مَن هُم أطفال الجدران؟!












- أطفال الجدران هُم أطفالٌ تصطدم حرية طفولتهم بجدران أسمنتية باردة تحدُّ من شقاوتهم البريئة وحركاتهم اللذيذة، ويتحوّل ضجيجهم الطبيعي إلى إشكالية تسبّب الإزعاج والضجر للوالدين والإخوة الكبار، فالمساحة التي يتحرّكون فيها أصغر بكثير من ثورة النشاط والحيوية التي تسكن أجسادهم الصغيرة المتلهفة على الركض والحركة وإفراغ كل هذه الطاقة الهائلة الموجودة بداخلهم، لذا لا تعجبوا فإن أقدامهم الصغيرة ستصطدم بأرجل الكراسي الخشبية حين يركضون، وفي تدافعهم بأيديهم الجميلة ربما للتحف والأشجار يكسرون، وانظروا حينها أي عقاب سينالون، وبأي طفل للجيران وأبناء الخالات سيقارنون. كل ذلك فقط لأنهم يلعبون .. يتحرّكون .. يسعدون .. ويضحكون!


أطفال الجدران هُم أطفالٌ لم يستمتعوا بلذة المشي فوق تراب الأرض الحنون حفاة، ولم يرقصوا بأقدامهم الغضة تحت وابل المطر المنهمر حفاة، ولم يسيروا بين ''سواقي'' النخيل والذرة حفاة، لأن الأحذية الجلدية الغالية تحيط دوماً بأقدامهم إما للحماية أو كنوع من ''البرستيج'' حتى تكتمل صورة الطفل الأنيق أمام الآخرين، وإن هو تجرّأ خفية على تجربة متعة المشي حافياً فسيجد ''سيراميك'' المنزل البارد في انتظار قدميه الصغيرتين .. وغالباً ستجدون أن بطون أقدام هؤلاء الصغار مثل دفتر طفل كسول خالية من أي ندبة أو ''رضة'' أو آثار جرح مسمار ملقى على الطريق..!


أطفال الجدران هُم أطفالٌ محرومون من اللعب في الشوارع والحواري ولف الثوب حول الوسط لحمايته من شق جانبي أو تمزق بأطرافه، حين يركضون وراء كرة تعني بالنسبة لهم عالماً من التحدي والاستمتاع وإثبات الذات. أطفال الجدران لا يعرفون أبناء جيرانهم إلا نادراً ولا يزورون بعضهم إلا نادراً، والخروج إلى الشارع يعني لهم فيلم رعب أبطاله التوجس والحذر والخوف حتى أصبحت قلوبهم مثل قلوب العصافير تضطرب عند أول حركة أو سكنة .. واجتماعهم مع بعضهم لا يكون إلا في المناسبات والأفراح والأعياد..!


أطفال الجدران هُم مثل كِبار سن تحيط بهم الوحدة والصمت، يجلسون فوق مقاعدهم ممسكين بأجهزة الآيباد والبلاك بيري والكمبيوتر .. يرسمون لهم عالماً خيالياً جميلاً، حقوله الواسعة لا تحدها جدران ولا أسوار ولا تحف وإكسسوارات، وفراشاته المحلقة لا تزرع في نفوسهم البريئة الخوف من مجهول يتربص بهم، وأطياره المغرّدة لا تنهرهم حين تتعالى ضحكاتهم البريئة..!


لذا دعوا أطفال الجدران في عالمهم الخيالي يحلقون، فقد فشلنا في خلق عالم آمن لهم ولضحكاتهم البريئة..!
مقال اعجبني كثيرا فيه بعض السلبيات التي قد تكون لها اثر على النفس لدى الأطفال وقد تكون لها عقدة .