أمهات وآباء .. فى قفص الاتهام


أطفالنا.. فلذة أكبادنا تمشى على الأرض، والإنسان يتمنى أن يكون أبناؤه أفضل من على الأرض، لأن حب الأبناء لا مثيل له، وتربية الأطفال وتنشئتهم التنشئة

السليمة، أمر يستحق كل جهد الأمهات والآباء، خاصة بعد أن حدثت متغيرات دخيلة اقتحمت مجتمعاتنا.

فالأمهات والآباء مسئولون بالدرجة الأولى عن شخصية أبنائهم.. فهم من يغرسون فيهم كل ما له علاقة بالسلوكيات مثل النظام والمسئولية والاستهتار.

وما نشاهده الآن من ظاهرة أطفالنا على شبكات التواصل الاجتماعى "فيس بوك" تعد من المشاكل الخطيرة التى انتشرت فى مجتمعاتنا بصورة مخيفة، فقد أنشأ

الكثير من الأمهات والآباء حسابات على شبكة "فيس بوك" لأطفالهم الصغار، بعد أن تحايلوا فى أعمارهم الحقيقية، فهل فقد هؤلاء الوعى والمسئولية تجاه

أطفالهم؟


إن خطورة شبكة "فيس بوك" كونها من التقنيات الحديثة، فهى عالم افتراضى يشبه عالم الواقع بكل إيجابياته وسلبياته، ومن المخزى أن يستهين الأبوان

بالمخاطر التى يتعرض لها أطفالهما على "فيس بوك"، مثل التعرض لمحتوى غير لائق، والتواصل مع البالغين التى تختلف أفكارهم مع عقلية الأطفال وبراءتهم،

فالكثير منهم يضع صور أباحية فجة وصفحات للعراة، ولاتخلوا تعليقاتهم من الإيحاءات الجنسية، والألفاظ البذيئة والأفكار الهدامة، ما يؤثر سلبًا على التكوين

النفسى للأطفال ومخيلاتهم فى مرحلة التساؤل والبحث عن المجهول، ومنهم من يكبت فى نفسه حرجًا، ليبحث بنفسه عن إجابات.

وبات ضروريًا أن يستفيق الآباء والأمهات من غفوتهم قبل ضياع أطفالهم، من خطورة الاستخدام السلبى للتكنولوجيا من قبل بعض الأصدقاء الافتراضيين

السلبيين والاطلاع على خصوصيات الآخرين وعدم احترامها واستخدام البيانات والصور الشخصية استخدمًا خاطئًا يسبب العديد من المشكلات وربما تتطور إلى

ما لا يحمد عقباه.


وبقدر ما لهذه الشبكة من التواصل البشرى المعرفى والثقافى، إلا أنها تحمل فى طياتها الكثير من الكوارث، فإذا كان الكبار والبالغون قد وقعوا ضحايا الابتزاز

والخداع والتشهير والإساءة، فكيف نأمن على أطفالنا الصغار، الأقل وعيًا على التمييز بين الصواب والخطأ، فالإحصائيات تشير إلى أن واحدًا من كل خمسة

أطفال مستخدمين للإنترنت قد تلقوا طلبات جنسية من أشخاص غرباء، حتى مع وجود رقابة الآباء.

استخدام "فيس بوك"، لفئة الأطفال، أصبح موضة وسلوكًا طبيعيًا يتباهى به الكثير من الأباء والأمهات غير مكترثين بخطورته، ونتائجه السلبية على أطفالهم

الذين يتعرضون للانسلاخ الثقافى لتراثنا شيئًا فشيئًا نتيجة ما يتلقونه من ثقافات وسلوكيات غريبة، وربما يكتشفون يومًا عن أن أبناءهم أقاموا علاقات غير

سوية دون علمهم.. مصدرها الأساسى فيس بوك.

اتقوا الله فى أطفالكم.. ولا تلوثوا فطرتهم بأيديكم، كما جاء فى قوله تعالى "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ".