه دون أن تفهم قصده، وهذا لاشك يشوش ذهن القارئ لأنه يوهمه بأنه لم يقرأ جيداً ما سبق، والحقيقة أنه قد قرأ جيداً ولكن أسلوب الكاتب المفكك أو المعقد أو الصعب هو السبب في عدم فهم المكتوب بشكل سريع.
ومن المهم أن أوضح أنه ليس من المذموم دائماً كون أسلوب الكاتب صعباً وغير ملائم للقراءة السريعة، بل إن هذا قد يكون بسبب المستوى اللغوي العالي للكاتب، بحيث لا يفهم أسلوبه إلا من يملك مخزوناً لغوياً كبيراً بالإضافة إلى دربته واعتياده على ذلك الأسلوب.
وسأدرج فيما يلي ثلاثة أمثلة على ثلاثة أنواع من الأساليب، اثنان منها فيهما نوعُ صعوبة بسبب سوء العبارة، أو صعوبتها اللغوية، والثالث سهل ميسر، ثم أقارن بينها من خلال سرعتي في قراءتها مع وضع الفارق بالنسبة المئوية، ووضع نسبة الفهم والاستيعاب كذلك لكل مثال، مع ملاحظة أن ما ينطبق عليّ قد لا ينطبق على غيري – أقصد في نفس المثال – أما الأصل فهو واحد.
المثال الأول: (أسلوب صعب بسبب ركاكة العبارة)، وقد اخترت هذا المقطع من كتاب: (بول حنا: يمكنك أن تفعلها)، وذلك لأن ترجمته سيئة جعلت كثيراً من كلام المؤلف غير مفهوم، قال في بداية الفصل الخامس: " بدون استثناء، فإن كل شخص ناجح أعرفه، قد اشترك معي في حدث ما جرى خلال رحلته التي منحته إثارة كبيرة للمشاعر أو جعلته يقول: إن ما يكفي يكفي، إنه حدث في حياته جعله يقرر أنه يستحق أن يحلق على ارتفاع أعلى ولن يمكث على الارتفاع الأقل بعد الآن.
بقدر ما أريد أن أساعدك في تحسين حياتك في المجال الذي ترغبه، يجب أن تفهم أن تعهدك بالتغيير هو الخطوة الأولى والأكثر أهمية، لقدر قدرت عن احترام الذات وتعيين الأهداف، وتعلمت أننا جميعاً نمتلك قدرة هائلة بداخلنا. لكن ما الذي يقرر ما إذا كنت تستخدم هذه القدرة أو لا؟ إنه القرر بألا تتقبل الوضع الحالي للأحداث بعد الآن".
المثال الثاني: (أسلوب صعب بسبب قوة ألفاظ الكاتب)، وقد اخترت هذه الأسطر من كتاب: (الجاحظ: البيان والتبيين)، وذلك لجزالة ألفاظه وصعوبتها لمن لم يعتد عليها: " قال ابن عبّاس رحمه اللَّه في تعظيم شأن عصا موسى عليه السلام: الدّابَّةُ ينشقّ عنها الصَّفا معها عصا موسى وخاتَم سليمان تمسَح المؤمن بالعصا وتختمِ الكافر بالخاتَم وجعل اللَّه تبارك وتعالى أكبر آدابِ النبي عليه السلام في السِّواك وحضَّ عليه صلى الله عليه وسلم والمِسواك لا يكون إلا عصاً وقال أبو الوجيه: قُضبان المساويك البَشَام والضّرْو والعَتَم والأراك والعُرجون والجريد والإسحِل وقد يلبَس النّاس الخِفاف والقَلانِسَ في الصَّيف كما يلبسونها في الشّتاء إذا دخلوا على الخلفاء وعلى الأمراء وعلى السّادة والعظماء لأنّ ذلك أشبه بالاحتفال وبالتعظيم والإجلال وأبعَدُ من التبذُّل والاسترسال وأجدَرُ أن يفصلوا بين مواضع أُنْسِهم في منازلهم ومواضع انقباضهم وللخلفاء عِمَّةٌ وللفقهاء عِمَّةٌ وللبقَّالين عِمَّة وللأعراب عِمَّةٌ ولِلّصوص عِمَّة وللأبناء عِمَّة وللرُّوم والنصارى عِمَّة ولأصحاب التَّشاجِي عِمَّة ولكلِّ قوم زِيُّ: فللقُضاة زيّ ولأصحاب القضاة زِيّ وللشُّرَط زيّ وللكتّاب زيّ ولكُتّاب الجُنْدِ زِيّ ومن زِيّهم أن يركبوا الحمير وإن كانت الهماليج لهم مُعْرِضة وأصحاب السلطان ومن دخَل الدار على مراتب: فمنهم من يلبس المبطَّنة ومنهم من يلبس الدُّرَّاعة ومنهم من يلبس القَبَاء ومنهم من يلبس البازبكند ويعُلّق الخِنجر ويأخذ الجُرْز ويتَّخذ الجُمَّة وزيُّ مجالسِ الخلفاء في الشِّتاء والصَّيف فُرُش الصُّوف وترى أنَّ ذلك أكملُ وأجزلُ وأفخم وأنبل ولذلك وضعت ملوكُ العجم على رؤوسها التِّيجان وجلست على الأسِرّة وظاهَرَت بين الفُرُش وهل يملأُ عيونَ الأعداء ويُرعِب قلوبَ المخالفين ويَحشُو صدورَ العوامِّ إفراطَ التعظيم إلاّ تعظيمُ شأن السُّلطان والزِّيادة في الأقدار وإلا الآلات وهل دواؤُهم إلاّ في التَّهويل عليهم وهل تُصلحهم إلاّ إخافتُك إيّاهم وهل ينقادون لما فيه الحظُّ لهم ويُسْلِسون بالطاعةِ التي فيها إصلاحُ أمورهم إلاّ بتدبير يجمع المهابة والمحَبَّة وكانت الشعراء تلبس الوشْيَ والمقطَّعاتِ والأرديةَ السُّودَ وكلَّ ثوب مُشَهَّر وقد كان عندنا منذ نحو خمسين سنة شاعرٌ يتزيّا بزيِّ الماضين وكان له بُرْدٌ أسود يلبَسه في الصَّيف والشتاء فهجاه بعض الطِّيَاب من الشعراء فقال في قصيدةٍ له..." الخ
المثال الثالث: (أسلوب سهل سلس)، وقد اخترت هذه الأسطر من كتاب: (علي الطنطاوي: من حديث النفس)، حيث إن أسلوبه سهل ممتنع، لا يكاد يوقفك شيء أثناء القراءة: " ومما حدث لي أنني لما كنت أعمل في العراق سنة 1936 نقلت مرة من بغداد إلى البصرة أثر خصومة بيني وبين مفتش دخل الصف فسمع الدرس .
فلما خرج (نافق) لي فقال: إنه معجب بكتاباتي وفضلي، و(نافقت) له فقلت: إني مكبر فضله وأدبه، وأنا لم أسمع اسمه من قبل، ثم شرع ينتقد درسي فقلت: ومن أنت يا هذا ؟ وقال لي وقلت له ...
وكان مشهدا طريفا أمام التلاميذ ... رأوا فيه مثلا أعلى من (تفاهم) أخوين ، وصورة من تهذيب الأخلاق.
ثم كتبت عنه مقالة كسرت بها ظهره ، فاستقال و(طار) إلى بلده، ونقلت أنا عقوبة إلى البصرة.
وصلت البصرة فدخلت المدرسة ، فسألت عن صف (البكالوريا) بعد أن نظرت إلى لوحة البرنامج، ورأيت أن الساعة لدرس الأدب، وتوجهت إلى الصف من غير أن أكلم أحدا أو أعرفه بنفسي .
فلما دنوت من بابا الصف وجدت المدرس ، وهو كهل بغدادي على أبواب التقاعد ، يخطب التلاميذ يودعهم وسمعته يوصيهم (كرما منه) بخلفه الأستاذ الطنطاوي ، ويقول هذا وهذا ويمدحني ...
