توجيهات حول تربية البنات


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أما بعد :

أيها القراء الكرام :

ما منكم من أحد إلا سيبعثه ربه بعد موته ويسائله ويحاسبه عما قدم في ديناه هذه، وإن مما يسأل عنه العبد أهله وولده كيف رعايته إياهم وتربيته لهم وفي هذا يقول صلى الله عليه و سلم (الرجل راع في أهل بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ) الحديث.

والحديث عن التربية ذو شعب كثيرة ولكني سأقتصر في هذا المقام على ما يتعلق بتربية البنات خاصة، لعظم شأنهن، وبالغ أثرهن في المجتمع أخلاقاً وسلوكاً.

فإن البنت إذا كبرت صارت الزوجة والأم والمعلمة وغير ذلك مما ينتظرها من مهمات في الحياة فإذا صلحت صلح شيء كثير وإذا فسدت فسد شيء كثير. ومحاور هذه الكلمة الموجزة ستكون كما يلي:

أ- فضل البنات وإبطال الاحتقار الجاهلي.

ب- الإحسان إلى البنات صوره ومعالمه.

جـ- سبل الوقاية من مخاطر العصر.
*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°* �*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°*°


أ- فضل البنات وإبطال الاحتقار الجاهلي :

إذا نظرنا في كتاب الله وجدناه يشنع على أهل الجاهلية الأولى أن الواحد منهم كان يستاء إذا بشر الأنثى يظل وجهه مسوداً وهو كظيم، ثم يستحي من قومه فيتوارى عنهم خجلاً، ثم يأخذ يحدث نفسه أيئدها فيدفنها حية أم يبقيها على الهون، فشنع الله عليهم ذلك وعابه، وهذه المشاعر الجاهلية لا تزال تعشعش في قلوب بعض الرجال ولا سيما إذا كثر من امرأته إنجاب البنات مع أن المرأة كالأرض تنبت ما يلقي الزارع فيها من البذور، وقد يحصل الحال ببعضهم إلى تطليق امرأته عقب ولادتها _ نعوذ بالله من الجهل والجفاء_

لقد كانوا في الجاهلية لا يعدون المرأة شيئاً حتى كان الرجل يدفن ابنته ويربي كلبه ويغذو بهمه . فأبطل الله هذه النظرة الدونية ورفع من قدر المرأة ووضعها في موضعها الطبيعي الملائم مكلفة له حقوقها وعليها واجباتها فخاطبها مخاطبة الرجل أمراً ونهياً وخصها من الأحكام بما يلائمها ويناسب فطرتها.

إن الإنجاب أمر قدري أمره بيد الله فهو يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور ويجمع لآخرين الذكور والإناث ويبتلي آخرين بالعقم.

قال تعالى (يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً) وتأمل كيف قدم الإناث في الذكر وأخر الذكور، رداً على من كان يحقر من شأنهن، ويتنقص من مقدارهن، ولا يعدهن شيئاً. فارض بما قسم الله لك فإنك لا تدري أين الخير كم من أب فرح يوم أن بشر بمقدم ولد ذكر ثم كان وبالاً عليه، وسبباً لتنغيص عيشه، ودوام همه وغمه، وكم من أب ضجر يوم أن بشر بمقدم بنت في حين كان يترقب الذكر فتكون هذه البنت يداً حانية وقلباً رحيماً وعونا على نوائب الدهر. ومن هنا ندرك أن قرة العين على الحقيقة ليس بأن يكون المولود ذكراً أو أنثى إنما تتحق إذا كانت ذرية صالحة طيبة ذكوراً كانوا أم إناثاً قال تعالى في وصف عباد الرحمن (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً).