عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
نظرية الأندراغوجي لتعلم الراشدين
لقد بذلت جهود دامت أكثر من خمسة عقود تهدف إلى صياغة نظرية تعنى بالخصائص المميزة للمتعلمين الراشدين والمستمدة من الأبحاث والتجارب وتمهيداً لذلك ظهر كتاب "تعليم الراشدين الغير رسمي[w1] " (نولز, 1950) كمحاولة لتنظيم الأفكار حول إمكانية تعلم الراشدين بشكل أفضل ضمن المواقف العديمة الخطورة والمرنة والمريحة والغير رسمية. وفي منتصف الستينات, حضر معلم يوغسلافي متخصص بتعليم الراشدين حلقة دراسة حرة[1] صيفية في جامعة بوسطن وعرض مصطلح الأندراغوجي على المشاركين حيث تبين بأنه المفهوم الأكثر ملائمة وتنظيم. الأندراغوجي: هو علم وفن مساعدة الراشدين على التعلم. وقد اعتقد البعض بأنه نقيض نموذج البيداغوجي. بالواقع حملت طبعة نولز 1970 لكتاب "الممارسة الحديثة لتعليم الراشدين[2]" العنوان الفرعي "الأندراغوجي مقابل البيداغوجي". بالنتيجة, نحن بحاجة إلى فهم أشمل لمعنى البيداغوجي وذلك للإلمام الكامل في معنى الأندراغوجي.
البيداغوجي اصطلاحاً: هو كلمة مشتقة من مصدر إغريقي: فكلمة "بيد" تعني "الطفل" (نفس الجذر التي تأتي منه كلمة "طب الأطفال") وإغوجس بمعنى "قائد الـ". وبهذا يكون البيداغوجي كمعنى هو علم وفن تعليم الأطفال. ونموذج تعليمه عبارة عن مجموعة من الاعتقادات. أما المعلمين التقليديين فيعرفونه بالإيديولوجية المستندة على افتراضات التعليم والتعلم التي نشأت بين القرنين السابع والثاني عشر في المدارس الرهبانية والكاتدرائية[3] في أوروبا وهذا يعود إلى خبرتهم في تلقين المهارات الأساسية للأولاد الصغار[w2] . في الوقت الذي تم تنظيم المدارس العلمانية في القرون التالية والمدارس العامة في القرن التاسع عشر, وهذا يعود إلى تفرد النموذج البيداغوجي في عملية التعليم. وبهذا, اقتصر المشروع التربوي الكامل للمدارس الأمريكية والتعليم العالي على هذا النموذج. كما بذلت كل الجهود الممكنة والمنظمة لإنشاء برامج تعليم الراشدين في هذه البلاد والتي بدأت بعد الحرب العالمية الأولى فاعتمدت هذا النموذج لانعدام الخيارات الأخرى. مما أدى إلى استمرارية تعليم الراشدين وكأنهم أطفال حتى عهد قريب جداً.
يلقي النموذج البيداغوجي كامل المسؤولية على كاهل المعلم في اتخاذ جميع القرارات بشأن مواضيع وطرائق ومكان وزمان التعلم إضافة إلى مسؤولية ضمان نجاح هذه العملية. وعندما يكون التعليم موجهاً من قبل المعلم فإن مهمة المتعلم هنا تكمن في خضوعه لتعليمات معلمه. هكذا, يستند هذا التعليم على الافتراضات التالية بخصوص المتعلمين:
1- الحاجة للمعرفة: وتكمن في حاجة المتعلمين للتأكد من تعلمهم لما يلقنهم إياه المعلم وذلك في حالة رغبتهم بالنجاح والتقدم. إذ ليس من الضروري إلمامهم بكيفية تطبيق التعلم في حياتهم.
2- مفهوم الذات بالنسبة للمتعلم: فنظرة المعلم للمتعلم كشخص معتمد على غيره هذا يجعله ينظر لنفسه بالطريقة ذاتها .
إن حاجات وقدرات الأفراد تزداد بثبات عند مرحلة نضوجهم ابتداء من مرحلة الطفولة إلى مرحلة ما قبل المراهقة, ثم لا تلبث أن تزداد بسرعة خلال فترة المراهقة. فمن تلك الحاجات والقدرات نذكر:
- توجيه الذات.
- توظيف ما لديهم من خبرات في التعلم.
- تنظيم تعلمهم وربطه بمشاكل الحياة.
- تحديد استعدادهم الخاص للتعلم.
