اكدت الدراسات النفسية الحديثة علي اهمية تخصيص الآباء وقتا كافيا لايجاد نوع من الرابطة أو الاتصال بينهم وبين أبنائهم .
حيث يجب علي الآباء توفير جو عائلي دافيء خال من التوتر ، حتي ينمو الطفل بشكل طبيعي بعيدا عن العقد النفسية والمشكلات الاسرية التي تؤثر سلبا علي اقبال الطفل علي الحياة ..فالطفل يحتاج المساعدة للبوح باسراره والافضاء بما يعانيه من مشكلات واحباطات نفسية علي ان يتحدث بحرية وتلقائية بدون خوف من الزجر المستمر وتؤكد الدراسة علي ان تشجيع الاب وحنانه ورعايته يساعد علي تشكيل الابناء في اطار من الثقة بالنفس والاعتداد بشخصياتهم
.. كما تبين للباحثين المختصين ان للابوة آثارا علي تقدم الاطفال دراسيا ، ونموهم عقليا ، مع اختلاف تلك الاثار علي الابناء منها علي البنات .
وقد ساعدت هذه الدراسة علي ابراز اهمية ذلك الدور الذي طالما اختبا في ظل الامومة وهو دور الاب .. فقد ثبت علميا .. انه لا يقل اهمية عن دور الام خصوصا بعد خروج المراة للعمل وترك البيت لفترات طويلة . وفي نفس الوقت اشارت تلك الدراسات الي ان رعاية الاب لاطفاله تفيده هو شخصيا ،
حيث تجعل منه شخصية ناضجة مسؤلة ، فضلا عن كونها سوية نفسيا ، وان اندماجه مع اطفاله حتي بمشاركتهم في العابهم واعطائهم الوقت والرعاية والسماع الي مشاكلهم كفيل بان يدخل السرور اليهم والي نفسه عندما يجدهم سعداء بمشاركته لهم في اهتماماتهم بشئونهم ومرحهم علي حد سواء .
وتشير الدراسات النفسية الي ان غياب الاب او القدوة يسبب حدوث فراغ نفسي وفقدان المثل الاعلي حيث يستمد الطفل الاحساس والتوجه بالصح والخطا . وتحاول الام ان ترسم صورة هذا الاب الحاضر الغائب ، وتضفي عليه سمات المهارة والقوة والصلاح ، وكل ما هو طيب نبيل ، وانه يتحمل الكثير من اجل الاسرة ومستقبلها .. ولكنها ابدا لا تستطيع ترجمة هذه الصفات الي سلوك واقعي ، ويظل الطفل يشعر بابيه كشخصية خيالية وهمية ، كانه يتصور ( الشاطر حسن ) مثلا . كما لا يستطيع الطفل ان يقلده او حتي يعرف معني هذه الكلمات ، لان والده لم يترجمها امامه بسلوك واضح يفهمه . كما تشير الدراسات الي ان الطفل لا يعنيه ان والده _ كما يسمع _ يحبه ، ولكنه يريد ان يشعر بوجوده وحبه ، ويتجاوب معه .. يحتضنه او يرفعه لاعلي ..
وان الاب لن يستطيع ان يصل الي وجدان اطفاله الا عن طريق ممارسة الصداقة معهم .. تلك الصداقة القائمة علي الاحترام والحب والقدوة الحسنة .. فعندما لا يجد الطفل القدوة التي يقتدي بها يظل حائرا مهموما يعيش حالة من التخبط الوجداني والفراغ التفسي .. يكفي انه يفتقد حنان ابيه وهيبته ، ولا يجد من يجيب عن تساؤلاته . من هنا يشعر الطفل انه مخدوع ، وان الاب بالنسبة له مجرد شخص يدر عليه المال ، وبهذا تبدا اولي الخطوات نحو النظرة المادية البحتة للحياة ، بعد ان اصبحت وظيفة الاب _ في بعض الاسر _ هي مجرد توفير المال فقط كتعويض عن الحرمان من حنانه . ويتصاعد احساس الطفل بانه مخدوع ، وان هذا المال لا يكفي عندما يحتاج الي والده ، ولا يجده .. وفي النهاية يصبح الاب ضيفا ثقيلا علي اطفاله ، لا يرغبون في وجوده معهم بالمنزل ، ويتمنون خروجه كما تعودوا . وهكذا تنتهي العلاقة بين الاب وابنه ، ومن ثم يحاول الطفل ان يلجا الي شخصية اخري تكون قدوته ومثله الاعلي ، في زمن عزت فيه القدوة والمثل الاعلي ، وكثرت فيه نماذج الانحرافات والاجرام ، وبالتالي ارتفعت معدلات الجرائم وصور الانحراف التي يرتكبها ويمثلها نسبة كبيرة من الاطفال الصغار . ولذا تنصح الدراسات النفسية بضرورة ان يخصص الاب ساعات يقضيها مع اولاده يهتم فيها بدراستهم ... ويخرج معهم للنزهة .. ويشركهم في الآراء والحديث في موضوعات تهم الاسرة .. او حتي يطلع اولاده علي اسراره الصغيرة ليفتح الطريق ، فيخبره بالتالي صغيره بشكواه وحيرته الخاصة ، ويعرف منه اسراره البريئة ، والتي قد تكون خطيرة في الوقت ذاته .... انه بمعني آخر يحاول ان يكون صديقا لاولاده . ويؤكد المهنمون بالدراسات النفسية الحديثة ضرورة اطلاع الآباء علي اساليب التربية الحديثة المستوخاه من تعاليم الدين وآدابه
المفضلات