عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
آثار تطبيق اتفاقيات مـنـظـمـة الـتـجـارة العـالـمـيـة على اقتصاد الدول العربية1
آثار تطبيق اتفاقيات
مـنـظـمـة الـتـجـارة العـالـمـيـة
على اقتصاد الدول العربية ( النامية )
دراسة تحليلية اقتصادية استراتيجية افتراضية (تخيلية)
إعـــــــداد
الباحث والخبير الاستراتيجي المعتمد
المـدرب والمسـتـشـار د. عـدنـان سـعـد صـغـيـر
رئـيـس مـشــــروع مـكـة الـعـــالــمــي لــلــــجـــــــودة
إخوتي وإخواتي الأعزاء .. أسعد الله أوقاتكم
تمر منطقتنا العربية " بخلاف كثير من مناطق العالم " بتغييرات جذرية كبرى لعل آخرها هو الربيع العربي ، وقد لاحظت أن كثيرا من المجتمعات العربية لا تعي الدرس ولا تفهمه إلا في وقت متأخر .. ولقد قدمت هذه الدراسة الاقتصادية الاستراتيجية المهمة قبل سنوات إلى إحدى الجامعات .. ولم أكن أنوي نشرها .. ولكن وبعد عدة سنوات على التوقيع على اتفاقيات منظمة التجارة العالمية .. لاحظت من خلال عملي وعلاقاتي الاستشارية والتدريبية .. أن كثيرا من المنظمات العربية وأحيانا الدول لم تفهم بعد خطورة الوضع الاقتصادي القائم والقادم .. فأحببت نشر هذه الدراسة التحليلية التي نفذتها على شكل قصة درامية ليسهل فهما واستيعابها .. وهي تتحدث عن جوانب يسيرة عن المستقبل الذي ينتظرنا وما الذي يجب علينا فعله ..
وآمل من الجميع نشر هذه الدراسة حتى تتم الاستفادة منها بشكل أكبر وأشمل
الشركة العربية المتقدمة
لــلأدويــة والـصـــناعـــات الـطــبــيــــة
نبذة
الشركة العربية المتقدمة
لــلأدويــة والـصـــناعـــات الـطــبــيــــة
[COLOR="rgb(0, 100, 0)"]
الشركة العربية المتقدمة للأدوية والصناعات الطبية إحدى الشركات العربية العريقة في هذا المجال مارست نشاطها التجاري في المملكة العربية السعودية في مجالين لهما ارتباط وثيق بالطب ، وهما الصيدلة , وصناعة الأدوات الطبية تأسست الشركة في مدينة جدة على يد أحد كبار الأثرياء في مدينة جدة عام 1980م وكانت آنذاك متخصصة في صناعة الأدوية التقليدية مثل بعض المسكنات والمهدئات والمضادات الحيوية ، ثم توسعت مجالات الإنتاج فشملت عدداً غير قليل من الأدوية المتنوعة الحديثة والمتطورة .
حققت الشركة خلال العشر سنوات الأولى عائدات أرباح أكثر مما كان متوقعاً ، وأصبحت عائداتها الربحية الضخمة عبارة عن ودائع في البنوك المحلية ، وهنا اتخذ مجلس إدارة الشركة قرارا جريئاً مدفوعاً بحاجة السوق إلى جانب وجود الخبرة الكافية والتجربة الإيجابية والفرص الواعدة في السوق المحلية وشجع على ذلك وجود السيولة اللازمة لتنفيذ ذلك القرار .. كان ذلك القرار الجريء هو افتتاح ثلاثة مصانع جديدة خلال خمس سنوات أي قبل انتهاء عام 1995 في كل من المنطقة الوسطى ثم المنطقة الشرقية ثم الجنوبية ، ورأت الشركة أن مصانعها الأربعة قادرة على تغطية احتياجات كامل السوق السعودية ، أما المناطق التي لم تفتتح فيها مصانع فيعود السبب في ذلك إلى عدم وجود الكثافة السكانية المشجعة في تلك المناطق ,واكتفت الشركة بالتوزيع على الوكلاء أو البيع المباشر في تلك المناطق .
حققت الشركة جميع شروط وتعليمات هيئة المواصفات والمقاييس السعودية في ذلك الوقت ، فحصلت على شهادة الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس كما حصلت على عدد من شهادات المطابقة الدوليـة العالمــية
مما شجعها على التقدم بعرض للحكومة تصبح بموجبه الشركة العربية المتقدمة الممول الحصري لكافة القطاعات الصحية السعودية ( المدنية والعسكرية ) بحيث تؤمن الشركة جميع احتياجات وزارة الصحة من الأدوية التي تنتجها ، وأما الأدوية التي لا تدخل في مجال اختصاصها فيحق للحكومة تأمينها عن طريق اتفاقيات أخرى مع شركات أخرى . ونظراً للسمعة الجيدة للشركة فقد وافقت الحكومة على هذا القرار التاريخي بالنسبة للشركة والذي جعل من الشركة مفخرة لكل من ملاكها وإدارتها والعاملين فيها ، وكانت فترة تطبيق هذا العقد عشر سنوات تبدأ من 1/ يناير/1998م وتنتهي في 31/ ديسمبر2008م .
