عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
التدريب في عصر المعرفة ... الاهتمام بالإنسان أولاً. ( الجزء الأول )
التدريب في عصر المعرفة ... الاهتمام بالإنسان أولاً. ( الجزء الأول )
مع دخول الإنسان إلى عصر المعرفة تغيرت الكثير من الأفكار التي كانت تحكم العلاقة بينه وبين مجالات الحياة المختلفة ، ومن بينها التدريب الذي حاول المشتغلون به أن يكونوا من رواد الاستجابة لمتطلبات العصر الحديث ، سعيا لتولي جزء كبير من عملية نقل الإنسان إلى فهم متطلبات هذا العصر ، وتدريبه على الاستفادة من انجازاته لتطوير مختلف مستويات أعماله .
وخلال هذه السلسلة سأحاول أن أرصد مجموعة من المتغيرات التي دخلت إلى عالم التدريب في عصر المعرفة ، على أمل أن تساعد في تطوير دورات تدريب المدربين ، بما ينعكس على تأهيل المدربين الجدد لفهم عصر المعرفة ، والتعامل معه بأدواته وليس بأدوات عصر أخر فات زمانه .
التدريب والمعلومة في عصر المعرفة
التدريب في عصر المعرفة لا يسعى لتقديم المعلومات بقدر ما يسعى لتوظيفها لخدمة أهداف العملية التدريبية ، فبعد أن أصبحت المعلومات متاحة للجميع مع التطور الهائل الذي حدث في محتوى شبكات المعلومات ، وبخاصة مع تنامي المصادر المفتوحة للمعلومات التي أمنت شبكة الانترنت الوصول إلى محتواها بسهولة والبحث داخله عن موضوعات محدده والاطلاع عليها بل والحصول على نسخ شخصية منها ، تجاوز دور المدرب استعراض المعلومات - التي اصبح حجم المعروض منها هائل - إلى توظيف المعلومات عبر مساعدة المتدربين على ايجاد آليات تمكنهم من تحويل هذه المعلومات المعرفية إلى توجهات وسلوكيات ومهارات داخل اعمالهم ، وبالتالي تزداد قيمة المعلومات المستخدمة في التدريب.
لقد انتهى عصر اعتماد المدرب على حشد واستعراض أكبر كم من المعلومات خلال قيامه بالتدريب ، وأصبح التحدي الحقيقي هو الكيفية التي سيترجم بها المدرب ما يمتلك من معلومات قد يشاركه فيها بعض المتدربين ؛ إلى خبرات تقدم حلولا حقيقية.
وتضع سهولة الوصول للمعلومات في عصر المعرفة من قبل أي شخص المدرب أمام تحدي الاطلاع على الجديد باستمرار ، حتى لا يقع في مآزق التخلف عن الركب من جهة ، ومن جهة أخرى يجعله ملزما بابتكار أنشطة وأساليب تمكنه من تحويل المعلومات المتاحة إلى تطبيقات يمارسها المتدربون تصب في تحقيق هدف التدريب وتشعر المتدربين بقدرة المدرب على الربط بين المعلومة والحياة العملية.
وتساعد بعض التطبيقات المتوفره عبر شبكة الانترنت المدربين على الإلمام بسرعة بما هو جديد في مجال تخصصهم ، فعلى سبيل المثال يقدم موقع جوجل خدمة التنبيهات التي يمكن من خلالها الطلب من جوجل ارسال رسالة عبر البريد الالكتروني في حالة وجود أي كتابات أو مقاطع فيديو خاصة بموضوع معين نقوم بتحديده بدقة لجوجل ، وهو ما يوفر معلومات وخبرات وأخبار متجدده يوميا يعن الموضوعات التي تهمنا سهل الاستفاده منها .
كما يفرض وجود مجتمعات افتراضية تجاوزت حدود المكان الجغرافية لتكوّن علاقات بين أفراد ومؤسسات وجماعات من مناطق مختلفة من العالم يملكون حجما هائلا من القدرة على كسر أي قيود توضع أمام تبادل المعلومات ، يفرض تحديا أمام المدربين ومؤسسات التدريب الاحترافية التي تجتهد في انتاج برامج تدريبية احترافية لزبائنها ، للحفاظ على حقوق الملكية الفكرية لإنتاجهم التدريبي ، لأن امكانية تسريبه خارج نطاق حقوق الملكية الفكرية تبقى موجودة ، وبالتالي تظهر الحاجة لتطوير دائم في أساليب حماية هذه المنتجات من جهة ، ومن جهة أخرى ابتكار الآليات التي تجعل المدربين ومؤسسات التدريب متدفقين دائما بالجديد الذي يحتاجه العالم .
والمدرب في هذا العصر محتاج لتعلم فن جديد يضاف للفنون التي يجب أن يجيدها ، وهو " فن انتقاء المعلومة " المتعلقة والمفيدة لأعمالك.. فهو نوع من الذكاء المعلوماتي الذي يتجاوز فكرة البحث عن المعلومة أو وجود المعلومة أو حتى الاستفادة من المعلومة ليصل إلى أهمية الإنتقاء الذكي للمعلومة. وبالتأكيد هذا يتطلب مجموعة من المهارات منها واهمها:
- القدرة على تخيل التطبيقات الجديدة للمعلومة
- القدرة على تخيل ربط المعلومة العادية بأخرى عادية والمعلومة العادية بأخرى جديدة والمعلومة الجديدة بأخرى مبتكرة أو مفترضة لصناعة سيناريوهات أعمال مفترضة تخدم الجمهور مستقبلا لاحتياجاتهم (ليست الحالية ) وإنما الاحتياجات القادمة. ومثال ذلك النظرة الابتكارية في ربط وتبسيط المعلومات لقوالب عمل في شركة أبل.
- القدرة على الوصول للمعلومة المتعلقة بما تحتاج بالوقت المناسب ووقت الحاجة. وليس معرفة المعلومة أو حفظه.
- القدرة على تصنيف المعلومات حسب الأوليات ورسم خرائط وجود المعلومات وقت الحاجة وليس معرفتها كونها أكبر من هائلة وليس الفن الآن معرفة المعلومة بقدر معرفة مكانها وقت الحاجة.
ولا يمكن للمدرب الوصول إلى هذه الدرجة دون أن يدرس الطريقة الطبيعية التي يتعامل بها العقل البشري مع المعلومات ، ويتقن الطرق التي يمكنه من خلالها مضاعفة قدراته الذهنية في معالجة المعلومات والربط بينها وتذكرها ، كما هو الحال في الخرائط الذهنية التي أصبحت إحدى الأدوات الأساسية للتدريب في عصر المعرفة.
التأمل البسيط لهذا التحدي المفروض على المدرب في تعامله مع المعلومات في عصر المعرفة ، يجعلنا ندرك أن البرامج التقليدية لتأهيل المدربين لا تقدم التأهيل الكافي للمدربين لتجاوز هذا التحدي ، وهو ما يحتاج منا إلى إعادة نظر
المفضلات