إن استثمار المال لا يتوقف عند تشغيله وتوليده ليزداد، بل إن هناك استثمارا كبيرا في التوفير، فالتوفير هو الحد من المصروفات ومن إنفاق النقود، وجعل النقود أكثر قيمة وأكثر فائدة في استغلالها الاستغلال الأمثل، بدلا من صرفها فيما لا جدوى منه، أو أن تصرف في منفعة قليلة أو شهوة طارئة أو للمكابرة والمظاهر.

والمثل الذي يقول ليس بالخبز وحده يعيش الإنسان لا يتعارض مع مبدأ التوفير، فالتوفير هو وسيلة لحياة سعيدة وحياة مطمئنة، تضع حسابات تغيرات الزمن وتقلباته، وهنا يكون التوفير عاملا لتوفير الخبز عندما يكون الخبز غير متوفر.

التوفير أنواع:
هناك توفير موجب، وهو في اقتطاع مبلغ من المال وحفظه بعيدا عن الأيدي للاستفادة منه وقت الحاجة.
وهناك توفير إيجابي، وهو في الحد من المصروفات، ويمكن للإنسان أن يجمع بينهما ليسرع في إيجاد أمن مالي يستعين به في ترتيب أموره وتعديل أحواله المالية.

بداية التوفير:
إن كل إنسان يستطيع أن يوفر، حتى أولئك الذين يقل دخلهم عن مصروفاتهم – كما يعتقدون - فعادة يقول هؤلاء نحن نحتاج إلى زيادة الدخل لا إنقاصه أو التوفير منه، ولكن الدراسات والأبحاث تقول إن التوفير أمر ممكن بشيء من الجدية.
أول الطريق للتوفير هو معرفة أحوال الشخص المالية، وأول الطريق الى ذلك هو وضع ميزانية شهرية لدخل الإنسان ومصروفاته.
يبدأ التوفير عندما يراجع الإنسان مصروفاته، ولكي يراجع مصروفاته الشهرية، سيجد أن هناك مصاريف لم يكن يصدق أنه صرفها بهذا المقدار لولا وجود تسجيل دقيق لمصروفه.

وجود الهدف:
إن كل إنسان جاد في التوفير يجب عليه أن يضع هدفا أو مبلغا شهريا أو سنويا للوصول إلى هذا المبلغ، فلو أن الدخل الشهري لشخص هو 2000 أو 10000 وحدة نقدية، واعتاد على صرفها شهريا، فعليه أن يبدأ برسم هدف سهل يمكن الوصول إليه، ويجب أن لا يكلف نفسه بهدف كبير لا يستطيع الوصول اليه أو تحقيقه فيشعر بالخيبة والفشل، وعليه أن يقرر مثلا أن يوفر 5% من دخله الشهري، ويضع هذا التوفير في مكان آمن بعيدا عن يده وبعيدا عن إغراءات الصرف. وأفضل مكان لنقود التوفير هو استثمارها في شراء أسهم لشركات قوية ولا خوف من نزول أسهمها.

الوصول للهدف:
إن خصم مبلغ التوفير الشهري مباشرة من الدخل الشهري سيجعل الشخص يعيد ترتيب أموره المالية، ويبدأ في تعديل نمط حياته، وقد قامت دراسات على أشخاص تقدموا لبرنامج التوفير، وقد تغير نمط حياتهم تمشيا مع رغبتهم في تحقيق الهدف الذي قرروا الوصول إليه.
وجد أن بعضا منهم كانوا يذهبون بالسيارة إلى السوبر ماركت والذي لا يبعد عنهم سوى خمس دقائق مشيا، وكان هذا يستدعي مصروفا إضافيا للوقود، إضافة إلى أنهم كانوا يشترون أكثر من حاجاتهم الضرورية لأن حملها لن يكون متعبا لهم في السيارة، ولكن عندما استبدلوا بركوب السيارة المشي على الأقدام، وجدوا أنهم وفروا الكثير من البنزين، كما أنهم وفروا الكثير من الأموال بعدم شراء الأشياء التي كانوا يشترونها إعجابا أو ترفيها أو استرخاصا، لأن حملها غير ممكن بدون وجود السيارة.
أظهرت الدراسة أن الأكل في المطاعم هو أحد النوافذ الكبيرة للمصروفات، فإن الذهاب إلى المطاعم هو التسلية والترفيه للبعض، فيذهب إلى المطاعم بحثا عن أمسية جميلة ومشبعة مع بعض الأصدقاء، وينتهي الأمر إلى دفع مبلغ كبير حتى ولو كان كل منهم مسؤولا عما أكله. وتقول الدراسة ن الطعام في المنزل أقل تكلفة وأكثر أمانا صحيا، ويمكن للإنسان أن يجعل وجبته ممتعة بأن يتولى الطبخ بنفسه، فسيجد متعة قد لا يجدها في وجبة المطعم مهما كانت نجوم المطعم.

التلفون:
وتقول الدراسة إن مصاريف الهاتف تعتبر من المصاريف الكبيرة التي تقتطع جزءا ملحوظا من الميزانية الشهرية للشخص العادي، وهذه المصاريف تعتبر من المصاريف الترفيهية التي يمكن للإنسان أن يحد منها، فالفواتير التي يدفعها الإنسان مقابل بعض الأحاديث غير المنتجة أو غير الضرورية، يمكن أن يحل محلها وسائل اتصال أخرى مثل البريد، أو المقابلة الشخصية إذا كان الإنسان قريبا ويمكن الوصول إليه. كما أن الاختصار المفيد للمحادثات وعدم تكرار السلام والتحية والأسئلة الطويلة عن الأحوال الصحية والاجتماعية مما يقلل من المصاريف.