يلاحظ بعض الأباء والأمهات على أطفالهم مظاهر العزلة والإنطوائية في مرحلةٍ ما، بحيث لا يخالطون بيئتهم ولا حتى أبناء جيلهم وقد تبدو هذه المشكلة جلية في مرحلة الطفولة وبداية المراهقة، لكنها غير شائعة إلا أن لحدوثها ضرر على نفسية الطفل وعلى عائلته وقد يؤدي إلى سلبيات أخرى على المدى البعيد.
في بادئ الأمر لا بدّ من التنويه إلى أسباب عزلة الطفل وإنطوائيته عن المجتمع والوسط العائلي والتي تتراوح بين ظروف مرضية أو إقتصادية أو تربوية وإجتماعية، وتتلخص بالآتي:
1. المعاناة من إعاقة جسدية أو مشاكل في النمو، أو المعاناة مما قد يسمعه الطفل منذ صغره بأنه ليس جميلاً وكل ما يقلل من قيمته ضمن الأجواء العائلية التي تفقده ثقته بنفسه.
2. الشعور الدائم بالخوف من الأفراد والإنخراط بينهم لعدوم وجود الثقة الكافية، وذلك بسبب ضعف العلاقات الأسرية منذ الصغر.
3. الرقابة الزائدة عن الحاجة من الأهالي، والتي تُفقد الطفل قدراته وتقيّد استقلاليته فيبدو تابعاً لا رأي له، وعند الاختلاط يجد لا مكان له بسبب عدم قدرته على اتخاذ القرارات.
4. قد ثؤثر الغربة أحياناً على نفسية الطفل بسبب اختلاف العادات والتقاليد وعدم القدرة على الانسجام مع الآخرين.
5. الفقد، وخاصةً فقد الحب والحنان من اتجاه الوالدين سبب كبير يؤدي إلى عزلة الطفل، وقد يكون الفقد إما بفقد أحد الأبوين لوفاته أو عدم توافقهما في الحياة الزوجية وانفصالهما أو كثرة المشاكل الزوجية بينهما بحيث يبدأ الطفل بالتفكير بأنه سبب في تلك المشاكل.
6. التدليل الزائد والخوف اللامتناهي على الطفل خشية تعرضه للأذى أو الحسد وما إلى ذلك، يؤدي إلى عزلته عن العالم الخارجي.
7. مقارنة الأصدقاء الذي يقللون دائماً من شأن الطفل وقدراته له أثر كبير أيضاً في عزلة الطفل.
تتعدد أسباب عزلة الطفل عن المجتمع من حوله وتبدو عليه مظاهر عدّة تُثبت بأنه يعاني من مشكلة الإنطوائية، وعلى الأهل أن يكونوا أكثر وعياً لما يدور حول أطفالهم، ويبدو على الطفل المنعزل الأعراض التالية:
- تفضيل الجلوس وحيداً، والحساسية الزائدة عند التوبيخ.
- عدم القدرة على التعبير عن مشاعره في أي مناسبة سواء كان فرحاً أم حزناً.
- تفضيل الأنشطة الفردية سواء في المنزل أم المدرسة، وعدم مشاركة الآخرين.
- في حال الإحتكاك مع الآخرين يبدو الطفل حرجاً جداً ولا يُحسن التصرف.
- التأثر غير الطبيعي بالكلمات، خصوصاً إذا كانت كلمات محبطة.
- ضعف في التحصيل الدراسي عادةً.
بالرغم من كلّ هذه المظاهر يعتقد معظم الآباء بأنه من الصعب تخطيها ومعالجتها إلى أن حلول عزلة الطفل ولجوئه إلى الإنطوائية ليس بالأمر المستحيل ولا الصعب، إلا أنه يحتاج إلى الصبر وكبح جماح النفس والتعاطي أكثر مع الطفل والتقرّب منه.
وتكون سبل علاج عزلة الطفل كالآتي:
- تفادي الأسباب المؤدية إلى ذلك، أو على الأقل الحدّ من تأثيرها الكبير على الطفل والسيطرة عليه.
- الثناء على الطفل ومدحه من شأنه أن يعزز ثقته بنفسه، إلى جانب شعوره بالدفء والحنان من قِبل الوالدين.
- فتح مجال المناقشة مع الطفل واحترام رأيه ونصحه بشكل لطيف.
- التعاون مع المدرسة في تخطي مشكلة العزلة بإشراكه أكثر في الفعاليات مع زملاءه.
- الابتعاد عن توبيخ الطفل أو توجيه أي كلمة مؤذية لمشاعره أمام الآخرين، ودائماً يجب التوضيح للطفل عواقب أفعاله وما يترتب عليها من آثار جانبية إذا استمر بها.
في النهاية، يجب التنويه إلى أن عزلة الطفل أمر منوط بالحياة الأسرية أكثر من الحياة خارج المنزل فالمشكلة تتفاقم بعد حصولها، وعلى الأهل الانتباه أكثر لتصرفاتهم وسلوكياتهم، كما يجب أن تكون علاقتهم بأطفالم أكثر قُربة وانسجاماً.