أهلاً بك عزيزي الزائر, هل هذه هي زيارتك الأولى ؟ قم بإنشاء حساب جديد وشاركنا فوراً.
  • دخول :
  •  

أهلا وسهلا بكـ يا admin, كن متأكداً من زيارتك لقسم الأسئلة الشائعة إذا كان لديك أي سؤال. أيضاً تأكد من تحديث حسابك بآخر بيانات خاصة بك.

النتائج 1 إلى 3 من 3

العرض المتطور

  1. #1
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    3,034
    معدل تقييم المستوى
    33

    افتراضي تعلم كيف تربي .. وتعلم كيف تـُنشئ

    تعلم كيف تـُربي .. وتعلم كيف تـُنشئ

    روى عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال فيما معناه ..

    " خير ما يغنم المرء من الدنيا الزوجة الصالحة .. اذا نظر اليها أسرته واذا أقسم عليها أبرته .. وان غاب عنها حفظته "

    وقال الشاعر العربي القديم ..

    نـِعم الاله على العباد كثيرةٌ ×× وأجلهن نجابة الاولاد

    والقولان متممان لبعضهما البعض .. فالرسول عليه الصلاة والسلام وصف الزوجة الصالحة بخير النعم وجاء الشاعر ليبين أجلَها وهى نجابة الأولاد .. والمقصود بالنجابة هنا الانجاب وليس الذكاء أو التفوق كما يظن البعض .. فلفظ النجابة هنا مشتق من الانجاب ..
    وان كان الحديث قد ورد كاملا مكملا كطبيعة القول الشريف كله .. فان البيت الحكيم جاء قاصرا نوعا ما ..

    فنجابة الأولاد لا تكون أجَل النعم إلا اذا كانت نجابة لأب معلم .. أب مربي وإلا انقلبت النعمة نقمة لا حدود لآثارها أبدا

    ومعضلة تربية النشئ .. هى معضلة شبعت الأوراق من حبر المكتوب بشأنها عبر مختلف الثقافات عربية أو غربية .. دينية أو علمانية .. لكن المتأمل المحايد فى طرق تربية النشئ سيجد أن الفلسفة الاسلامية بلغت فى هذا المجال شأوا طرق حد الكمال .. فالتربية الاسلامية بنظراتها وإبداعيتها كانت ولا زالت هى الوسيلة المثلي لاخراج الطفل إلى طور الشباب عنصرا مكتمل البنية النفسية لا شائبة فيه .. لكن هذا إن تم تطبيقها كما يجب وبحذافيرها ..

    لكن الشاهد أن أبناء الحضارة الاسلامية ذاتها لا يزالون أبعد ما يكون عن ثراء حضارتهم فى شتى المجالات وأخطرها تربية النشئ السليم والذى يعد بحق .. أهم رافد لبناء الحضارة الانسانية التى تعتمد أكثر ما تعتمد على العنصر البشري ..

    فتعالوا بنا نتأمل ونقارن وندرس


    لماذا تفوقت الفلسفة الاسلامية ؟

    كان العيب الخطير الذى وقع فيه علماء النفس الغربيون فى دراساتهم لتربية النشئ هو ذات الخطأ الذى وقعوا فيه عندما حاولوا إدراك أسباب كارثة انفلات الشباب وعدم وضوح الرؤية لديهم عن أسباب هذا الانحلال الذى يعصف بالأجيال الجديدة .. وأخطر مظاهر هذا الانحلال عزوف الشباب نهائيا عن العلاقات المشروعة والرغبة الفطرية فى تكوين أسرة اضافة إلى ارتفاع نسبة الانتحار ـ لا سيما بفرنسا ـ إلى حد مفزع ..

    هذا العيب الذى تناساه أو غفل عنه العلماء بالغرب هو الوازع الدينى .. فغياب الوازع الدينى ببساطة ينـزع عن الانسان طبيبا نفسيا جاهزا حيال الأزمات وبغيابه يغيب الفارق بين الفضيلة والرذيلة ويصبح المنطق المادى هو المسيطر على الحياة وهو منطق يدفع الانسان لتكييف حياته بأكملها وفقا للمتعة الحسية وفقط ..


    وليبدو الأمر أكثر وضوحا ..

    فان الغرب عندما أنشأ النظريات الفكرية المختلفة الخالية من أسباب الوازع الدينى لم يتمكن نهائيا من إقناع جمهور الشباب بأهمية التضامن الاجتماعى مثلا ..

    وكذلك بالنسبة لقيمة الوطن والدفاع عنه .. ومقدار الرضا والهمة لمعاونة الآخرين فى إطار مجتمع متماسك وأصبح العقد الاجتماعى الذى أنشأه الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو لتقنين العلاقة بين الدولة والجمهور قائما على عقد معروف البنود يعتمد على منطق الأخذ والمنح بمقابل متبادل .. فالدولة تعطى الخدمات ونظير ذلك تتلقي الضرائب .. وبهذا المنطق يصبح المواطن العادى غير مضطر إلى خدمة مجتمعه إلا بمقدار ما يستفيد من هذا المجتمع ..

    وهو ما نتج عنه بعض المظاهر التى استغربها الأشارقة عند زيارتهم للبلاد الغربية وتمثلت فى انعدام الاهتمام المتبادل بين أفراد المجتمع على خلاف عاداتنا الشرقية وكذلك بالنسبة لدور المجتمع فى رعاية الأخلاق فهذا الدور انتفي تماما فى الثقافة الغربية القائمة على مفهوم خاطئ للحرية الشخصية فهناك لك مطلق الحق فى عمل أى شيئ بأى وجه تراه مهما كان شاذا ما دمت لا تؤذى أحدا بشكل مباشر ..

