نشرت جريدة الجزيرة يوم الخميس 26/ 7/1428 هـ ، تصريحا للدكتور فهد بن عبد العزيز التويجري نائب محافظ المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، وثمة تعليقات أحببت البوح بها ، حيث تناول الدكتور مستقبل معاهد التدريب ، وتذبب سوق التدريب ، ورؤية المؤسسة والقطاع الخاص للتدريب ، والخطة القادمة لتطوير التدريب والمعاهد والمدربين ، وإسناد الإشراف على المعاهد التدريبية ، ومنح تراخيصها ، إلى الجمعيات والهيئات المهنية ، خلال السنوات الثلاث القادمة ، كإسناد الإشراف على معاهد تدريب الحاسب لجمعية الحاسبات السعودية ، وهنا تذكرت مقالي في عزيزتي الجزيرة ، حول خصخصة التدريب التربوي ، وإضافة لما سبق أقول : إن التدريب التربوي جزء من سوق التدريب، والذي أتأمله منذ فترة ، وإن لم يجز لي أن أسمي ما تشرف عليه المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بالتدريب التربوي فإنه على الأقل يجوز لي أن اسميه التدريب التعليمي ، وفي هذا إشارة إلى تعقيد مسألة الإشراف على التعليم ، وتجزئته بين المؤسسة ووزارة التربية والتعليم ، والتعليم العالي ، ووزارة الصحة أيضا ،والتي تشرف على المعاهد الصحية ، وينبأ الواقع بشتات التدريب والتأهيل ، ناهيك عن المرحلة القادمة ، حيث ستدخل الهيئات المهنية دائرة الإشراف والتصرف في التعليم من خلال جانبه الأهم وهو التدريب ، لتشكل مسرح الضياع التعليمي ، واستثناء وخروجا من شتات الإشراف القادم والحالي على التدريب ، أقول وبكل اختصار : بأن التدريب التربوي بالذات بحاجة لنظرة عاجلة ، وفاحصة ، دون تشفير لواقع التدريب التربوي ، ليضم لقافلة التدريب الأهلي أو الخاص ، لفتح أسواقه بشكل أكبر ، لقد حمدت الله أن رؤيتي لسوق التدريب التربوي لن تخيب أبدا مهما كان ، وان اختلفت مع المؤسسة حول المسؤول عن التدريب التربوي والتدريب التعليمي بشكل عام ، لن تخيب نظرتي أبدا ، حتى وإن قابلت وزارة التربية والتعليم اقتراحي بخصخصة التدريب التربوي بكل برود ، وبتصدد ، لأن البلد مقبل على صياغة جديدة للموارد البشرية اختيارا وتدريبا وصناعة ، بل إننا مقبلون على صياغة جديدة لسوق التدريب بشكل عام ، والبوادر واضحة للمتابع ، ليكون التدريب رافدا مهما لاقتصاد البلد ونهضته ، وتطوره ، ولن تستطيع وزارة التربية والتعليم الوقوف أمام التدريب التعليمي القائم في المعاهد ، وأتوقع أن تظهر معاهد متخصصة بالتربية ، ولعل مقالي هذا ، وغيره من المقالات التي تناولت التدريب التربوي ، تؤكد مرارا وتكرارا ، بضرورة تعديل وضع التدريب التربوي ، وفي كل يوم يتجلى لي ضرورة تغيير واقع التدريب التربوي ، وخاصة بعدما أن قرأت تصريح الأخ الدكتور فهد التويجري حفظه الله ، ويتطلب هذا حسب نظرة المؤسسة
العامة للتعليم الفني والتدريب المهني أن تشرع وزارة التربية والتعليم في إقرار مطلبي الأول ، وهو إقامة جمعية للتعليم ،والتي أسميتها ، جمعية التربية السعودية ، أو جمعية مملكة التربية السعودية ، ليتسنى لها أن تشرف على ما لا تستطيع وزارة التربية والتعليم الإطلاع عليه ، وبدون مجاملة أقول : لا بد من إسناد الإشراف على مراكز التدريب التربوي الحكومية لجهة مستقلة ومتخصصة ، كأن تكون الكليات المتخصصة مسؤولة عن التدريب ، فالمعاهد الصحية التي ظهر عوارها للناس ، والتي لم تعترف المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بشهاداتها ، يمكن أن تكون تحت إشراف كليات الطب وليس المؤسسة ، ولا وزارة الصحة ، والمعاهد التربوية القادمة يمكن أن تكون تحت إشراف الكليات التربوية ، نعم يجب أن تتوسع الكليات في