يتعلق الطفل في بعض الأحيان بلعبة ما، أو بدمية على هيئة دب صغير أو ما شابه، وطالما كان تعلقه هذا في حدود الطبيعي، فإنه لا يلفت الانتباه. بل ويلقى الكثير من التشجيع من الأهل. إلا أن التعلق الزائد بلعبة بعينها أو بالدمية، وتصميم الطفل على اصطحابه إياها حتى في نومه، فذلك كثيرا ما يثير تخوفات الأم، على وجه الخصوص.
أخصائي في علم نفس الأطفال بباريس سيبستيان بينواه، يقول"لا مجال للخوف أو القلق هنا، بل يجب التعامل مع رغبات الطفل بالكثير من الهدوء والعقلانية، فالطفل حينما يقترب عمره من الثمانية أشهر، يبدأ في الوعي بأنه ووالدته ليسا بالشخص الواحد كما كان يتصور من قبل، بل هما شخصان، وأن الأم تغيب من أمامه وتحضر.
وأضاف أن الطفل في هذا العمر غالبا ما يبقى في مكانه أو حجرته، وهذا هو أول تغيير حقيقي في حياته، وكلما نما الطفل صار في مواجهة العالم الخارجي،وبدأ يختلط به، وعليه أن يتعامل معه، خصوصا حينما يبدأ في الذهاب إلى الحضانة ولقائه بغيره من الأطفال في مثل عمره، إلا أن هذا لا يعني على الإطلاق أنه من السهل عليه الابتعاد عن أحضان والدته التي تمثل له الأمان والحماية والدفء في هذا العالم الذي يتغير من حوله، وعليه وحده اكتشافه والاندماج فيه.
ويؤكد بينواه أن مرحلة دخول الحضانة هي المرحلة الأساسية في تطور الطفل ونموه، وتعلق الصغير بلعبة بعينها تعمل على توازنه النفسي. حيث تلعب اللعبة دور الوسيط بينه وبين والعالم الخارجي، مما يجعل الطفل أكثر اطمئنانا، وحينما يفضل أحد ألعابه، ويصر على اصطحابها أثناء نومه، فهذا يعني أنها تمنحه الكثير من الأمان، وتعيد إليه هدوءه النفسي، وعلى مدى اليوم تصبح صديقه الأقرب . حتى لو ألقى بها على الأرض ولعب بغيرها. إلا أن وجودها أمامه هام جدا له.
أما بالنسبة للوالدين خاصة الأم، فيرى بينواه، أنها يجب أن تستوعب المراحل المتغيرة النفسية التي يمر بها الصغير، وأن عليها مساعدته حتى يتخطى بعض الصعوبات التي تواجهه، فمثلا في فترة الحضانة لا ضرر على الإطلاق من الحديث مع اللعبة دائما، وأن عليه أن يعلمها بعضا مما سيتعلمه في الحضانة.
أما مع بداية التحاقه بالمرحلة الابتدائية فيجب على الصغير ترك هذه اللعبة الصديقة من أجل الانفتاح على صداقات حقيقية داخل المدرسة، وهذا لا يأتي إلا من خلال حديث دائم من الأم عن المرحلة الجديدة الجميلة التي سيقبل عليها. كذلك يجب من العطلة التي تسبق التحاقه بالعام الدراسي الأول وضع بعض القواعد في البيت. بشرط ألا يشعر بأنها مرتبطة بدخوله للمدرسة للمرة الأولى، مثل ضرورة عدم اصطحاب الطفل للعبة وقت الطعام.
وأوضح أخصائي في علم نفس الأطفال أنه إذا غضب الطفل لأي سبب لا يجب الإسراع بإحضار هذه اللعبة له مادام لم يطلبها، وبالتدريج يتعود على تركها طوال اليوم بحيث لا ترافقه إلا في ساعات النوم، ويلفت النظر إلى أنه في المرحلة الطبيعية التي يلازم فيها الطفل إحدى ألعابه. فإن هناك سيناريو مقلقاً للأهل يتمثل في نسيان هذه اللعبة في البيت، فهذا الشيء مثير لحزن الصغير بأكثر مما نتصور، لذا يجب الحرص دائما على مرافقة اللعبة له في كل مكان.
وأشار بينواه إلى أنه أيضا من الأفضل أن تحتفظ الأم بنسخة طبق الأصل من اللعبة التي يحبها صغيرها، من دون أن يشعر بذلك من أجل التمكن من تنظيف الأولى وتغييرها في حالة تمزقها أو إصابتها بشيء من الخلل أو أشياء من هذا القبيل.