فقلت : إنها مناسبة طيبة لأمدحه أنا أيضا وأثني عليه ، ونسيت أني حاسر الرأس ، وأني من الحر أحمل معطفي على ساعدي ، وأمشي بالقميص وبالأكمام القصار، فقرعت الباب قرعا خفيفا ، وجئت ادخل؛ فالتفت إلي وصاح: إيه زمال وين فايت ؟ (والزمال الحمار في لغة البغداديين) فنظرت لنفسي هل أذني طويلتان؟ هل لي ذيل ؟ ... فقال: شنو ما تفتهم (تفهم) أما زمال صحيح .
وانطلق بـ (منولوج) طويل فيه من ألوان الشتائم ما لا أعرفه ، وأنا أسمع مبتسما .
ثم قال: تعال نشوف تلاميذ آخر زمان، وقف احك شو تعرف عن البحتري ، حتى تعرف أنك زمال ولاّ لأ ؟
فوقفت وتكلمت كلاما هادئا متسلسلا ، بلهجة حلوة ، ولغة فصيحة . وبحثت وحللت وسردت الشواهد وشرحتها ، وقابلت بينه وبين أبي تمام ، وبالاختصار ألقيت درسا يلقيه مثلي...
والطلاب ينظرون مشدودين ، ممتدة أعناقهم ، محبوسة أنفاسهم، والمدرس المسكين قد نزل عن كرسيه، وانتصب أمامي، وعيناه تكادان تخرجان من محجريهما من الدهشة، ولا يملك أن ينطق ، ولا أنظر إليه كأني لا أراه حتى قرع الجرس ... قال: من أنت ؟ ما اسمك ؟ قلت : علي الطنطاوي!
وأدع للسامعين الكرام أن يتصوروا موقفه!" .
بعد اختبار سرعتي على هذه الأمثلة الثلاثة خرجت بالنتيجة الآتية:
مقدار سرعتي في المثالين الأولين هي (700) كلمة في الدقيقة، بينما في المثال الثالث قاربت سرعتي (1200) كلمة في الدقيقة. أي بفارق يزيد على (39%) لصالح المثال الأخير، وذلك لسهولته وكون الموضوع مما يعجبني. أما المثالان الأولان فسرعتهما – كما سبق بيانه – واحدة، لكن يختلف المثال الثاني عن الأول أني فهمته، بينما لم أستوعب ما جاء في المثال الأول بشكل كامل رغم أنه لم يقتطع من وسط كلام، بل هو مقدمة فصل، وأعزو ذلك إلى سوء الترجمة وعدم استيعاب المترجم لمادة الكتاب كما أرادها المؤلف.
ومن خلال ما سبق يتبين لنا خلاصة هذه الصفحات، وهو أن بطء القراءة قد يكون بسبب الموضوع الذي قد لا يحبذه القارئ ولا يكون في جملة اهتماماته، وقد يكون بسبب الأسلوب الصعب أو المعقد، وقد يجتمع الأمران فيجتمع بطء على بطء ظلمات بعضها فوق بعض، وقد يكون العكس – نوراً على نور – حين يكون الموضوع محبباً للقارئ والأسلوب سهل سلس.
أتمنى أن أكون قد قدمت شيئاً مفيداً يلقي الضوء على جانب أراه مهماً، وقد شغل تفكيري لبعض الوقت، فأحببت طرحه بدل طرح تلخيص لكتاب معروف أو بحث مسألة قد بحثت أكثر من مرة. وأعتذر لعدم اعتمادي على أي مرجع وذلك لأني لم أجد شيئاً حول هذا الموضوع، ربما لقصور مني في البحث، أو لأنه لم يتم التطرق إليه – مع شكي في هذا – فأرجو ممن قرأ حول هذا الموضوع أن يدلني على من كتب فيه، وللجميع مني خالص الحب والمودة..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقوووول
المفضلات