عضو نشيط
- معدل تقييم المستوى
- 30
مشكلات الطفل الموهوب في الأسرة...
باستقراء التراث السيكولوجي حول مشكلات الطفل الموهوب في الأسرة يمكن استخلاص المشكلات الآتية:
1- بروز دور الطفل الموهوب كوالد ثالث في الأسرة:
من خلال استطلاع أراء أباء الأطفال الموهوبين في دراسة أجراها ( هاكني ) عبر هؤلاء الآباء عن غموض دورهم كآباء عند التعامل مع الطفل الموهوب ، وصعوبة تحديد الفرق بين دور الوالدين والأبناء الموهوبين في الأسرة ، كما أبدوا حيرتهم في كيفية التعامل مع الطفل الموهوب كطفل أم راشد، مما أدى إلى إحساسهم بالقلق والحيرة لصعوبة الفصل بين دورهم كآباء ودور الطفل الموهوب كطفل، حاله حال سائر الأبناء لان الطفل الموهوب يتمتع بقدرة لفظية عالية، ويتحدث إلى والديه وكأنه فيلسوف صغير، كثير الجدل، قوي الحجة والبرهان، مما يجعل والديه يشعران بالحيرة أمام هذا الطفل الراشد، وكثيرا ما يخسر الآباء الرهان في معركتهم الجدلية مع طفلهم .
ونظرا لحدة ذكاء الطفل الموهوب ، وشدة حساسيته ، وتأثير شخصيته المسيطرة ، وقوة إقناعه ، يعلن الآباء استسلامهم أمام الطفل الموهوب الذي يفرض نفسه كوالد ثالث في الأسرة بلا منازع . ويشعر الآباء بالحيرة الشديدة في أساليب تربية الطفل الموهوب الذي لا تنفع معه الأساليب العادية في التربية ، ويفرض عليهم من حيث لا يشعرون معاملة الند للند .
2 - دوران الأسرة في فلك الطفل الموهوب:
يبدو أن وجود طفل موهوب في الأسرة يؤدي إلى اضطرار أفراد الأسرة إلى إجراء تعديلات خاصة في حياتهم ، والتضحية بالكثير من الجهد والمال والوقت في سبيل تلبية احتياجات الطفل الموهوب ، وتبدو الأسرة وكأنها تدور في فلك الطفل الموهوب ، خوفا على موهبته من الضياع ، هذا إذا كانت الأسرة واعية ومتعلمة ، أما إذا كان الطفل الموهوب يعيش في كنف أسرة جاهلة ، أو تعيش في ظروف صعبة غير عابئة بموهبته ، كان مصير الموهبة الضياع ، ويساء فهمه ، فيتحول إلى عداد الكسالى أو المشاغبين ( هاكني 1981 ) .
ويبدو أن وجود طفل موهوب في الأسرة يخلق نوعا من الصراع بين الوالدين ، عندما يلجأ كل منهما إلى أسلوب مختلف في المعاملة ، كأن يشجع أحدهما إنجاز ويشجع الآخر الجد مما يجعل الطفل يستخدم أساليب المراوغة بذكاء ودهاء مع الوالدين متبعا مبدأ ( فرق تسد ) بين الوالدين للوصول إلى أهدافه ، مما يجعل اهتمامها به أكثر والتنافس بينهما أشد من أجل تلبية كل رغباته (فيني 1917) .
3- عزل الطفل الموهوب في كنف الحماية الأسرية:
على الرغم من فوز الطفل الموهوب في معركة إثبات وجوده في الأسرة مستغلا تفوق قدراته العقلية ، وبراعته اللفظية إلا أنه يخسر معركة على صعيد آخر وهي علاقاته الاجتماعية مع أقرانه ، فهو يميل إلى عقد صداقات مع أشخاص أكبر منه سنا، وقد يعزف عنه الأطفال العاديين لاختلافه عنهم ، أو لإحساسهم بالغيرة منه ، مما يؤثر على تقديره لذاته .
وفي بعض المقابلات مع الأطفال الموهوبين أفادوا بأنهم يتظاهرون بالغباء حتى يفوزوا بحب الأصدقاء.
وهذا يشكل هما كبيرا على الأسرة ، فيشعرون بالخوف والقلق على الطفل حتى لا يخدش شعوره ، ويجرح كبرياؤه ، فيلجأ الأبوان إلى أسلوب الحماية الزائدة مما يعزل الأسرة والطفل عن الآخرين (هاكني 1918).
