3- بالسرعة الهائلة للقراءة وتقنيات القراءة المتأنية يمكن تشكيل وحدات ثقافية كاملة.


عندما يمكننا أن نمزج بين التخطيط العقلي بالسرعة الهائلة للقراءة، وتقنيات القراءة المتعددة (التي تسمح بالقراءة بسرعة تزيد على 1000 كلمة في الدقيقة مع الاستيعاب الممتاز، بل والوصول إلى 10000 كلمة في الدقيقة بفاعلية)، فإنه يمكن تشكيل وحدات ثقافية كاملة.


عندما يقوم أربعة أشخاص أو أكثر بقراءة أربعة كتب مختلفة فإنهم يستطيعون أن يتذكروا المعلومات التي حصلوا عليها ويكتسبوا المزيد من المعلومات ويتبادلوها فيما بينهم ويطبقوها أيضاً بمهارة في المواقف المختلفة، كل ذلك من خلال القراءة بالسرعات المتقدمة وعمل خرائط عقلية تفصيلية وتلخيصات لكل كتاب وفصوله.


هذه التقنيات تم تطبيقها مؤخراً داخل المنظمات متعددة الجنسيات (نابيسكو، وديجيتال كمبيوتر). وفي هذا الإطار قام 40 ثم 120 مديراً تنفيذياً بتقسيم مجموعات العاملين لديهم إلى أربع مجموعات قضى كل فرد في هذه المجموعات ساعتين في القراءة السريعة، والقراءة المتأنية لواحد من الكتب الأربعة المختارة.


وعند انتهاء الساعتين، ناقشت كل مجموعة فيما بين أعضائها ما فهموه من القراءة الفردية، ورؤيتهم لما قاموا بقراءته، ثم اختارت كل مجموعة مندوباً عنها يمثلها أمام مجموعة من المجموعات الثلاثة الأخرى. تم تكرار هذه العملية أربع مرات متتالية، وبنهاية كل يوم كان هؤلاء المديرين في كل شركة يخرجون وبحوزتهم أربعة كتب جديدة بما تتضمنه من معلومات ليس فقط في عقولهم، ولكن أيضاً بشكل تحليلي متكامل وقابل للتذكر.


إن هذا الأسلوب يمكن إتباعه داخل الأسرة، وهو بالفعل مُطبَّقٌ في عائلات في دول مختلفة من العالم. وفي المكسيك طبقت إحدى العائلات هذه الطريقة على أبنائها الثلاثة الذين يتراوح أعمارهم بين ستة وخمسة عشر عاماً، وخلال شهرين أصبح كل طفل منهم يحصل على أعلى الدرجات في فصله، بل أصبح كل منهم متمكناً من استكمال منهج دراسي كامل في يومين - بمساعدة باقي أعضاء الأسرة - في حين أن ذلك الأمر قد يتطلب من التلميذ العادي سنةً كاملة.



4- تقنيات فن تقوية الذاكرة


لقد قدم الإغريق هذه التقنيات للإنسانية على أنها "خدع". ولكننا ندرك الآن أن هذه الأدوات مبنية على وظائف المخ، وأنه عند تطبيقها بشكل جيد فإنها تؤدي إلى تحسين كبير في ذاكرة أي شخص.


إن تقنيات تقوية الذاكرة تتطلب استخدام مبادئ الارتباط والقدرة على التخيل لخلق صور ذهنية درامية ملونة ومحسوسة لا تُنسى.

والواقع أن خريطة العقل تعتبر تقنية متعددة الأبعاد لتقوية الذاكرة، وهي تعتمد على استخدام الوظائف الفطرية للعقل لإحداث أثر لا سبيل إلى محوه للبيانات والمعلومات.


كما يتم تدريب رجال الأعمال باستخدام هذه التقنيات لكي يتذكروا بشكل كامل أربعين شخصاً جديداً، وقائمة تزيد على مائة منتج جديد وكل ما يتعلق بها من بيانات وحقائق. وفي الوقت الراهن تُطبق هذه التقنيات في شركة ibm في مركز التدريب الرئيسي في "ستوكهولم"، ولقد كان لها تأثير كبير في نجاح البرنامج التدريبي الأساسي الذي يستمر لمدة سبعة عشر أسبوعاً، كما اُستُخدِمت هذه التقنيات أيضاً في البطولة الدولية لقوة الذاكرة في السنوات الخمسة الماضية، وخاصة بواسطة بطلة العالم الصاعدة وصاحبة الرقم القياسي الدولي الحالي، "دومينيك أو . براين".


هناك أيضاً إدراكٌ ووعيٌ متنامي بأن بدء أي تدريب بتعليم المشاركين كيف يتعلمون يعطي نتائج جيدة. وهذا ما دعا إلى تبني مؤسسات دولية متقدمة لهذه الفكرة؛ بحيث أصبح التدريب على تقنيات تقوية الذاكرة إجبارياً. ومن خلال عملية حسابية بسيطة نجد أن إنفاق مليون دولار على التدريب، ثم فقدان 80% من محتويات التدريب -بالنسيان- خلال أسبوعين يعني أن هناك ثمانمائة ألف دولار قد ضاعت هباءً خلال نفس الفترة.