مجال التدريب والإشراف عليه ، لتأخذ الجامعات زمام المبادرة للنهوض بسوق التدريب ، مع إشراك القطاع الخاص ، والجمعيات المهنية بالمراقبة ، والاقتراح وما شابه ، لربط الجامعات بالحراك التنموي ، بدلا من عزلها ، ووقوفا أمام تحويل الجمعيات إلى مؤسسات تعليم وتدريب ، وقبل أن تجر الجمعيات إلى ميدان التربية والتعليم ، بل وقبل أن تتورط الجمعيات المهنية بالمعاهد ، وقبل أن تفرغ الجمعيات المهنية من مهامها الحقيقية ، وهي المساهمة التعاونية أو الخيرية ، أقول بضرورة إعادة النظر فيما صرح به الدكتور فهد ، إذ لا أدري كيف ومتى ستشرف الجمعيات المهنية على المعاهد ؟! ولعل اقتراحي بخصخصة التدريب التربوي تزامن مع مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله لتطوير التعليم العام ، وبالذات في محوره الرابع : إعادة تأهيل المعلمين وتدريبهم ، بعد ثلاث سنوات ستتخلى المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني عن الإشراف على معاهد التدريب ، بل وعن منح تراخيصها ، ووزارة التربية والتعليم لم تستوعب بعد ضرورة الإسراع في تحقيق مطالبي التي هي في صميم التوجه العام ، بل وفي المسار الصحيح بكل تأكيد ، لأن مطلبي كما هو واضح ، لم يكن نظرة فردية ، بل توجه عام ، وإذا كانت المؤسسة المسؤولة عن التدريب تتخلى عن الإشراف والتصاريح فمن باب أولى أن تتخلى وزارة التربية والتعليم عن فتح مراكز التدريب التربوي ، وكذلك عليها أن تغلق مراكز التدريب ، وأن تلغي إدارتها ، وأن تمنع تفريغ المعلمين للتدريب ، للبحث عن الجديد ، والنظر في الأحوال عن قرب ، وعن بعد ، وبدون مجاملة ، وأنا على ثقة أن خصخصة التدريب التربوي والتعليمي ، وإسناد الإشراف عليه للكليات المتخصصة بدلا من المؤسسة والجمعيات المهنية وزارة التربية ، خطوة في الطريق الصحيح ، لأمور منها ، عدم إعطاء الجمعيات أكبر من حجمها ، بل ومنعا لتوريطها فيما لا طاقة لها به ، وللتخلص من الكوادر التي تدرب أي كلام ، والتجديد في نوعية التدريب ، وكيفيته ، والتخلص من الكوادر التي تدرب وهي لا تحمل أي شهادات عليا في التربية ، ولجذب وتحفيز المتخصصين في التدريب بشكل عام والتدريب التربوي بشكل خاص ، وتوفيرا للمباني المدرسية التي أفرغت من الطلاب لأجل إقامة مركز تدريب ،
وتوفيرا للأعداد الكافية ، لتخفيف الضغط على المعلمين في المدارس ، ولتتفرغ وزارة التربية والتعليم للإشراف على التربية والتعليم في المدارس ، وكتابة التقارير عن وضع مهارات المعلمين وكفاياتهم دون مجاملة ودون إجحاف أيضا ، لتوجه لمعاهد التدريب ، وجمعية التربية السعودية الجديدة ، والكليات التربوية المتخصصة ،وفي الختام أقول : لن تستطيع وزارة التربية والتعليم رسم أي خطة محكمة لتدريب كافة المعلمين خلال الست سنوات القادمة ، طالما أنها تعتمد على مراكز التدريب الحالية ، بمدربيها القائمين عليها ، مهما فعلت ، والوضع يحتاج لمعادلة اقتصادية جديدة ، لتكون لكل المعلمين ، ولمنع نخبوية التدريب التربوي ، وصياغة مقالي هذا جاءت بهذا الأسلوب لإدراك ضرورة دراسة الإنفاق على التدريب التربوي ، وبدلا من الإنفاق على الأجهزة والمباني وتفريغ المعلمين ، يمكن أن يمنح كل معلم مبلغا محددا كل عام باسم ( بدل التدريب التربوي ) ليتسلمه المعلم ، ثم لمعاهد التدريب ، مع دعوة القطاع الخاص للتبرع والاشتراك في نهضة سوق التدريب وصناعته ، راجيا من الله أن يأخذ بيد المسؤولين ، نحو كيفية رفع مكانة التدريب التربوي ، والنهوض به من القاع إلى القمة ، وفي النهاية تطوير التعليم العام بشكل خاص .شاكر بن صالح السليم
المفضلات