(اقرأ باور وهوليستر, 1967; بروينر, b 1961; كروس, 1981; إريكسون, 1950, 1959, 1964; جيتزلز وجاكسن, 1962; آيسكو وستيفنسن, 1960; سميث, 1982; وايت, 1959).
يوضح (الشكل 1-4) معدل النضج الطبيعي كانخفاض في التبعية (ونمثل ذلك بخط مستمر). وهكذا, نجد أن افتراضات البيداغوجي تمتاز بواقعيتها حيث يتم تطبيقه بالشكل المناسب- وذلك نتيجة لروح التصميم العالية خاصة خلال السنة الأولى. بالرغم من ذلك؟ تنخفض ملائمة الافتراضات في السنة الثانية والثالثة والرابعة وما بعدها (وتمثل بمنطقة الخطوط العمودية). ومن الواضح أن الثقافة الأمريكية تعتبرهذا النموذج أمراً لا بد منه (البيت, المدرسة, المؤسسات الديني, وكالات الشباب, الأنظمة الحكومية), الأمر الذي يؤدي إلى معدل نمو أبطأ بكثير (كما هو ممثل بخط متقطع). وفقاً لذلك, تزداد الممارسات الخاطئة للبيداغوجي (كما هو مثل بمنطقة مظللة بين الخط المستمر والخط المتقطع). وتكمن المشكلة في عجز الثقافة عن تطوير القدرات الضرورية لتوجيه الذات في الوقت الذي تكون الحاجة ملحة لذلك التوجيه ولتطوره الطبيعي, الأمر الذي يؤدي إلى حدوث فجوة مابين الحاجة والقدرة على توجيه الذات فينجم عن ذلك التوتر والرفض والاستياء وغالباً التمرد عند الفرد.
3- دور الخبرة: بما أن الخبرة مصدر للتعليم فهي ذات قيمة ضئيلة. بيد أن تلك التي يعتمد عليها المتعلمون فهي خبرة المعلم ومؤلف الكتاب المدرسي ومنتج الوسائل البصرية السمعية المساعدة. لذلك, تشكل تقنيات التعلم (مثلاً: المحاضرات, القراءات المحددة الخ) العمود الفقري لعلم المنهج البيداغوجي.
4- الاستعداد للتعلم: وذلك في إبداء استعداد المتعلمين للتعلم رغبة منهم بالنجاح والتقدم.
5- توجيه التعلم: فالمتعلمون يركزون على موضوع التعلم الذي هو اكتساب محتوى مادة البحث. لذلك, تنظم خبرات التعلم وفقاً لمنطق مضمون هذا التعلم.
6- الدافع: فالحوافز الخارجية تقوم بتشجيع المتعلمين على التعلم (مثلاً: الدرجات, استحسان المعلم أو رفضه, ضغوط الوالدين).
الشكل 4- 1: النمو الطبيعي نحو التوجيه الذاتي بالمقارنة مع معدل نمو التوجه الذاتي المسموح به ثقافياً.
ثانياً: الأندراغوجي
أولاً علينا معرفة ما هو المقصود بمصطلح "الراشد" قبل الخوض بافتراضات الأندراغوجي حول المتعلمين والتعلم. ولدينا في هذا السياق أربعة تعاريف فعالة على الأقل لكلمة راشد:
أولاً: التعريف الحيوي: سن الرشد من الناحية البيولوجية, هو الوصول إلى مرحلة القدرة على الإنجاب (أي في بداية المراهقة).
ثانياً: التعريف القانوني: سن الرشد, من هذه الناحية, هو بلوغ السن القانوني الذي يسمح لنا بالاقتراع والحصول على رخصة قيادة والزواج بدون موافقة ولي الأمر وما إلى هنالك.
ثالثاً: التعريف الاجتماعي: سن الرشد, من الناحية الاجتماعية, هو البدء بإنجاز وظائف الراشد كالعامل طوال ساعات الدوام المعتادة والزوج والولد والمواطن المنتخب وما إلى هنالك.
أخيراً: التعريف النفسي: سن الرشد, من الناحية النفسية, هو تحقيق مفهوم الذات وذلك بتحمل مسؤولية الحياة الخاصة وتوجيه الذات. وهذا التعريف يبلغ الأهمية الكبرى فيما يتعلق بالتعلم. إلا أن عملية تحقيق مفهوم الذات وتوجيهه تبدأ بمرحلة مبكرة من العمر وتزداد بشكل تدريجي عند بلوغ مرحلة النضوج البيولوجية أي مرحلة الرشد التي تكمن في القيام بوظائف عديدة والاعتماد على الذات في اتخاذ القرارات.