    أيضا هناك القانون الفرنسي الذى يحاكم الزوج الشرعى بتهمة الاغتصاب إذا طلب زوجته رغما عنها فى نفس الوقت الذى يسبغ فيه نفس القانون حماية كاملة للعلاقات غير الشرعية طالما تمت بإرادة متفقة بين الطرفين

    كل تلك المظاهر التى لفتت نظر العديد من مهاجرى المشرق فى فترة البعثات الشهيرة وأعجبت بعضهم تلك الممارسات الحرة كما رأوها للأسف لأن كل منهم نظر إلى مفهوم تلك الحرية من ناحية أنها حق له دون أن يتخيل نفسه فى موقف المؤدى والمعتدى عليه إذا مورست ضده هذه الحرية .. نظر إلى المميزات ولم يسأل عن المقابل .. وذلك هو جوهر التفوق فى نظرية الحق الاسلامى فقبل أن تسأل عن حقك سل عن واجبك أولا ..

    فكان جديرا بمن أعجبه التسيب الغربي فى العلاقات الاجتماعية أن يذكَر نفسه بأن هذا الأمر قابل للحدوث مع أخته أو زوجته وساعتها سيكون مطلوبا منه اتباع نفس المنطق ..

    كل هذا كان بسبب غياب الوازع الدينى كما سبق القول وهو المعيار الرئيسي للفلسفة الاسلامية .

    فالجزاء والمقابل فى الفلسفة الاسلامية لا يعتمد على المقابل الدنيوى فقط بل يمتد الجزاء الأكبر إلى الحياة الآخرة ولهذا كان طبيعيا أن تكون الأخلاق والمبادئ تحت رعاية المجتمع وموضع استنكار إذا فـُقدت وهذا وحده يمثل حارسا قويا لكل قيمة فمهما بلغ هوان الأخلاق فى بلادنا فسيظل مخالفها موضع استنكار .. ويظل حائزها موضع تقدير

    وإضافة إلى دور الوازع الدينى فى تنقية النفس من شوائب الأمراض النفسية التى ضربت أوربا منذ بداية عصر النهضة وخروج النظريات الحديثة على أيدى الفلاسفة الكبار .. وانحسار الوازع الدينى إلى أدنى حد نتيجة للحرب المعلنة على الكنيسة هناك بعد عهود الظلام التى ظلت مسيطرة على سائر أوربا بسبب تسلط رجال الدين


    كيف نـُنشئ .. وكيف نـُربي ؟



    ما كانت معاناة المجتمعات الاسلامية والعربية على وجه الخصوص بالعصر الحالى فى هذا الجانب إلا بسبب منفرد .. إهمال تربية النشئ الذى أنتج أجيالا مشوهه غير خاضعة للتربية السليمة فكان من الطبيعى أن تزداد هوة الأزمة بتحول تلك الأجيال إلى آباء فاقدى معايير التربية السليمة فكان أن ازداد الانهيار فى الأجيال التالية وإلى ما لا نهاية ..

    وبدأت المأساة بفقدان سيطرة الأسرة .. ثم سيطرة المجتمع على النحو الذى نراه الآن ثم نهتف بالحسرة على الشباب الضائع عديم الفائدة دون أن ندرك أننا من أضاعوهم من البداية ..

    والتربية الاسلامية علم فطرى إذا صح التعبير .. بمعنى أنه من الصعب تقنينه فى قوالب نظرية يتم تطبيقها ونظل فى انتظار النتائج .. لكن ما يحكمها ويمكن تقنينه هو المبادئ العامة التى يجب أن يراعيها كل مربي وتظل التفاصيل رهنا بظروف البيئة المحيطة ..

    وسنبدأ بالتعرف أولا على ما هية التربية .. ثم نتعرف على مفهوم التربية الاسلامية وشروطها ومبادئها ؟


    التربية ..


    يقع مفهوم التربية فى موقع خاطئ لدى الأغلبية من الناس .. فقد درجنا على وصف الانسان غير المهذب بوصف عامى دارج " مش متربي " ..

    وهو وصف خاطئ إلى أبعد حد .. فالتربية لا تعنى توافر الأخلاق والتهذيب .. بل من الممكن أن نزعم أن الأخلاق والتهذيب من الممكن توافرها بمعزل كامل عن التربية السليمة !!..
    فالتربية ببساطة هى إنشاء شخصية الفرد ليقوم بدوره الطبيعى فى المجتمع ..

    لذا فمن الممكن أن نصادف إنسانا مهذبا وعلى خلق لكنه خرج على المجتمع بشخصية مشوهه بناء على تربية خاطئة جعلته غير قادر على اتخاذ قراره بعد اعتياده التبعية وهى حالة شديدة الانتشار فى مجتمعاتنا والمتشدد منها على وجه الخصوص ..

    فالأخلاق كعلم يجب غرسه بداية بالاقناع والاشباع لا بالرهبة والتخويف .. وهى كعلم يجب أن يخضع للاختبار .. وتـٌترك الارادة حرة للاختيار والتصرف لأن المربي أو الأب لن يظل العمر كله حارسا على من يربيه .. ولا فائدة من تعليم لم يـُختبر حائزه ..