4- إحساس الآباء بالتنافر المعرفي:
تواجه أسرة الطفل الموهوب مشكلة الإحساس بالتنافر المعرفي بسبب التباين بين صورة طفلها الموهوب النمطية ، التي تجعل الطفل وكأنه خارق الصفات ، متفوق في كل المجالات ، منعزل اجتماعيا، وبين صورته الواقعية رغم اختلافه عن العاديين في مجال موهبته فهو عادي في العديد من الأمور، وطفل بالدرجة الأولى، له احتياجاته حاله حال سائر الأطفال في مثل عمره. وهذا التباين بين الصورتين يخلق نوعا من التشويش . والقلق لدى الآباء، ويواجهون صعوبات في أساليب أ التعامل مع طفلهم .
5- إعلان الآباء الحرب على المدرسة:
تشير بعض الدراسات إلى أن أسرة الطفل الموهوب أقل رضاء وأكثر تذمرا من المدرسة من أسرة الطفل العادي وخصوصا إذا كان الطفل شديد الموهبة وأنه بعد أن يتم اكتشاف الطفل الموهوب تبدأ الأسرة بشن حملة شعواء على المدرسة والمدرسين .
وتصب اللوم على المدرسة في العديد من الأمور، فإذا قصر الطفل في إحدى المواد اتهمت المعلمين بعدم تشجيع الطفل ، وإذا أساء الطفل السلوك اتهمت المنهج بأنه لا يتحدى عقل الطفل ، وإذا كره الطفل الواجبات المدرسية اتهمت المدرسة بالضغط على الطفل , ويقع الطفل ضحية بين هذين الطرفين المتنازعين ، مما يستوجب إرشاد الأسرة بأسلوب صحيح ، ومد جسور التعاون والتواصل السليم بين الأسرة والمدرسة ، وتحقيق الشراكة الكاملة بين البيت والمدرسة والطفل .
وبسبب إحساس أسرة الطفل الموهوب بأن المدرسة عاجزة عن تلبية احتياجات طفلها برزت في الولايات المتحدة الأمريكية ظاهرة تسمى بالمدرسة المنزلية، حيث تولت الأسرة مسؤولية تعليم الطفل الموهوب في البيت بدلا من المدرسة .
6- علاقة الطفل الموهوب بإخوته:
من الأمور التي تقلق أسرة الطفل الموهوب علاقة الطفل الموهوب بإخوته ، إذ تشير الدراسات في هذا المجال إلى أن الإخوة غير الموهوبين يعانون من مشكلات التوافق النفسي، والقلق وتدني مستوى تقدير الذات بسبب وجود طفل آخر موهوب في الأسرة ، فعلى سبيل المثال الإخوة الأصفر سنا منه يشعرون بأنه من المستحيل أن يصلوا إلى موهبة أخيهم أو أختهم الأكبر سنا.
أما الإخوة الأكبر سنا فإنهم يشعرون بالضغط النفسي الشديد والنفور منه لأنهم لا يتقبلون فكرة تفوق الأخ أو الأخت الأصغر سنا. وإذا كان هناك طفلان في الأسرة ، وكان الأكبر موهوبا شعر الأصغر بالقلق لإحساسه بعدم القدرة على الوصول إلى مستوى أخيه الأكبر.
وتشير بعض الدراسات إلى أن الطفل الموهوب في الأسرة بسبب فرط حساسيته يبحث عن الدفء العاطفي في الأسرة فلا يجده أحيانا، إذ يشعر الأطفال العاديين بالدفء العاطفي من قبل إخوتهم بدرجة أكبر من الأطفال الموهوبين الذين يشعرون بالرفض والبرود .
ويبدو أن التقارب العمري قد يكون متغيرا وسيطا في العلاقة العاطفية بين الطفل الموهوب وإخوته ، أي كلما كانت الأعمار متقاربة بين الطفل الموهوب وإخوته كان هناك تأثيرات سلبية علي الإخوة العاديين ، أما إذا كانت أعمارهم متباعدة على الأقل ثلاث سنوات فتكون علاقتهم قوية .
كما تشير بعض الدراسات إلى أن العلاقات العاطفية بين الإخوة تكون أكثر سلبية إذا كان الطفل الأكبر هو الطفل الموهوب .
ويرى باحثون آخرون أن التأثيرات السلبية للكشف عن الطفل الموهوب على الأسرة والإخوة تكون مؤقتة وتزول بمرور الزمن ،إذ تتكيف الأسرة معها، وأن الطفل الموهوب أكثر انتقادا للعلاقات الأسرية كحيلة دفاعيه لحماية ذاته بسبب إحساسه بالاختلاف عن الآخرين .
المفضلات