يضع الأبوان نصب أعينهما دائماً مصلحة طفلهما، ولكنهما قد يتفوّهان ببعض العبارات والتعليمات التي قد تحدّ من استقلاليته أو تجرح إحساسه أو توحي له بتوجيهات خاطئة تجاه طريقة التعامل مع بعض الأمور.
«سيدتي» إطّلعت من اختصاصية علم النفس والتقويم التربوي جنات عبد الرحيم على كيفية الإهتمام بالألفاظ التي يتّخذها الوالدان في تحقيق هذا التواصل..

**
مما لا شك فيه أن تواصل الأهل مع الأبناء هو عملية صعبة وحسّاسة، يجدر بالأهل خلالها العناية بصياغة العبارات وبأسلوبها، فعلى الأبوين إيصال النصائح والإرشادات إلى أبنائهم بدون إفراط، كي لا يصبحوا في نظر الأبناء مجرد أشخاص وُجدوا في حياتهم ليقدّموا الأوامر ويصدروا الأحكام التي لا رجعة فيها أكثر من أن يروهم أصدقاء يحبونهم ويساعدونهم على مواجهة الحياة. نستعرض، في ما يلي، بعض المواقف الشائعة، وكيف يمكن للأم التصرف فيها بطريقة مناسبة:
1 الألفاظ البذيئة

يردّد الأطفال، بشكل طبيعي، الألفاظ البذيئة التي ربما قد يسمعونها من زملائهم في المدرسة أو من الأصدقاء أو حتى من الكبار.
وفي هذه الحال، يفضّل أن يمسك الأهل أعصابهم وألا يوبّخوا أولادهم بل أن يتّبعوا أسلوباً أكثر مرونة. فالأطفال في سن الخامسة يمكنهم استيعاب كلمات التوبيخ والتحقير، مما يجعلهم يتقوقعون على ذاتهم أو يتجنّبون الكلام مجدداً مع أهلهم، ويبتعدون تماماً عن استخدام كلمات جديدة. كما يفضّل تجنّب التعامل بعنف مع الطفل وضربه لتلفّظه بكلمات غير مهذّبة، إذ لهذه التصرّفات ردّة فعل عكسية تماماً. ولعل التصرف الأمثل في هذا الموقف هو افتراض أن الطفل لا يقصد فعلاً ما تفوّه به، فهو يردّد ما يسمعه من كلمات بدون إدراك لمعناها الحقيقي. ويمكن للأم، أثناء حديثها مع طفلها أن تقول له: «أنا أحبك أن تتكلّم معي، ولكن هذه العبارة غير مهذّبة. ولذا، لا تستخدمها مرّة أخرى».

2 فقدان الأغراض
يعتبر فقدان الأطفال لأغراضهم مسألة طبيعية، خصوصاً إذا كانت أعمارهم تتراوح بين الخامسة والعاشرة. ولذا، حين يضيّع طفلك أغراضه، لا تبادري بقولك: «أنت شخص مهمل ولا تحافظ على أغراضك».
فعلى الأهل أن يعلّموا أبناءهم قيمة الأغراض التي يضيعونها بدون أن يشعروهم بأنهم أشخاص غير قادرين على تحمّل المسؤولية، فشعور الطفل بأنه غير قادر على المحافظة على أغراضه يمكن أن يؤثّر على ثقته بنفسه. كما إن كلمات التشجيع يمكن أن تساعد الطفل على أن يكون أكثر حرصاً على أغراضه في المرّة المقبلة، واحذري من كثرة التنبيهات التي قد تفقد معناها ولا يعيرها الطفل أي اهتمام!
ويمكن للأم أن تقول لطفلها الذي فقد أغراضه: «أعرف أن اللعب مع الأصدقاء كان ممتعاً لدرجة أنك نسيت حقيبتك في المدرسة، ولكن هذا التصرف ليس مقبولاً من شخص مسؤول عن أغراضه مثلك».

3 شراء ما لا يحتاجه
عند تسوّق العائلة، يمكن أن ينجذب الطفل، وبشكل طبيعي، إلى الألعاب أو الملابس أو الحلويات... وكثيراً ما يكون غير محتاج إلى تلك الأشياء فتبادره الأم بقولها: «نحن لا نستطيع تحمّل شراء هذا...».
ولكن، من الأفضل أن تخبري طفلك، وبصورة حازمة، أنه فعلاً ليس بحاجة إلى شراء المزيد بدون أن يكون السبب هو النقود فقط، إذ إن ترداد هذه الجملة على مسامع الطفل يجعله يعتقد أن النقود هي سرّ الحياة الرائعة، وبدونها لن يكون قادراً على العيش. كما إن الطفل سينظر إلى أهله، لدى ترداد حجّة النقود، على أنهم ليس لهم فائدة لأنهم غير قادرين على شراء ما يريده، ويتمنى في داخله أباً وأماً آخرين يحقّقان له مطالبه. فالطفل دون سن الخامسة يجب أن يدرك قيمة الأموال إلى جانب أهمية تعلّمه القناعة، وعندما يتجاوز هذه السن فإنه يكون واعياً ليستوعب أن شراء الألعاب والملابس لا يتم بشكل يومي. وعلى الأهل أن يعلّموا أولادهم أن شراء الهدايا لا يتم إلا في المناسبات، وأنهم لن يكونوا سعداء بها إذا قاموا بشرائها في جميع الأوقات، فالأطفال الصغار قادرون على الإستيعاب إذا عرف الأهل الطريقة المناسبة لتوصيل الفكرة لهم.
ويمكن للأم أن تجعل طفلها يشارك في تدوين الإحتياجات الضرورية على ورقة قبل التوجّه لشرائها، وإذا طلب أشياء إضافية تخبره بأنها غير مدوّنة.

4 عدم مشاركة الآخرين ألعابه
من الطبيعي ألا يفضّل بعض الأولاد أن يعيروا أغراضهم لغيرهم حتى ولو كانوا إخوتهم، إذ إن حبّ التملك يكون طبيعياً في سن الطفولة. فلا تتّهمي طفلك بالأنانية في هذه الحالة، فهو يشعر أن أشياءه هي جزء منه، ويعتبر أن أخذها منه انتهاك لخصوصيته.
ومن الأفضل أن تحاولي إقناعه بفكرة الإعارة وتشجيعه على مشاركة الآخرين في ألعابهم ومشاركته لهم في ألعابه. وفي هذا الإطار، يمكن أن تقولي له: «أعط لعبتك لأخيك لكي يلعب بها قليلاً، وستبقى لك ولو استعارها، وهو لن يكسرها بل سيحافظ عليها وسيرجعها لك بعد قليل».

5 الخوف
إن الخوف سلوك غريزي في الإنسان، والطفل يخشى أي شيء غير معتاد. فلا تتّهمي طفلك بالجبن أو تدفعيه إلى مواجهة ما يخشاه ممّا يزيد الأمر سوءاً، وقد يتطوّر معه ليصبح «فوبيا» أو مخاوف تلازمه طيلة حياته.
ومن الأفضل التعامل مع الطفل بهدوء، فإذا كان يخشى حشرة مثلاً أطلعيه على طريقة التعامل معها، إما بطردها خارج المنزل أو استخدام مبيد حشري لقتلها، ثم أخبريه أنها مخلوق ضعيف لا يمكنها أن تؤذيه. وبعض الحشرات مثلاً كالفراشة يمكن الإحتفاظ بها في قارورة زجاجية والنظر إليها عن قرب لكسر حاجز الخوف بينه وبين تلك المخلوقات.