    ونتيجة للادراك الخاطئ من المربي لمفهوم التربية رأينا النماذج المنتشرة لشباب فى سن القرار وهى تروح وتجئ وفقا لتعليمات مسبقة وبلا قناعات تقريبا وهى هنا أقرب


    لنموذج الانسان الآلى منها الى العنصر البشري مع ملاحظة أننا نتحدث عن النموذج المثالى للابن من وجهة نظر آباء اليوم !!

    والتربية لا يمكن ممارستها عبر نسيج واحد بل هى ثلاثة أنسجة لثلاثة مراحل عمرية مختلفة ..
    فتكون الأولى للمتعة دون محاذير والثانية للتعليم والثالثة للاختبار ثم يـُترك الشاب حرا بعدها للاختيار

    كما أن التربية لا تكون مهمة الآباء فقط بل يشارك الأب فى تلك المهمة المعلمون فى دور التربية والعلم والمجتمع فى مرحلة ما من عمر الناشئ وهى المهمة التى انتهت من أرض الواقع لأن المفاهيم الخاطئة أصابت المعلمين كما أصابت الآباء ..

    فعلى سبيل المثال من المتعارف عليه أن المعلمين ـ لا سيما فى مراحل التعليم الأولى ـ لابد أن يكونوا تربويين قبل التخصص العلمى وهى معلومة منتشرة بشكل تام على نحو يدفعنا للدهشة والذهول إذا شاهدنا عدم انطباقها على الواقع الفعلى بالرغم من أن الوزارات المسئولة عن التعليم فى أغلب البلاد العربية تقدم لفظ التربية على التعليم فى مسمى الوزارة .. بغض النظر عن الفهم الخاطئ لدى بعض المسئولين الذين يتفاخرون بأن تقديم التربية على التعليم مفاده الأول تقديم الأخلاق والتهذيب على التعليم دونما إشارة إلى بناء الطالب تربويا وتأهيله وتكوين شخصيته ودون إدراك لحقيقة بسيطة هى أن الأخلاق لصيقة بالعلم فى كأس واحد بينما التربية علم مستقل بذاته

    وتزداد الدهشة عمقا إذا عرفنا أن الكليات المسئولة عن إخراج المعلمين للمراحل المختلفة تقرر المناهج التربوية بكثرة كاثرة تكاد تفوق التخصص فى بعض الأحيان تأكيدا لنظرية أن المعلم لا يمكن أن يكون معلما إلا إذا كان تربويا .. ولو انتفي الجانب التربوى فالمعلم يتحول ساعتها إلى ملقن كما هو واقع بالفعل فى العصر الحالى

    وخطورة الملقن تتمثل فى عنصرين

    الأول ..


    أنه يردد ما يـُلقي إليه من تكليف بغض النظر عن اقتناعه من عدمه ويكون التركيز منصبا على إخراج آلات ميكانيكية مهمتها العبور من اختبارات آخر العام ومعيار عبور الاختبارات أصبح هو الفارق بين تمييز معلم و آخر .. دون أن يدرك أولياء الأمور حقيقة مؤسفة هى أن أبنائهم ـ وإن تفوقوا بنتائج الاختبارات ـ فهم ليسوا بطلبة متفوقين علميا بل هم طلبة مدربون على فن إجابة واجتياز الاختبارات .. والفارق ضخم للغاية لو يدرك المغيبون !
    فقد غاب عن أولياء الأمور أن المراحل الأولى من التعليم ليس هدفها إخراج العلماء بل الهدف الرئيسي إخراج التلاميذ ..

    فمن غير المنطقي أن نهمل الهدف الرئيسي وهو تدريب النشئ على حسن استقبال المعلومة ومعرفة معنى الزمالة وقيمة الكتاب والثقافة واحترام المعلم كطريق موصل إلى دور العلم فى المراحل الجامعية ونركز على فهم وإدراك الطالب لمواد دراسية

    لا تعنى شيئا من القيمة العلمية لكونها مجالا للتدريب ولا يمكن أن تكون عنوانا لتفوق الطالب فيما بعد عند تلقيه العلم الحقيقي فى المراحل المتقدمة ..

    ولبيان الأمر بمثال ..

    فان مراكز التدريب للمستجدين من جنود القوات المسلحة " وهى فترة 45 يوما للجندى وستة أشهر لضابط الاحتياط فى النظام العسكري المصري " لا تكون تدريبا على القتال لا سيما فى الفترة الأولى بقدر ما تكون تدريبا على نظام التلقي وبمعنى أكثر وضوحا تكون تلك الفترة .. فترة إعداد الطالب أو المتدرب للقواعد العامة التى تحكم تلقيه لعلم وفن الحرب وبناء روحه المعنوية ومعنى سرية النشاط العسكري وهدف الدفاع عن الوطن ..