بهذا, نصبح راشدين تدريجياً خلال مرورنا بمرحلتي الطفولة والمراهقة, وقد يتسارع معدل هذه الزيادة المتدرجة في حال كنا نسكن في البيوت وندرس في المدارس ونشارك في المنظمات الشبابية التي من شأنها أن تعزز تحملنا مسؤوليات متزايدة. غالباً فإن معظمنا لا يملك مفاهيم وتوجيهات ذاتية كاملة إلا بعد الانتهاء من المرحلة المدرسية أو الجامعية أو الحصول على عمل دائم أو الزواج و تأسيس عائلة.
نموذج الأندراغوجي
يرتكز هذا النموذج على مجموعة من الافتراضات المتعلقة بنموذج البيداغوجي:
1- الحاجة للمعرفة: وتتضمن حاجة الراشدين لمعرفة مواضيع التعلم قبل المباشرة بتعلمها. حيث قد وجد تاف (1979) أنه باعتماد الراشدين على أنفسهم في عملية التعلم فإنهم سيكرسون طاقة كبيرة لمعرفة إيجابية تعلمهم وسلبية عدم تعلمهم. بالنتيجة, فإن مساعدة المتعلمين على إدراك حاجتهم للتعلم تعد المهمة الأساسية لمُسهل التعلم. إضافة إلى أنها بحد ذاتها إحدى النصائح الجديدة في تعليم الراشدين. وعلى الأقل, فإن المُسهلين يستطيعون إيضاح[w3] قيمة التعلم في تحسين فعالية أداء المتعلمين أو في مجالات حياتهم. إذ تعد الخبرات الحقيقية أو المقلدة بمثابة أدوات ذات فعالية أكبر لرفع مستوى إدراك الحاجة للمعرفة, وذلك بإدراك المتعلمين القوة بين وضعهم الحالي وما يرغبون في تحقيقه. نذكر من تلك الأدوات: أنظمة تقييم الموظفين, مناوبة العمل, التعرض لنماذج الوظيفة, التقديرات التشخيصية للأداء. إذ قام " باولو فرير" المعلم البرازيلي العظيم المتخصص بتعليم الراشدين, بتطوير عملية متقنة لما يسمى "زيادة وعي" الفلاحين في الدول النامية وذلك في كتابه "علم أصول تدريس الناس المضطهدين[4]" (1970).
2- مفهوم الذات بالنسبة للمتعلم: إذ يتمحور هذا المفهوم بالنسبة للراشدين حول تحمل مسؤولية اتخاذ قراراتهم وحياتهم الخاصة. إذ يطور الراشدون حاجة نفسية عميقة بغية أن ينظر إليهم الآخرون ويعاملونهم كأشخاص قادرين على توجيه ذاتهم, وذلك يتحقق عند بلوغهم ذلك المفهوم. ذلك أنهم يرفضون رفضاَ تاماً المواقف التي تفرض عليهم. ولهذا تأثير خطير في تعلم الراشدين: في اللحظة التي يشترك بها الراشدون في نشاط "التعليم" أو "التدريب" أو أي شيء مرادف, فإنهم يرجعون إلى التكيف الذي اعتادوه خلال خبرتهم المدرسية السابقة بما يتضمنه من اعتماد على الآخرين, فتراهم يتراخون على المقاعد بأذرع مطوية ويقولون "علمني". إن افتراض هذه التبعية المطلوبة ومعاملة المدرب للطلاب الراشدين كأطفال يخلق صراعاً داخلهم بين نموذجهم الفكري – المتعلم= شخص اتكالي- والحاجة النفسية اللاشعورية الأعمق لتوجيه ذاتهم. والطريقة الأمثل للتعامل مع هذا الصراع النفسي هي محاولة تجنب الحالة المسببة له ويفسر لنا هذا الصراع النسبة المرتفعة للأشخاص المنسجمين من تعليم الراشدين الطوعي. عندما يدرك معلمو الراشدين هذه المشكلة فإنهم سيبذلون جهدهم لإجراء تجارب التعلم لمساعدة الراشدين على الانتقال من حالة المتعلمين المعتمدين على غيرهم إلى حالة المتعلمين الموجهين لذاتهم. يشكل كتاب نولز "التعلم الذاتي: دليل المتعلمين و المعلمين[5]" (1975) مجموعة من تلك الخبرات.