أصبحت أحرف الشركة تنقش بماء الذهب ، ومنتجاتها مثل العلم المعروف في السوق المحلية تراها في كل صيدلية وكل مستشفى ، ولا تخلو منها روشتة ( وصفة ) علاجية .
خلال فترة العقد الحكومي الحصري مرت الشركة بعصرها الذهبي ، حيث أصبحت مصانعها الأربعة تعمل بكامل الطاقة الإنتاجية ، وكانت منتجاتها لا تكاد تغادر باحات المصانع حتى تتلقفها القطاعات الصحية الحكومية في كافة أرجاء البلاد ، إلى جانب العميل الخاص الذي هو مستشفيات ومستوصفات القطاع الخاص وكثير من الصيدليات حيث كانت الشركة تقدم منتجات ذات سمعة جيدة وصيت ذائع بأسعار أقل من المنافسين المحليين والدوليين .
ومع تداعيات الحروب في منطقة الخليج إضافة إلى حدوث بعض الكوارث الطبيعية في مناطق مختلفة من العالم ( كالزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات وخاصة التسونامي .. الخ ) .
وحيث إن الحكومة السعودية من الدول التي تقدم المساعدات للدول المنكوبة في مثل هذه الظروف بدافع العطاء الإسلامي والإنساني وبغض النظر عن الانتماءات العرقية أو الإيديولوجية للدول المنكوبة ، فقد زاد الطلب على منتجات الشركة العربية المتقدمة حيث تقدم الحكومة السعودية هذه المنتجات على شكل معونات .
أنفقت الشركة مبالغ طائلة بهدف تجديد وتطوير كثير من آلات التصنيع ، كما أمنت لكل مصنع عددا لا بأس به من الآلات الحديثة فائقة الجودة ، وضاعفت من طاقاتها الإنتاجية ومن أعداد العاملين بما يتناسب والحاجة السوقية ، وفعلاً أوفت الشركة بكل التزاماتها ، وحصدت أرباحاً فاقت كل التوقعات ، ومن جديد تراكمت ودائع الشركة بمئات الملايين في البنوك المحلية .
بعد دراسات مستفيضة ومتأنية أصدر مجلس إدارة الشركة قرارا خطيراً نهاية عام 2004م ينص على فتح خط إنتاج جديد للشركة ألا وهو صناعة الأدوات والتجهيزات الطبية ، كان السبب وراء ذلك القرار الخطير هو ندرة هذا المنتج في العالم العربي ، مع الحاجة الماسة له في كافة الأسواق العربية مع ملحوظة أن لمثل هذا المنتج عوائد مالية مغرية ، تحفظ على هذا القرار عدد من قيادات الشركة ولكن الأغلبية الساحقة دعمت الفكرة فكان القرار افتتاح أول مصنع للتجهيزات الطبية في المنطقة الشرقية قبل نهاية عام 2005م .
تمتلك الشركة فريقاً استراتيجياً على مستوى عالٍ من الخبرة ولذلك رأى هذا الفريق أن مستقبلاً واعداً ينتظر الشركة ، وأن عهداً زاهرا تبدو ملامحه وقسماته سوف يسيطر على جميع خطوط الإنتاج في الشركة .
لم تكن المملكة العربية السعودية قد انضمت إلى منظمة التجارة العالمية ، وكان الفريق الاستراتيجي يدرك أن انضمامها بات وشيكاً ، ولكن حجم المتغيرات وتسارعها لم يسعف الفريق لإدراك واستيعاب جميع المتغيرات ، وكانت المفاجأة المنتظرة وانضمت المملكة إلى منظمة التجارة العالمية وأصبحت عضواً في المنظمة لها ما لها وعليها ما عليها ، بموجب اتفاقيات ملزمة لا مناص من تطبيقها والتعايش معها .
ومع أن التغيرات التي أحدثها هذا الانضمام تغيرات مرحلية وليست فجائية إلى أن عددا من المخاوف ألقت بظلالها على الشركة العربية المتقدمة ، حيث بدأ الحديث عن استعداد عدد كبير من الشركات العالمية المتخصصة في كل من الصناعات الطبية والأدوية إلى اقتحام السوق السعودية يحفزها على ذلك انخفاض الرسوم الجمركية بموجب الاتفاقية العالمية ، كما يدفعها إلى التقدم الجودة العالمية لمنتجاتها في كلا المجالين ( صناعة الأدوات والتجهيزات الطبية ) .