    وبعد ذلك تكون المراحل التالية هى مراحل تدريب الجندى على القتال الفعلى بعد تشريبه لفن تلقي الأوامر العسكرية ولكيفية التعامل مع زملائه وقائده بالميدان
    ولذلك لا يكون الاهتمام منصبا على الإجادة بالنسبة للجندى أو الطالب فى مرحلة الاعداد بقدر ما يكون منصبا على حسن استيعابه لقواعد التعامل العسكري .. فالفشل فى إجادة الأعمال العسكرية أثناء التدريب يمكن إدراكه فيما بعد بمزيد من التعليم والتدريب بينما الفشل فى تلقي المبادئ العسكرية لا يمكن أن يـُنشئ جنديا من الأساس مهما كان تفوقه فى مجال إطلاق النار أو التعامل مع آليات الحرب

    تلك هى الاجابة المنطقية للسؤال الذى عصف بالمجتمع المصري عندما تساءلوا عن هؤلاء الشباب الذين التحقوا بالجامعة بمجموع درجات فلكى إبان حقبة التسعينيات .. مجموع درجات لم يحصل عليه النوابغ فى تاريخ مصر .. فاذا بهم فى مراحل التعليم الجامعى تراجعوا وغالبيتهم أصبحت فى ركاب المتخلفين فالسبب واضح وهو أنهم طبقوا ما تدربوا عليه فى مراحل دراستهم الأولى والذى انحصر فى كيفية انتقاء النقاط الهامة من المنهج وحصر التفكير على السبيل الأكثر أمانا لنيل الشهادات وإهمال التسلسل والتدرج المرحلى للتعليم فما يتلقونه من معلومات ومقررات يلقون بها عن أذهانهم بمجرد دخولهم للمرحلة التالية وهكذا ..

    وهو الأمر الذى لا يصلح فى التعليم الجامعى الذى لا يعتمد على حساب الدرجات بل يعتمد على التقدير وهو المسمى الذى غفل عن مغزاه الكثيرون لأن تقدير طالب الجامعة يعنى نظرة الأستاذ الجامعى لمدى إدراك الطالب بغض النظر عن مطابقة اجاباته لما ورد بالمنهج بعكس النظام المدرسي الذى يعتمد على مطابقة إجابات التلميذ لما ورد بنموذج الاجابة المنشور أمام المصحح


    الثانى ..


    وهو الكارثة الحقيقية .. أن الملقن بطبيعته الغير مدركة للجانب التربوى لا يدرك بالطبع قيمة رسالة المعلم التى تعد أعظم رسالة فى حضارات الأمم فيتعامل معها كانها مصدر رزق وتكسب وهو معيار ينزع عن المدرس قدسية الرسالة التى يؤديها فيقوم بما يجنى له الكسب والتميز وهذا هو السبب الرئيسي فى الظاهرة المؤسفة التى نراها بين الطلبة ومدرسيهم فى الأيام الأخيرة من كل فصل أو عام دراسي

    حيث يكون التركيز منصبا على الاختبار القادم وما يمكن التركيز عليه وما يمكن إهماله من المنهج .. بل الأكثر فداحة من ذلك ظاهرة لمست تجربتها بنفسي بالقاهرة منذ سنوات قليلة عندما طالعت أوراق دراسية كتبها أحد مدرسي اللغة العربية واحتوت على نماذج مكتوبة لمقدمات نثرية تصلح كافتتاحية لأى موضوع تعبير بحيث يقوم الطالب بحفظها ووضعها كما هى بورقة الاجابة أيا ما كان الموضوع المطلوب من الطالب الكتابة فيه لاختبار قدرته على التعبير !!

    وفداحة هذا الفعل أنه صدر عن من هو مأمون على تربية وتعليم الطلبة .. وبالطبع كان الوازع الذى حكم هذا المدرس هو رغبته فى تفادى كل طريق من الممكن أن يتسبب فى فقدان درجات بالنسبة لطلبته حتى لو كان غير قابل للتلقين كموضوعات التعبير



  2. #2
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    3,034
    معدل تقييم المستوى
    33

    افتراضي

    التربية الاسلامية ومبادئها ومراحلها


    التربية الاسلامية هى التربية التى تنشئ الفرد المسلم مؤهلا لأن يكون عنصرا صالحا بمجتمعه بغض النظر عن حالة هذا المجتمع .. ولكى يخرج الناشئ وفق أسس تربوية ومعايير سليمة يجب أن يدرك الأب المربي عدة مبادئ يتم تطبيقها بمنتهى الدقة إذا أراد لولده أو ابنته شخصية متزنة فاعلة فى المجتمع

    أول هذه المبادئ وأهمها على الاطلاق هو توافر رغبة الأب فى تربية أبنائه .. !!

    وقبل أن ينالك سهم الدهشة من تلك العبارة تأمل مقاييس الأبوة وكيف هانت فى هذا العصر لتدرك كيف تغيرت الطبيعة الفطرية لتلك العاطفة الأجَل فى العلاقات الانسانية .. فتوافر إرادة المنح والعطاء بلا حدود للأبناء وإرادة التربية ليست مسلما بها كما هو مألوف بعد دخول عوامل انتظار المقابل من الأباء أو من بعضهم ..

    والتركيز على دور الأب فى تلك الدراسة ليس إهمالا لدور الأم بل لأن دورها عاطفي فى أكثريته متوافر بطبيعته والاستثناء فيه ـ وإن كان واقعا ـ إلا أنه لا يمثل النسبة الكاثرة المتوافرة فى تراجع دور الأب لأن دوره ينقسم مناصفة بين العقل والعاطفة

    ولهذا يظل الأب والأم كليهما ضروريا فى أداء دوره .. فمهما بلغت الأم حد الكمال والعطاء لن تتمكن من تغطية دور الأب والعكس صحيح .. فالأم تحت تأثير العاطفة لا يعنيها إلا وجود الابناء إلى جوارها بغض النظر عن أى سوء ينالها منهم أو أية معايير من الممكن أن تباعد بينها وبينهم فقابليتها للغفران بلا حدود وقلبها لا يغير اتجاه الحب الفطرى للأبناء مهما كانت الأسباب ولهذا لا تتمكن الأم مهما أرادت من اتخاذ مواقف صارمة كالذى يتخذها الأب عند الحاجة إليها وتتطلب قلبا متماسكا وتلك من حكمة الله تعالى فى خلقه