3- دور الخبرة: يشترك الراشدون في نشاط تعليمي بخبرة كبيرة ومختلفة عن خبرة الشباب ويرجع السبب في ذلك لكونهم أكبر سناً. ويترتب على هذا الاختلاف في النوعية والكمية نتائج عديدة بالنسبة لتعليم الراشدين. كما أنه يضمن وجود مجموعة أوسع من الفروقات الفردية ضمن أي مجموعة من الراشدين ستكون أكثر تبايناً فيما يتعلق بالتجارب والثقافة والبيئة السابقة وأسلوب التعلم والحافز والحاجات والاهتمامات والأهداف على خلاف مجموعة من الشباب.
لذلك, نؤكد وبشكل كبير في تعليم الراشدين على تكييف استراتيجيات التعليم والتعلم وفقاً لحاجات فرد معين ضمن ظروفه الخاصة. كما يعني ذلك, بأن المتعلمين الراشدين أنفسهم يشكلون أغنى مصادر التعلم بأنواعه المختلفة. بالنتيجة, نركز في تعليم الراشدين على التقنيات التجريبية. نقصد بذلك المشكلات وطرائق الحالة والطرائق المخبرية ضمن تجربة المتعلمين كالمناقشات الجماعية وتمارين المحاكاة وأنشطة حل المشكلات وطرائق الحالة والطرائق المخبرية بدءاً من التقنيات الناقلة[w4] . كما نؤكد كثيراً على الأنشطة الجماعية والتي تعتمد على مساعدة النظير.
إلا ان حقيقة امتلاك الراشد لخبرة أكبر يترتب عليها بعض التأثيرات السلبية المحتملة. في الوقت الذي نكتب فيه المزيد من الخبرات ونميل إلى تطوير العادات والانحيازات والافتراضات العقلية التي تدفعنا إلى إغلاق عقولنا في مواجهة الأفكار الجديدة والتصورات الحديثة وطرائق التفكير البديلة. وهكذا, يحاول معلمو الراشدين اكتشاف طرائق لمساعدة الراشدين على فحص عاداتهم وتفاصيلهم وفتح عقولهم لتقبل المداخيل الجديدة. نذكر من التقنيات المستخدمة لمعالجة هذه المشكلة: تدريب الحساسية[w5] , توضيح القيم, التأمل, المقاييس الدوغماتية[6].
هناك سبب آخر مخفي يدفعنا للتأكيد على خبرة المتعلمين ويتعلق بالهوية الذاتية للمتعلم. يستمد الأطفال الصغار هويتهم الذاتية بشكل كبير من المحيط الخارجي كالأبوين والإخوة وعند نضجهم, يزداد تعريفهم لأنفسهم انطلاقاً من خبراتهم. فالخبرة عند الأطفال لا تعني أكثر من شيء حصل لهم, أما بالنسبة للراشدين فهي التي تحدد هويتهم. بالنتيجة وبالنسبة لتعليم الراشدين, عندما نتجاهل أو نقلل من قيمة خبرات المشاركين في موقف ما فإن الراشدين سيعتبرون ذلك رفضاً ليس فقط لخبراتهم بل لأنفسهم كأشخاص.
4- الاستعداد للتعلم: يصبح المتعلمون جاهزين لتعلم وتطبيق الأشياء التي يحتاجون معرفتها للتغلب على المشكلات والمصاعب التي تواجههم في مواقف حياتهم الواقعية بطريقة فعالة. إن المهمات التطويرية تعد وبشكل خاص مصدراً غنياً "للاستعداد للتعلم"، فهي التي تتضمن الانتقال من مرحلة تطويرية إلى أخرى. نستنتج من هذا الافتراض الأساسي أهمية تزامن خبرات التعلم بما يتناسب مع تلك المهمات التطويرية. على سبيل المثال, فتاة في السنة الثانية في المدرسة الثانوية لا تكون على استعداد تام لتعلم ما يتعلق بأمور تغذية الرضيع أو العلاقات الزوجية، بينما يتجلى هذا الاستعداد بشكل واضح بعد سن التخرج.
مثال آخر: إن عمال المحكمة[w6] لا يبدون استعدادهم لدورة التدريب الإشرافي إلا بعد إتقانهم للعمل الذي سيشرفون عليه, عندها فقط يعلنون استعدادهم لتحمل مزيد من المسؤولية. إذ يمكننا إحداث الجاهزية بطرق متعددة كاستخدام نماذج الأداء المتفوق والاستشارات المهنية وتمارين المحاكاة وغيرها من التقنيات، وهذا يحول دون انتظارنا مستسلمين لتطور الجاهزية بشكل تلقائي.