5- فقدان التذكر بعد التعلم


لقد أثبت الواقع أن فقدان التذكر بعد التعلم يحدث بصورة درامية. فبعد ساعة من التعلم ترتفع القدرة على تذكر المعلومات حيث يقوم العقل بإدماج هذه المعلومات الجديدة، ولكن هذه العملية تستمر فقط لفترة قصيرة، يلي ذلك هبوطاً حاداً بحيث يمكن بعد 24 ساعة أن تضيع 80% من التفصيلات.


وينطبق هذا النموذج على كل موضوعات التعلم مهما طالت أو قصرت فترة إدخال المعلومات. وعلى ذلك فإن ما يتم تحصيله في دورة لمدة ثلاثة أيام يتم نسيانه خلال أسبوع أو أسبوعين.


إن تداعيات هذا الموضوع محيرة؛ فإذا أنفقَتْ مؤسسة متعددة الجنسيات 50 مليون دولار في العام على التدريب ولم يكن هناك برنامج ملائم للمراجعة في النظام التدريبي، فإن هناك 40 مليون دولار تُعتبر في حكم المفقودة خلال أيام قليلة من انتهاء التدريب.


إن فهماً بسيطاً لإيقاعات الذاكرة، يتيح تجنب هذه الخسارة، ليس هذا فقط بل أيضاً التدريب بطريقة تزيد من كمية التعلم وما يتم تذكره من هذا التعلم.




6- خلايا المخ


لقد مثلت خلايا المخ محوراً رئيسياً للبحث خلال السنوات الخمس الماضية في إطار سعي الإنسانية للمعرفة.


فلدى كل منا تريليون خلية في مخه، ليس هذا فقط ولكن نظام التوصيل فيما بين هذه الخلايا يتشكل من عدد كبير جداً من وسائط التنظيم المتداخل والمتعاقب، وقد تم حساب هذه الأعداد بواسطة العالم الروسي "بيوتركيه أنوكين" متخصص تشريح الأعصاب، فكان العدد النهائي عبارة عن واحد وأمامه عدد لا نهائي من الأصفار!.


ولقد أصبح من الواضح للباحثين في مجال العقل، ومن خلال قدرتنا المتأصلة على دمج ومضاعفة الملايين من البيانات، أن التدريب الملائم للمخ (والذي يمكنه إجراء 400 مليون عملية حسابية في الثانية الواحدة وهو ما قد يستلزم مائة عام من الحاسب العملاق) سيزيد بشكل هائل من قدراتنا على حل المشكلات، والتحليل، وتحديد الأسبقيات، والابتكار، والإبداع، والتواصل.



7- القدرات الذهنية وتقدم السن


إن الرد المُتوقع من كل من تسأله: "ماذا يحدث لخلايا مخك التي تتقدم في العمر؟!" سيكون بشكل تأكيدي وحماسي: "إنها تموت"!.

غير أن هناك أحد البحوث الحديثة التي أجراها الدكتور "ماريون دياموند" من جامعة "كاليفورنيا"، أكد فيه أنه ليس هناك دلالات على فقدان خلايا المخ مع تقدم العمر وذلك بالنسبة للعقول السليمة النشطة الطبيعية.

بل على العكس فإن البحوث تؤكد أن العقل إذا كان يُستخدم ويتدرب؛ فإن المقدرة البيولوجية لفاعليته تزيد، وعلى سبيل المثال فإن مقدار الذكاء الشخصي يرتفع.


إن تدريب من يبلغون الستين أو السبعين أو حتى الثمانين والتسعين من عمرهم قد أثبت أنه من الممكن إحداث تقدم مستمر ودائم في الأداء العقلي في كل مجال.


قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:

(إذا شاب العاقل شب عقله، وإذا شاب الجاهل شب جهله).


لذا فنحن على أعتاب مرحلة ثورية غير مسبوقة؛ تتمثل في القفزة النوعية الهائلة في تطور الذكاء الإنساني.


ومن الناحية الشخصية وفي مجال التعليم ومجال العمل تتوالى المعلومات من علماء النفس والأعصاب والتعليم لكي تُستخدم في حل المشكلات التي كان يتم تقبلها على أنها جزء من عملية التقدم في السن.


وبتطبيق معرفتنا بالوظائف المنفصلة للعقل، وبواسطة الانعكاس الخارجي للشكل الداخلي لعملية الخريطة العقلية، وبالاستفادة الكاملة من عناصر وإيقاع الذاكرة، وأخيراً بتطبيق معلوماتنا عن خلايا المخ وإمكانية استمرار تنمية وتطوير القدرة العقلية على مدى الحياة؛ فإننا يمكن أن ننتصر في معركة الذكاء.