    ولهذا نرى الأم تجزع من إصابة بنيها بأى سوء مهما كان هذا مبعثا للفخر والاعتزاز .. فأم الشهيد أو العالم المهاجر لو شققت قلبها لتمنت وجوده الى جوارها حتى لو فقد كل ما هو مثير للفخر بينما الأب يتدخل العقل فيحكمه الرضا مهما نازعته عاطفته

    وهذا الاختلاف هو الذى يبرر تراجع دور الأب ورغبه أو إرادة التربية والقدرة على تحمل مشاقها لعدة عوامل قد تكون خارجية كالظروف الاجتماعية وقد تكون خاصة كالطموح الشخصي الذى قد يحكم الأب فيجعله غير قادر على إعطاء جل وقته واهتمامه لتربية أبنائه وهذا هو المعيار الحقيقي لإخراج النوابغ ولذلك رأينا العديد من العباقرة فى جميع المجالات لا يورثون أبناء فى درجة مماثلة أو حتى مقاربة من العبقرية بالرغم من تفوق الملكات الشخصية لهؤلاء الأبناء بينما الأباء العباقرة لو فتشنا خلف عبقرياتهم نكتشف ببساطة من هو الجندى المجهول الواقف خلف نبوغ هذا التميز وظهوره كاملا .. فنجد محمد الشعراوى الفلاح البسيط الذى أخرج الشعراوى ونجد محمد السباعى الأديب العملاق الذى أخرج يوسف السباعى وهكذا ..
    وهذا أيضا هو السبب الرئيسي الواقف خلف تفسير ظاهرة بيع مكتبات العباقرة من المفكرين والعلماء بمجرد وفاتهم .. والبائع هنا هم الأبناء لأنهم لم يتشربوا ما ورثوه أو يدركوا أهميته لانشغال آبائهم عن تعميق هذا بنفوسهم ..

    فهؤلاء العباقرة ولدوا لأباء تفوقوا فى إدراك ملكات بنيهم التى ظهرت بواكيرها فاشتعلت قدراتهم لأجل رعايتها .. ولا يوجد تضاد فى الواقع بين إدراك الأب لصحيح دوره وبين طموحه الشخصي ومشاغله المختلفة .. فالأمر يرجع فى البداية إلى حسن التدبير بين الأب والأم وإدراكهما لطبيعة رسالة الأبوة والأمومة باعتبارها الواجب الأقوى لأى انسان ..

    لا سيما وأن دور الأب يبدأ خلال مرحلتين عمريتين للأبناء من سن السابعة حتى الرابعة عشرة وهى السن التى تؤسس لمستقبل الطفل فيما بعد وهو الأمر الذى لا يدركه الآباء المهاجرون مثلا للسعى خلف الرزق ـ وليس فى ذلك عيب إلا التوقيت ـ ولكن التفكير الأمثل هنا يدفعنا لسؤال بسيط عن الهدف الرئيسي لغربة الآباء عن الأبناء فى سن احتياجهم والمبرر هنا معروف أن يكفل لهم حسن المعيشة فى ظل الظروف الاجتماعية القاسية أو يحقق لهم مزيدا من الرفاهية فى ظل عالم ثري بمغرياته ..

    هذا هو ما نجده من مبررات مباشرة لمسألة السفر للعمل بدول أخرى .. والذى غالبا ما يكون متزامنا مع سن التربية للأبناء .. ولكن لو توافرت النظرة الأكثر عمقا للأمور سنجد أن تلك المبررات تقف فى صف عدم الاغتراب عن الأبناء فى تلك السن .. هذا لو كان الهدف الفعلى للسفر هو ضمان حسن التربية لأن غياب الأب لضمان توافر الجانب المادى يهدم بكل تأكيد البناء المعنوى والذى لا يقل خطورة إن لم يزد عن الجانب المادى ..

    لا سيما وأن الحياة فى ظل ظروف اقتصادية صعبة مع وجود الأب إلى جوار أبنائه فى سن الإعداد لا يؤثر تقريبا على شخصياتهم سلبا وهو ما رأيناه فى معظم الفلتات العبقرية الذين خرجوا فى حضن الشقاء المادى والثراء المعنوى .. بينما توافر المادة للأبناء فى ظل غياب الآباء يجزم بنقصان البناء حتميا لدى الأبناء الذين يشبون عن الطوق وهم يتعاملون مع الأب ـ رغما عنهم ـ باعتباره مصدرا لرغد العيش ..


    مصدرا غائبا حتى لو تواجد بينهم بين فترة وأخرى .. لأنهم اعتادوا على هذا الغياب وألفوه وهو ما يسبب فيما بعد انزعاجا شديدا فى محيط الأسرة حال وجوده المفاجئ بعد طول غيبة ..
    وعليه ليس من حق الأب المغترب هنا الاعتراض على ما يجده من نكران أو عدم ألفة من الأبناء فضلا على ما سيلقاه من رفض كبير لأى ممارسة لدور فاعل فى التربية والتأديب .. هذا الدور الذى تنازل الأب عنه طواعية
    أما بالنسبة للأم .. فغيابها قد لا يكون متصورا فى العادة .. إلا أنه فى ظل ظروف العصر الحالى نستطيع الجزم بحدوثه .. وغياب الأم يختلف عن غياب الأب فى عنصرين ..

