إذا كان الاهتمام بالأطفال المعاقين من الناحية العقلية خليقاً بالثناء ومفيداً فإننا نرتكب خطأ إذ نغفل فئة أخرى من الأطفال الذين نتركهم في البلبلة الأكثر إتصافاً بأنها تامة إلى حد يؤدي بهم إلى اليأس أنهم الأطفال الموهوبون وربما يقول بعض الناس إن الأطفال الذين وهبهم الله مواهب ممتازة ومهارات عالية ليسوا بحاجة للمساعدة أبداً.
ومن المؤكد هنا القول أن الطفل الموهوب يبرز دون عون الجماعة في كثير من الحالات ويشق طريقه في المجتمع بسهولة ولكن الأمور لاتسير دائماً على هذا النحو، فلا نعرف شيئاً أكثر مجلبة للحزن من أن تتقهقر عبقرية كامنة تقهقراً بطيئاً وعبقرية يكتم أنفاسها أناس أسوياء كما يفعل على وجه الدقة بالموهوب ، فالسأم في الصفوف التي يكرر فيها المعلمون مفهومات يتم تمثيلها وتصورها على الفور يحبط الطفل الموهوب لأن الكلمة لا تتصف بالمبالغة حيث ينتهي إلى أن يتخلى عن عبقرية وغير خاف أن الاهتمام بالأطفال الموهوبين قديم جداً ففي الجمهورية يقضي (أفلاطون) بتميز الأطفال حتى في أسر الفلاحين والصناع وفي القرن الخامس عشر أسس السلطان (محمد الفاتح) مدرسة خاصة هدفها أن تنشئ أفكاراً رائعة في أجسام مخشوشنة.
وقد أستوحى (جيفر سون) أحد رؤساء أمريكا في أفلاطون فكرته حيث اقترح أن تجمع أفضل العبقريات في ولاية فرجينيا في مدرسة خاصة - أطفال الفقراء وأطفال الأغنياء على حد سواء وفي وقت متأخر اتجه الإهتمام العام صوب الأطفال المعجزة وتحمس عامة الناس والعلماء (لكارل وايت) الذي كانت جامعة (لايبزغ) قد استقبلته دكتوراً في الفلسفة وهو في الرابعة عشرة من عمره وكان يقرأ الألمانية ويعرف الفرنسية وكان يحفظ خمسمائة حكمة لاتينية.
للأسف لم يعد ثمة أي اهتمام بالأطفال المعجزة في أيامنا هذه.
هنا أتساءل كيف نرعى أطفالنا الموهوبين؟؟
إن (غالتون) الذي كان طفلاً معجزة هو الذي شاد علم الأطفال الموهوبين فوصف طباعهم واهتم بعبقريتهم.
وأشير هنا إلى الجهات المختصة وما الذي قدمته فأين برامجها الإثرائية ومناشطها الفاعلة وسعيها الدؤوب لرعاية كل موهوب.
ويبقى الطريق أمامنا طويلاً .....