تعددت اجتماعات مجلس الإدارة مع الفريق الاستراتيجي في الشركة العربية لدراسة الوضع القادم بدقة وعناية ، وكان أهم هذه الاجتماعات هو الاجتماع الذي تم انعقاده في 25/ ديسمبر / 2007م حيث كان هذا الاجتماع خلاصة لكل اللقاءات والاجتماعات السابقة حيث اتضح فيه الموقف الاستراتيجي للشركة بعد دراسة الوضع الجديد بكل متغيراته إلى جانب المنافسين المحليين والعالميين وتمثلت أهم المشكلات التي تواجه الشركة العربية وموقفها الاستراتيجي في ما يلي :
1. وصول خطاب إلى الشركة من وزارة الصحة السعودية تشكرها فيه على تعاونها ووفائها بكل التزاماتها خلال الفترة السابقة ، وتحيطها علماً بقرارها النهائي وهو عدم رغبة الوزارة في تجديد العقد الحصري للأدوية الطبية مع الشركة ، ومع أن هذا القرار كان يجب أن يكون متوقعا إلا أنه نزل كالصاعقة على مجلس الإدارة ، الذي توقع أن الأمور تسير بكل مؤشراتها إلى تجديد العقد .
2. انتظار كثير من المنافسين المحليين لهذه الفرصة بفارغ الصبر ، ومن يدري فقد يفوز أحدهم بالعقد القادم للحكومة .
3. استطلاعات الرأي أكدت أن عددا كبيراً من الشركات الدولية تستعد فعلاً لاقتحام السوق السعودية ومن أهمها شركة G.H.M الألمانية والتي تعد من أقوى الشركات العالمية في صناعة الأدوية والأدوات الطبية ، وتكمن المشكلة في أن منتجات هذه الشركة غاية في الجودة ولكنها تمتلك ميزة تنافسية عالية ، وهي التكلفة المنخفضة لأدويتها وذلك لأن الشركة افتتحت منذ سنوات طوال عددا من المصانع في بعض الدول ذات العمالة رخيصة الثمن إلى جانب توفر المواد الخام الضرورية للصناعة لديها حيث أنها لا تستوردها من الخارج مثل الشركة العربية المتقدمة ، ومع التخفيض الكبير في الجمارك يتوقع أن تصل هذه الأدوية إلى المستهلك السعودي بسعر أقل بكثير من أدوية الشركات المنافسة ، بل وربما بسعر يقل عن منتجات الشركة العربية المتقدمة ، خاصة أن شركة G.H.M عقدت اتفاقاً ثنائياً حصرياً مع إحدى شركات الشحن العالمية تحصل بموجبه على خصم في تكاليف الشحن قدره 50% لمدة عشرين عاماً .
4. هناك مشكلة أخرى وهي أنه خلال العامين الماضيين لم تحدث أية كوارث عالمية بمستوى الكوارث السابقة ، كما أن الحرب في منطقة الخليج قد خفت حدتها ، ومالت إلى الاستقرار ، وكان لهذين الأمرين تأثير سلبي على إيرادات الشركة العربية المتقدمة خلال هذه الفترة .
5. أما كبرى المشكلات فهي تقدم عدد من الشركات أصحاب براءات الاختراع الطبية بشكوى إلى منظمة العدل الدولية تتهم فيها كثيراً من شركات الدول النامية بالتعدي على حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها , وذلك استناداً إلى بند حماية حقوق الملكية الفكرية ، وبما أن الأدوية المصنعة في الشركة العربية المتقدمة كانت منذ الأساس مستقاة من تركيبات دوائية مملوكة لشركات دولية ، فإن كثيرا من هذا الأدوية سوف تضطر لدفع مقابل مادي للشركات الدولية مما يزيد من كلفة الإنتاج ويساهم في رفع ثمن المنتج ، وإما أن يتوقف إنتاج هذا المنتج حفاظاً على سمعة الشركة ومكانتها ، ولكي لا تتعرض لعقوبة دولية يمكن أن تكون باهظة .
6. أمر آخر مهم وهو أن خط الإنتاج الجديد في الشركة وهو ( صناعة الأدوات والتجهيزات الطبية ) قد كلف الشركة الكثير والكثير من المال والوقت والجهد ولم يكد المصنع يبدأ الإنتاج حتى ظهرت هذه المشكلات المعقدة ، هذا إلى جانب بعض المشكلات الفرعية .
المفضلات