    أولهما ..

    كون هذا الغياب كمشكلة سهل الحل نظرا لأن الأب أكثر عرضة لهذا الغياب سواء كان مستمرا كالغربة أو متقطعا كفترات العمل الطويلة أو المبالغ فيها

    وثانيهما ..

    أن هذا الغياب أشد وأكثر خطورة من غياب الأب ألف مرة .. لأن غياب الأخير يسبب فقدان البناء السليم لشخصية الطفل وهو أمر من الممكن تدارك بعض جوانبه المفقوده بمزيد من الجهد .. أما غياب الأم خاصة فى مرحلة السبع سنوات الأولى فهو كفيل بنسف شخصية وبناء الطفل نسفا لا يفيد معه العلاج .. وهذا لطبيعة دور الأم التى تمثل الحضن الدافئ للطفل منذ مولده وحتى سن الادراك والفضول .. ولذا ففترة السبع سنوات الأولى هى فترة الأم بمعنى الكلمة يلتصق فيها الطفل بأمه باعتبار حضنها البديل الطبيعى للرحم الذى تعود على احتوائه بغير منغصات ويزداد التعلق الفطرى بالأم مع اكتشاف الطفل لعالم آخر خرج إليه ويبدو له مزعجا وغريبا وغير مأمون

    وفى تلك الفترة تتكون عاطفة الحب الغريزى بين الطفل وأمه وهى أيضا فترة التلقين الأولى التى يعتمد عليها بروز قدرات الطفل فيما بعد على الكلام والتعبير والمشي وهو ما كشفته الدراسات العلمية لتلك الفترة .. فما تمارسه الأم مع طفلها ويبدو عملا فطريا بسيطا لا فائدة منه كالتدليل والحديث الدائم إليه وتحريكه بالدعابات المألوفة هو ما يعجل بنمو الطفل وتفوقه بشرط الالتصاق التام بين الطفل وأمه فى تلك الفترة ..

    وتأتى كارثة الغياب مع لجوء الأم لترك طفلها لأسباب ومبررات مختلفة منها الخروج للعمل أو الانشغال بأمور خاصة فتقوم بأحد ثلاثة أشياء إما أن تترك الطفل لمربية وإما أن تتركه لأخرى فى محيط الأسرة أو تودعه إحدى دور رياض الأطفال المنتشرة فى فترة الانشغال ..
    والثلاثة عناصر كارثتها واحدة وتتمثل فى تدمير وتشويه العلاقة الطبيعية بين الطفل والأم وهو ما يفسد الغريزة الطبيعية ويكون له أبلغ الأثر السيئ فى نفسية الطفل الذى ينجذب إلى أم أخرى وعالم آخر لن يعطيه العاطفة اللازمة لإشباعه فيفقد أولى معانى الانتماء فى أعماقه والتى تتطور فيما بعد مع مراحل عمره لتصل إلى فقدان الانتماء بالنسبة للعقيدة والوطن ومن قبلهما الأسرة والمجتمع القريب

    وهذا الاختراع المسمى دور الحضانة هو أخطر أسلوب اجتماعى فى تاريخ البشرية وهذا لا يحتاج توضيحا أو تبريرا لأن من يقوم بالرعاية فى تلك الدور يقوم بدور وظيفي بحت مهما كانت براعته لن يساوى مقدار خردلة فى الرعاية الفطرية المتوافرة تلقائيا فى حنايا عاطفة كل أم ..
    وقبل أن نترك تلك النقطة الخاصة بخطورة غياب الأبوين .. لا يفوتنا التنويه عن إشكالية بسيطة لا تلفت النظر لكنها تمثل ركنا أساسيا فى التربية ألا وهى تجمع العائلة على مائدة طعام واحدة مرة فى اليوم على أقل تقدير ..

    فتلك العادة المفقودة ـ بالذات فى المدن ـ كفيلة بتحقيق غياب الأبوين حتى مع وجودهما الفعلى مع الأبناء فى محيط المنزل .. لأن انفراد كل عضو فى الأسرة سواء من الأبناء أو من أولياء أمورهم بأموره الخاصة فى المأكل والنوم يحيل المنزل من بيت أسري إلى فندق لا تجمع بين ساكنيه علاقة إلا اللقاء العابر ذهابا وإيابا ..

    فاللقاء الدورى على مائدة الطعام يكفل حرارة العاطفة بين أفراد الأسرة وعدم ذوبانها ويكفل للأسرة التماسك الحقيقي بالسؤال عن غياب كل فرد بدلا من أن يصبح الغياب أمرا طبيعيا لا يستدعى تساؤلا من أحد

    إضافة إلى أن مائدة الطعام تمثل ما يشبه الاجتماع الدائم الانعقاد بين رب الأسرة وأسرته على نحو يكفل له متابعة كل صغيرة وكبيرة ومراقبة كل تغير يطرأ على أحد الأبناء نتيجة لاعتياده الدائم على لقائهم مما ييسر له كشف أى تغيير وذلك من خلال الكلمات المتبادلة على المائدة أو حول طبق الفاكهة وما يتبع ذلك من مسامرات هى الطريق الأمثل لدفع عروق الالتزام والانتماء بين أفراد الأسرة ..


