عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 32
كيف نفجر ينابيع العبقرية عند أبنائنا
أكدت دراسة أجراها بعض علماء جامعة بنسلفانيا أن 94% من رجال الأعمال الناجحين كانوا يعملون في طفولتهم داخل المنزل ،أن هذه المرحلة من حياتهم لم تكن كلها راحة ومتعة وإنما عمل وحركة .كما أثبتت نفس الدراسة أن 62% من أساتذة الجامعات كانوا يشتركون مع أمهاتهم في أداء الأعمال المنزلية البسيطة وكذلك فإن 75% من طلاب الجامعة المتفوقين كانوا قبل دخولهم المدرسة يعتمدون على أنفسهم في ارتداء الملابس وتناول الطعام والاستحمام والحصول على ما يريدونه. كما أكدت الدراسة أن حياة العباقرة أثناء الطفولة كانت غنية بأعمالهم المفيدة وهذا ما أسهم في تفجير ينابيع العبقرية الكامنة في داخلهم .
إذا تشجيع الاستقلال منذ الطفولة الأولى هو اللبنة الأساسية في بناء شخصية قوية متميزة في المستقبل ، لكن القول دائما أسهل من الفعل وخاصة إن تعارضت المفاهيم مع بعض المعتقدات الراسخة عند بعض الأمهات العاطفيات التي تبالغ في القيام عن أبنائها بكل شيء بدافع الحب والحماية
فهل هناك طرق محددة عملية تحقق الاستقلالية التدريجية للأبناء مع استمرار شعور الحب والدعم عند الطرفين ؟ طبعا توجد ويمكن للوالدين تعلمها والمداومة على تطبيقها، لكن عليهم أولا أن يقتنعوا أن احد أهدافهم لكونهم آباء وأمهات أن يعدوا أولادهم للانفصال عنهم ويساعدوهم كي يصبحوا أفرادا مستقلين قادرين في المستقبل على تحمل أعباء الحياة والقيام بوظائفهم دون عونهم وان يقتنعوا أن أولادهم ليسوا نسخة منهم أو امتدادا لهم بل هم كائنات مستقلة لها طباع وأذواق ومشاعر مختلفة ورغبات وأحلام مختلفة .
أعرف أن هذه المفاهيم قد تسبب غصة عند كثير من الأمهات التي تحرق نفسها حبا في خدمة الأولاد فقد مررت بهذا الشعور عندما مارست المفهوم التقليدي للأمومة متناسية كل الكتب التي قرأتها في المجال التربوي الصحيح سواء منها الإسلامية أو الغربية و متمتعة بشعور التضحية تجاههم مجمِدة جميع فعاليات حياتي المهنية والاجتماعية من اجلهم ، لكن احمد الله أن ذلك لم يدم طويلا، وكم فوجئت بسعادة أولادي وزيادة حبهم وطرق تعبيرهم عنه لي عندما خففت عنهم طوق الحب والحماية عنهم ، طبعا كانت هناك بعض الاعتراضات والمشاكل في البداية لكن مع شعورهم بالاستقلالية وسعادتهم بإنجازاتهم زالت بالتدريج ، فهم مستقلون لكن تحت أعيني وتوجيهاتي وأنا أفخر بهم وبإنجازاتهم المختلفة بالرغم مما تتسبب به من أعباء إضافية.
ولكي تقتنعي عزيزتي الأم بذلك جربي حقيقة الشعور الذي ينجم عن استمرارية اعتماد شخص على آخر بتسجيل حقيقة مشاعرك وردود فعلك في مواقف كالتالي :
أنت في الرابعة من عمرك وأثناء النهار أحد أبويك يقول لك : دعيني اشد السحاب لك ، كلي الملفوف فهو مفيد لك.
ماهي ردة فعلك وماهو شعورك ؟
أنت الآن في التاسعة من عمرك وأبواك يقولان لك دعينا نساعدك في وظائفك فهذا اضمن ! لماذا لبست هذا المعطف البسي الأحمر فهو يناسبك أكثر!
ها اخبرينا كيف هو شعورك الآن ؟
الآن أصبحت في السابعة عشر من عمرك يقول لك والدك ليس من الضروري أن تذهبي مع رفيقاتك فأنا أخاف عليك ،أنا اصطحبك حيث تشائين ما عليك إلا أن تطلبي مني ذلك !
الآن أنت راشدة يقول لك المدير :سأقول لك أمرا فيه مصلحتك قومي بعملك وحسب واعفنا من أفكارك واقتراحاتك !
هيا اخبرينا الآن ماذا تريدين أن تقولي لأبيك أو لهذا المدير بعد أن جعلك تشعرين بتلك الأحاسيس ؟!
الآن أنت مواطنة في بلد في طور النمو ويأتي مسئول رفيع من بلد غني ويقول في اجتماع :إن بلادكم متأخرة ونحن ندرك حاجياتكم سنرسل لكم خبراء ومواد كي نعلمكم كيف تديرون أسركم ومدارسكم ومزارعكم الخ!!