5- توجيه التعلم: فالراشدون يوجهون تعلمهم باتجاه مواضيع الحياة (أو الأعمال) أو حل المشكلات مقارنة بالأطفال والشباب الذين ينشغلون بمادة البحث لتأخذ جل اهتمامهم. يتفاوت اندفاع الراشدين للتعلم بحسب درجة إدراكهم لأهمية هذا التعلم في إنجاز المهمات وحل مشكلات المواقف الواقعية اليومية. وإن تطبيق المعارف والمفاهيم والقيم والمهارات والمواقف الجديدة في حياتهم يمكنهم من تعلمها بشكل أكثر فعالية. ونشير هنا إلى أهمية التعزيز: إن جهود المعلمين وسعيهم وراء معالجة مشكلة الأمية المنتشرة هنا باءت بالفشل، على الرغم من محاولاتهم خلال سنين تقليل نسبتها عن طريق تعليم مقررات القراءة والكتابة والحساب. فكانت النتائج كما يلي:
- ارتفاع نسبة المنسحبين.
- انخفاض دافع الدراسة.
- نتائج الإنجاز سلبية.
وقد كان مرجع المشكلة كما رأى الباحثون إلى اختلاف الكلمات الموجودة في القوائم القياسية لمفردات مقررات القراءة والكتابة عن الكلمات التي اعتادوا استخدامها في حياتهم اليومية. إضافة إلى المسائل الرياضية المقدمة في المقررات الحسابية التي تختلف عن المسائل الواجب عليهم حلها عند الذهاب للمخزن أو المصرف أو المتجر. بالنتيجة, فقد تم تنظيم مناهج جديدة تتناول مواقف الحياة وتأخذ بعين الاعتبار مهارات التغلب على المشكلات والمصاعب (مثلاً: كيفية التعامل مع عالم الأعمال أو الخدمات الاجتماعية والحكومية المحلية أو الصحة أو العائلة أو الاستهلاك). هكذا نجد أن معظم المشكلات التي صادفتنا في المقررات التقليدية قد اضمحلت أو على الأقل تم تحديدها بشكل واضح.
لنأخذ مثالاً آخر من المقررات الجامعية الإضافية. استمرت الجامعات لسنوات عديدة بتقديم المقررات المتأخرة العصرية أو المسائية للراشدين والتي كانت نفس المقررات التي تقدم للمراهقين خلال النهار. وفي الخمسينات, تغيرت تلك البرامج المسائية حيث أصبح مقرر "الإنشاء1" النهاري بعنوان "كتابة رسائل العمل الأفضل" في البرنامج الليلي و أصبح مقرر "الإنشاء2" بعنوان "الكتابة بغرض المتعة والربح", أما مقرر "الإنشاء3" فأصبح "تحسين اتصالاتك الاحترافية". لم يكن التغيير مقتصراً على العناوين فقط بل تعدى ذلك ليشمل طريقة تدريس المقررات. استمر الطلاب في مقرر "الإنشاء1" بحفظ القواعد بينما باشر الطلاب في مقرر " كتابة رسائل العمل الأفضل" بكتابة رسائل العمل مباشرة باستخدام الطريقة الاستقرائية في استنتاج مبادئ القواعد في الكتابة من خلال تحليل كتاباتهم.
6- الدافع: بالرغم من تفاعل الراشدين مع المحفزات الخارجية (الأعمال الأفضل, الترقيات, الرواتب المرتفعة, وما إلى هنالك), إلا أن المحفزات الداخلية ذات فاعلية أكبر (تزايد الرغبة في تحسين أمور العمل, احترام الذات, نوعية الحياة, وما شابه ذلك). استنتج تاف عام (1979) من خلال بحثه بأن الراشدين الطبيعيين جميعهم يتميزون بدافع الرغبة المستمرة في التطور والنمو, إلا أن هذا الدافع يصطدم بعوائق بعدة عوائق مثل: مفهوم الذات السلبي كطالب, صعوبة الحصول على الفرص أو الوسائل, القيود المتعلقة بالوقت, البرامج التي تخرج عن مبادئ تعلم الراشدين. ومن الملاحظ ازدياد عدد الافتراضات من أربعة إلى ستة افتراضات على مر السنين.
قدم نموذج الأندراغوجي أربعة افتراضات في البداية (توضح هنا بالأرقام من اثنين إلى خمسة نولز 1975, 1978, 1980). أما الافتراض السادس وهو -دافع التعلم-تم إضافته في عام 1984 (نولز, a 1984). في حين تمت إضافة الافتراض الأول وهو-الحاجة للمعرفة- في السنوات الأخيرة (نولز, 1989, 1990).
الأندراغوجي: نظرية التعلم
بواسطة:الدكتور محمد بدرة
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article_page.thtml?id=274&pg=4
المفضلات