    وفى النصف الأول من القرن العشرين كانت الاسرة بالمفهوم الأوسع " الجد والأبناء والأحفاد والزوجات " تجتمع كلها على مائدة الطعام فى تلاصق حميم كان من نتائجه الطبيعية توثيق الروابط الأسرية التى تفككت فيما بعد عقب تفكك مفهوم الأسرة لينحصر على الأب والزوجة والأبناء وفى خلال هذا العهد نبتت لأول مرة الخلافات العصبية بين أبناء العمومة كنتيجة طبيعية لانحسار مفهوم القرابة أو الالتصاق .. ثم جاء العصر الحالى حاملا رياح استقلال كل فرد بحاله لنشهد اعتداء الأبناء على الآباء أو على بعضهم البعض وهو الأمر الذى أصبح طبيعيا لكثرة حدوثه واعتياد الناس عليه ..


    والتماسك المتواتر الذى كان متوافرا بين الأبناء والآباء وباقي أفراد العائلة ثم بقية أهل البلدة أو القرية .. كان هذا التماسك هو الخالق لدور المجتمع ككل فى تربية النشئ .. وهو ما ضاع تماما فى عصرنا الحالى فلم يعد المجتمع يمثل دورا أو رهبة أو رقابة أو حماية كما كان معهودا منذ نصف قرن فقط من الزمان .

    .



  3. #3
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    المشاركات
    3,034
    معدل تقييم المستوى
    33

    افتراضي

    الأول
    ستكون تلك القصص بما لها من أساليب مشوقة دافعا لاستقرار الطفل فى المنزل وعدم سعيه الدائم للخروج إلى المجتمع فى ظل المحاذير التى نعانيها بعصرنا الحالى ..

    والثانى
    ستكون تلك القصص هى الطريق والتدريب اللازم لحب القراءة والذى من الممكن أن يكبر تدريجيا مع الطفل فيستبدل ما يطالعه بما يناسب كل مرحلة سنية قادمة .. إضافة إلى أن تعود القراءة سيكسب الطفل الثروة اللغوية اللازمة لتدشين اللغة العربية السليمة بأعماقه وهو أهم هدف فى تلك الفترة

    بقي أن نقول أن تلك الفرة هى فترة التأديب الجبري بمعنى أن العقاب يكون ماديا بالضرب عند الأخطاء ولكن بمراعاة لوازم هامة .. تلك اللوازم تتوافر فى أن العقاب يكون متناسبا مع الخطأ من ناحية ومع تكراره من ناحية أخرى ..

    إضافة إلى الحرص الكامل فى عدم التجاوز فى العقاب مع ضرورة وجود المكافاة فى حالة الالتزام وتعميق الشعور لدى الطفل أنه سيكافئ بشكل مضاعف على أفعاله الحسنة التى يقوم بها بمبادرة منه حتى لو كانت مجرد ممارسة هواية الرسم مثلا .. فيجب أن يـُظهر الأب اهتماما فائقا بما يقدمه إليه الابن مهما كان المقدم منه تافها أو عرضيا لأن مجرد سعى الابن لكسب رضا والده أمر بالغ الأهمية يجب أن يكون فى قمة اهتمام الأب .. نضيف إلى ذلك أن العقاب المادى للطفل يجب أن يقترن بهيبة الأب بمعناها الصحيح ..

    فما أبعد الفارق بين طفل يخشي من أبيه ويخافه وطفل آخر يخشي إغضاب والده ..
    فالطفل الأول تحكمه عقدة الخوف من عقاب والده بينما الثانى يحب والده ويحترمه بأعماقه على نحو يجبره على السعى إلى رضاه وهى نفس نظرية الحاكم المتسلط والحاكم الصارم العادل كلاهما يتمتع بخشية مواطنيه لكن الفارق ضخم بين الخشية مع الاحترام والحب والخشية مع تمنى زوال أسباب الخوف


    وتأتى المرحلة الثالثة حاملة معها رياح الادراك والفتوة والأهم مرحلة البلوغ وما يتبعها من آثار .. وتلك المرحلة ليست مرحلة تعليم جبري لكنها مرحلة مصاحبة وإختبار لما سبق أن تعلمه الطفل فى سابق السنوات ..

    بمعنى أن دور الأب هنا يقتصر على المتابعة الحثيثة لتصرفات الابن وتركه على حرية نسبية وليست مطلقة واختبار ردود أفعاله إزاء الأشياء بحيث تكون رقابة الأب هنا خفية والعقاب لا يكون هو الجزاء الوحيد إزاء الخطأ كما فى المرحلة السابقة بل يكون العقاب الأول هنا مصارحة الفتى بخطئه وإحراجه أمام نفسه كصديق أخل بوعده أمام صديقه ..

    ومع العتاب أو العقاب المناسب يكون الاصلاح وإعادة التأهيل مع الوضع فى الاعتبار حقيقة بسيطة للغاية تغيب عن معظم الآباء .. أنهم كانوا فى يوم من الأيام فى سن أبنائهم وفعلوا نفس الشيئ وربما أكثر لكنهم عندما تثور ثائرتهم على تقصير الأبناء يتعاملون مع أفعالهم بسن الأب لا بسن الشاب الجامح الرغبة

    ومن مطالب المرحلة الثالثة شدة الحرص والمتابعة عن بعد بشكل ما لصداقات وأقران الأبناء .. والرقابة هنا يجب أن تكون بعيدة لحفظ اتزان الابن فى سنه الحرجة المتمردة والتى يشعر فيها بكيانه ويرفض من داخله تدخل الأبوبن فى حياته الشخصية أو توجيه اللوم إليه أمام الغير " وهى عادة سيئة لدى بعض الآباء ترتب أثارا نفسية ضخمة " .. ومن هنا كانت أهمية أن تكون المرحلة الثالثة مرحلة مصاحبة وتقارب شديد بين الأب والابن ..