لاشك انك عندما وضعت في موضع الاتكالية ولوكان هناك قليل من الامتنان فانك عانيت مشاعر العجز وضآلة القيمة والإحباط والغضب الذي يقود إلى العدائية , فهل تريدين التسبب لأولادك في ذلك ؟ أكيد لا
لذلك لا شك انك تسألين نفسك الآن كيف يمكنني أن أجنب أولادي ذلك ؟و كيف يمكنني مساعدتهم على التميز ؟
نبشرك بان هناك مهارات خاصة كثيرة تساعدك في جعل أولادك يعتمدون على أنفسهم وقد ساعدت الكثير من الأمهات والآباء الذين ثابروا على تطبيقها مع أولادهم ، لكن نحب أن نذكرك بان النتائج لن تكون بين ليلة وضحاها فنحن نتعامل مع عقول ومشاعر وسلوكيات فمن الأفضل لنا منذ البداية أن نحترم قانون التدرج بالتغيير ونصبر على كل العوائق التي يمكن ان تعيقه وكل من صبر ظفر بالنهاية.
وهذه بعض أهم المهارات التي يمكن أن تساعد الأبناء على الاستقلال بحب عن الأهل :
• دعي الأولاد يختارون مثل هل تريد تحضير حقيبة المدرسة قبل العشاء أم بعده ؟
• اظهري احتراما لأي جهد يبذله الولد مثل أراك تحاول فتح هذه العلبة هذا جيد يفيد أحيانا أن تستعين لنزع الغطاء بمفتاح خاص
• . لا تطرحي أسئلة كثيرة مثل أين كنت ؟ كيف قضيت وقتك ؟كيف تصرف أصدقاؤك معك الخ ؟ قولي فقط مرحبا بك سعيدة لرؤيتك
• . لا تتعجلي الإجابة على الأسئلة وخصوصا عند حل مشكلة بل قولي له عند سؤاله مثلا :هذا سؤال هام ماذا تظن أو تقترح أنت ؟
• كلفي الولد بمهام منزلية تكون في استطاعته وعلى رغبته مثلا هناك ثلاثة أعمال يمكنك ان تقوم بإحداها رمي القمامة أو شراء بعض الحاجيات أو غسل الصحون بعد الغداء ،أو تريد مهمة اخرى تريحك وتعملها برغبة وإتقان أكثر؟
• شجعي الولد على استخدام مراجع خارج المنزل مثل سؤال المدرس أو الطبيب أو الانترنيت ليتعلم أن هناك دائما فرصا للإفادة غير الأهل وان هناك دائما من هو مستعد لتقديم المساعدة من العالم الخارجي ليشعر بالأمان والحب اتجاهه .
• لا تقطعي أمله في شيء أبدا فمثلا إن قال لك انه سيصبح مهندسا في المستقبل لا تبادريه بالقول: بعلاماتك المتدنية في المدرسة لن تحقق ذلك أبدا وانسه أفضل لك وإنما قولي : إذا أنت تطمح في أن تصبح مهندسا ، الهندسة مهنة و مع أنها تتطلب الكثير من الجهد فهي مهنة مهمة وممتعة.
وهناك طرق أخرى لتشجيع الاستقلال وخصوصا عند اليافعين مثل :
• دعيه وشأنه في أمور مظهره مالم يخرج عن الشرع لان الأولاد يعتبرون ذلك اجتياح لخصوصيتهم الجسمية .
• ابقي بعيدة عن تفصيلات حياة ابنك مالم تتعلق بالأمور الأساسية.
• لا تتحدثي عن الطفل بحضوره مهما كان صغيرا لان هذا يشعره بأنه من ممتلكات أهله.
• دعي الولد يجيب بنفسه عند سؤالك عنه فأفضل دليل على احترامك له أن تجيبي السائل : يستطيع احمد أن يجيبك فهو الذي يعرف أكثر مني.
• اظهري الاحترام لرغباته المستقبلية وقلقه فبدلا من الضغط والإلحاح على فرض تعلم السباحة مثلا والولد غير مستعد لا جسميا ولا نفسيا قولي له : لست قلقة عندما تصبح مستعدا تذهب إلى السباحة.
• احترسي من الإكثار من الرد الفوري : بلا ، فهناك بدائل ايجابية كثيرة عنها مثلا:
1. قدمي معلومات فمثلا إن سألتك ابنتك الذهاب لعند صديقتها فبدلا من الإجابة التقليدية لا لا تستطيعين قولي سيأتيني زوار واحتاج إلى مساعدتك.
2. اقبلي مشاعر ابنك وأنت ترفضين طلبه فهذا يخفف مقاومته كثيرا.
3. صفي وضعك أو مشكلتك عندما يطلب منك المساعدة في أمر ما فبدلا من لا أستطيع قولي بودي أن أساعدك لكني وعدت جدتك باصطحابها إلى الطبيب .
4. قولي نعم بدل لا مع تذكيره بواجبه فبدلا من لاطبعا لا يمكنك الذهاب وأنت لم تستحم بعد قولي نعم بعد أن تستحم .
5. أعط نفسك وقتا للتفكير بدل الرفض المباشر لان هذا سيخفف من شدة الانفعال عند الطفل إذ يعرف أن طلبه سيؤخذ بعين الاهتمام وبنفس الوقت تستطيعين فعلا بالتفكير الهادئ الوصول إلى القرار السليم .
المفضلات