اكتشاف مهم لباحث أردني يساهم في حل مشكلات النوم عند كبار السن




يعتمد الإنسان على ساعته في تنظيم كثير من أنشطته الحياتية اليومية. وعلى نحو مماثل يعتمد جسمه على ساعة داخلية تنظم الكثير من أنشطته الحيوية، وتُسمى «الساعة البيولوجية».
ويقول الباحثون إن الضوء الذي ينتقل إلى الدماغ على شكل سيالات عصبية من خلال العينين يلعب دوراً رئيساً في تنظيم عمل الساعة البيولوجية، التي تنظم بدورها أموراً عدة في الجسم مثل دورات النوم واليقظة والشهية للطعام ومستوى الهرمونات، لكن آلية ذلك كانت غير معروفة.
قبل أيام نشرت المجلة العلمية Nature Neuroscience تقريراً مهماً لباحث أردني يعمل في جامعة جون هوبكنز الأميركية، يشير إلى توصله بالتعاون مع باحثين من جامعتي ساوثرن كاليفورنيا وكورنل إلى حل جزء من هذا اللغز. فقد وجد الباحثون أن خلايا العصي في شبكية العين، وهي مستقبلات للضوء الخافت، هي الوحيدة المسؤولة عن تنظيم عمل الساعة البيولوجية في ظروف الإضاءة الخافتة. كما وجدوا أن العصي، وبالتعاون مع خلايا المخاريط، وهي مستقبلات للضوء النهاري، لها دور مهم في تنظيم الساعة الداخلية في ظروف الإضاءة الساطعة.
وتبعاً لما يقوله رئيس فريق البحث الباحث البيولوجي سامر صالح حتر من إدارة علم الأحياء في كلية كرايغر للفنون والعلوم، ان الاكتشاف مثير لأسباب عدة، منها أن الاعتقاد السائد كان يربط تنظيم عمل الساعة البيولوجية بدرجة شدة الضوء الساطع، وان خلايا العصي تصبح غير فاعلة عند تعرضها لضوء كهذا، وبالتالي لا علاقة لها بهذا التنظيم، لكن التجارب أثبتت غير ذلك.
في الدراسة، استخدم د. حتر وفريق البحث العامل معه مجموعة من الفئران التي جرى تعديلها جينياً بحيث احتوت شبكية العين عندها على مستقبلات العصي فقط، ثم عرضوها لشدات ضوء مختلفة، وقاسوا مستوى نشاط الفئران في كل مرة. ويقول د. حتر، إن النتائج مهمة لأنها تشير إلى أن التعرض طويل الأمد للضوء الخافت، كما في حالة المنازل والمكاتب، يؤثر في الساعة البيولوجية عند الثدييات، وبالتالي في دورات النوم واليقظة عندها. ويقترح حتر أن إحدى الطرق التي يمكن للناس بها التخفيف من هذا التأثير العمل على التعرض لضوء الشمس المباشر لفترة من الوقت يومياً، بما سيؤدي إلى ضبط ساعتهم البيولوجية، ويوفر بالتالي دورة نوم منتظمة، وهذا يعني الشعور بالحاجة إلى النوم في ساعة محددة والاستيقاظ صباحاً في ساعة محددة أيضاً.
ويضيف حتر بأن للاكتشاف تطبيقات حياتية لكبار السن الذين يتلقون الرعاية في المنزل أو في المستشفى. ويقول إن الإنسان يفقد خلايا العصي مع التقدم في السن، بما يعني انه يجب على من يعتنون بهم العمل على تعريضهم بانتظام ويومياً لضوء الشمس المباشر لضمان استمرارية ضبط عمل ساعتهم البيولوجية وانتظام دورات النوم واليقظة عندهم. وعلى عكس ذلك، فإنهم قد يعانون من اضطرابات في النوم، ومن ذلك النوم المتقطع، وصعوبة في الاستغراق في النوم.

جريدة الرأي
ابواب