    وفى العصر الحالى .. صارت مسألة رقابة الأقران وأصدقاء الأبناء أهم مهمة للأب فى تلك الفترة .. مع كل ما يسببه الأقران من كوارث فادحة بشخصية الأبناء ولذلك على الأب توخى الدقة فى الكشف عن تصرفات الابن ومعاملتها بشكل مختلف

    فان كانت ناجمة عن وسوسة لأحد أقرانه .. وأتى الابن بفعل خاطئ تحت تأثير القرين ـ مهما كان بسيطا ـ هنا يجب أن تكون ثورة الأب عارمة وقوية بعكس الحال اذا كان الخطأ بفعل الابن ذاته ومن عقله هو .. يكون العقاب مخففا

    لأن تلك الطريقة ستدفع الابن لادراك خطورة الانسياق خلف قرين من ناحية .. ومن ناحية أخرى فان ما يتسبب فيه الابن من أخطاء تكون ناجمة عن عقله هو أمر سهلُ معالجته بجلسة عتاب أو عقاب واحدة لأن الأب يخاطب عقل ابنه مباشرة ويقنعه ..

    أما إذا كان الفعل من وسوسة الأقران فهنا لن تفيد جلسات المصاحبة لأن ما سيفعله الأب سيفسده القرين فى اليوم التالى .. ونقطة أخرى بالنسبة للعقاب البدنى والذى يجب أن يتغير فى مفهومه عن المرحلة السابقة .. بحيث يكون العقاب فى أضيق الأحوال ولابد أن يتحلى الأب بطبيعة الرصانة والعزة فى غضبه لأن اعتياد الآبناء على ثورة وعقاب الآباء يسقط هيبة هذا العقاب من حسابهم نهائيا باعتباره أمرا روتينيا يحدث بسبب أو بدون سبب

    وتتطلب المرحلة الثالثة باعتبارها مرحلة المصاحبة ضرورة هامة هى الحوار الدورى بين الأب والابن وهو أمر إذا غفل عنه الآباء سيكون كفيلا بتدمير المرحلتين السابقتين لأن الحوار داخل المنزل سيغنى الشاب عن طلبه خارج المنزل

    والحوار بين الأب والابن يجب أن يكون بمحتوى معين لا مجرد سؤال عن الأقران أو الأحوال فى الدراسة وما إلى ذلك من أحاديث تعمق بداخل الابن فكرة الولاية لا فكرة المصاحبة..

    والأب المربي حقيقة هو من يدرك الجانب الفكرى الذى يلفت نظر الأبن فيحدثه فيه بأسلوب يتعمد فيه الأب اظهار احترامه لوجهات نظر الابن حتى لا تؤدى استهانة الأب بوجهات نظر الابن إلى الاشكالية المعروفة بين الجيل القديم والجيل الجديد والتى نسمعها بالعبارة العامية المأثورة " أبويا دقة قديمة .. "

    كما يجب أن يركز الوالد فى المناقشات على المقارنة بين التجارب وتقرير المثل العليا بشكلها الصحيح أمام أبنائه لأن فترة المراهقة هى فترة الذبذبة بين إدراك الحق والباطل لا سيما ونحن فى عالم متغير يمتلئ بالمتناقضات .. فحرص الأب هنا لازم وجوبا ليعرف الأبناء سير سابقيهم من العظماء ولماذا وكيف أصبحت لهم تلك المكانة فضلا على إظهار المفاهيم الصحيحة للمعانى التى اختلت كالفن والابداع والتحضر والرقي والقوة والحرية والحق وكيفية ممارسته .. فكلها أصبحت مجالات مشوهة بعد إطلاق نفس الأوصاف على أنشطة مخالفة للطبيعة الفطرية

    هذه ببساطة المبادئ العامة لاخراج النشئ .. وهى التى تاهت عن عقول الآباء فى خضم الظروف الحياتية المتقلبة وانحسار دور المجتمع تماما فى تربية الناشئين .. وتلك المبادئ لن تكون قابلة للتطبيق مع الآباء الفاقدى الثقافة والمعرفة فى الأصل لأن القاعدة تقول " فاقد الشيئ لا يعطيه " ..
    كما أنها لن تكون ذات نفع مع الآباء والأمهات اللواتى فضلن الطموح الشخصي على منح الوقت والجهد الأكبر لرعاية الأبناء والاكتفاء بتوفير المستوى المعيشي الملائم وفقط باعتبار أن توفير هذا المستوى كفيل باخراج الأبناء الى خضم الحياة سالمى النفس والبدن أو كما يحلو للبعض ترديد المقولة الشهيرة " متربيين أحسن تربية "

    أو إظهار الضجر ليل نهار من أثر مسئوليات الأبناء وتكاليفها وكلا الطريقتين تخلق حساسية وشعور بالمن لدى الأبناء .. وهذا طبيعى لأن تربية الأبناء ليست عملية ربحية خضع لقوانين السوق المعهودة ..

    بل هى أخطر مهمة للانسان كما أنها سر بقائه ومقياس حضارته وأساس رسالته فى هذه الحياة ..

    ويكفي أن ندرك أن التربية السليمة للأبناء تكفل الخلود للآباء .. بينما الأب الغافل عن مفهوم التربية الصحيحة يموت حين يموت ..



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178