يتمثل ذكاؤك الإبداعي في مقدرتك على توليد أفكار جديدة وحل المشاكل بصورة جذرية وبزوغ نجمك وسط التجمعات الحاشدة في خيالك وسلوكياتك وقدرتك على الإنتاج.

ويشتمل ذكاؤك الإبداعي على عدة عوامل يمكن تعلمها وتنميتها كلها حتى تزيد من إبداعك. وهي تشمل:
نصف المخ الأيمن / الأيسر ، أخذ الملاحظات / رسم خرائط العقل ، الطلاقة ، المرونة ، الأصالة ، التوسع في الأفكار ، الربط الذهني.



أطلق سراح عقلك من سجن " اللاإبداع "


ربما لم تكن تعرف هذا من قبل، لكن احتمالية أن يكون عقلك في سجن " اللاإبداع" منذ دخولك المدرسة حتى وقت قراءتك لهذه الكلمات قد تصل إلى نسبة 99%.
كيف يتحقق هذا؟

راقب وانظر.
واسأل نفسك بكل بساطة كيف يوضح ذهنك أفكاره. بمعنى آخر: ما هو نوع الملاحظات التي تحملها؟

هل هي مثل ذلك؟


النموذج التقليدي لتسجيل الملاحظات

إذا كنت تنتمي إلى الـ 99% القابلة للزيادة من نسبة السكان التي ذكرتها آنفاً، فعندئذ هذه هي الطريقة التي ستسجل بها الملاحظات: سوف تستخدم الكلمات المعتادة في الجمل والعبارات وسوف تكتب قائمة بالأشياء وربما – في الأشكال المتقدمة من طرق تسجيل الملاحظات – تستخدم الأرقام والحروف لتنظيم أفكارك؛ سوف تدون الملاحظات في شكل خطوط طويلة عندما يتم تقديم المعلومات إما من الكتاب أو من لسان المتكلم وسوف تكتب على خطو متعامدة وسوف تستخدم قلماً أزرق أو أسود أو رمادي اللون أو قلم رصاص لتدوين الملاحظات.
فهل من الممكن أن تكون الطريقة التي كنا نسجل بها الملاحظات طيلة القرنين الماضيين هي السبب الرئيسي وراء شعور الكثيرين منا بعدم الإبداع بالقدر الذي نعرف به أنفسنا حقاً؟ وهل من الممكن أن تكون هذه الطريقة هي السبب الرئيسي أيضاً وراء سوء فهم العالم بصورة عامة لطبيعة الإبداع في الوقت الذي نتذمر فيه من نقص الإبداع؟

والآن لنبحث هذا الأمر بشكل موسع.
لنلق أولاً نظرة على الألوان الزرقاء والسوداء والرمادية التي نسجل بها ملاحظاتنا عادة. والسبب وراء قيامنا بهذا أننا قد " تعلمنا " القيام بذلك (لم نتعلم في العديد من المدارس استخدام لون واحد – أزرق / أسود – ولكن تعلمنا أيضاَ استخدام منتج خاص للحبر ! وأي طفل كان يتم ضبطه منحرفاً عن هذا النظام الحازم كان يأخذ خمسة وعشرين سطراً إضافياً كواجب منزلي !).

ما هو شعور ذهنك حيال هذا الأمر؟
بالنسبة لذهنك فهو يمثل اللون الأزرق أو الأسود أو الرمادي، لون (صبغ) مفرد (أحادي).
وهذا يعني أن الموجات الضوئية التي تغمر عينيك من ذلك اللون جميعها متطابقة. وعلى ذلك فإنه بالنسبة لذهنك يمثل اللون الأزرق أو الأسود أو الرمادي أسلوباً معلوماتياً رتيباً (مفرداً).
فما هو المرادف الذي نحصل عليه عند تركيب كلمتي " وتيرة " و " واحدة " ؟ إنه " وتيرة واحدة " أو " رتابة ". وإذا كان هناك شيء ما يتسم بالرتابة أو يسير على وتيرة واحدة، فإننا نصفه بأنه ... " رتيب " ! وما هي الكلمة التي نستخدمها عامة لوصف شيء رتيب؟ ممل !
فماذا يفعل ذهنك عند شعوره بالملل؟ أجاب معظم الأشخاص بإحدى الإجابات التالية:
- يلجأ إلى تغيير وتعديل تفكيره في اتجاه آخر.
- يتجنب التفكير في هذا الموضوع.
- يتوقف تماماً عن التفكير.
- يصاب بالخمول.
- يلجأ إلى أحلام اليقظة.
- يلجأ إلى الانحراف.
- يلجأ إلى النوم.
لذا فإن الطريقة الحالية التي تم تطويرها فطلاق العنان للقوة الوافرة الإنتاج على كوكب الأرض تتسبب في واقع الأمر في إصابة العقول المبدعة بالملل لدرجة اللجوء إلى اللهو أو النوم !

وليس هذا فحسب: بل إن أمر جنسيتك أو لغتك التي تتحدثها لا يمثل أهمية في هذا الشأن. فإذا كنت تتحدث اللغة الإنجليزية أو الإيطالية أو الألمانية أو الاسبانية أو الروسية فإن خطوط الملل لديك تتحرك من اليسار إلى اليمين، إما إذا كنت تتحدث العربية أو العبرية فإن خطوط الملل تتحرك لديك بكل بساطة من اليمين إلى اليسار ! وإذا كنت تتحدث اللغة الصينية الرسمية فإن خطوط الملل لديك تتحرك من أعلى إلى أسفل ! فذهنك لا يبالي بدرجة الزاوية التي تدفعه إلى النوم – حيث يمكنه اللجوء إلى النوم في جميع اتجاهات التحرك !.

لماذا يحدث كل هذا؟
فكر في الأدوات التي يستخدمها ذهنك عادة عند تسجيل الملاحظات: سواء كلمات أو قوائم أو خطوط أو أرقام أو ترتيب أو تسلسل أو حروف المهارات الذهنية للنصف الأيسر من المخ.

جيد حتى الآن. في الفراغ التالي لاحظ مهارات " النصف الأيمن " من المخ التي يتم استخدامها:

لقد خمنت السبب وراء عدم ترك فراغ لإجاباتك هو أن الإجابة هي لا شيء ! فلا توجد أشكال ولا شفرات ولا ألوان ولا أبعاد ولا " صور مكتملة " ولا إيقاع مفعم بالحيوية ولا وعي جغرافي.
وبمعنى آخر فإن طرقنا التقليدية في تسجيل الملاحظات تقوم بنصف المهمة فقط ! وقد حان الوقت لإكمال المهمة. ومرة أخرى يتضح لنا أنه عند الاقتصار على استخدام نصف مهاراتنا التي نمتلكها فإنه كانت تعوزنا الكفاءة في العمل بشكل مزعج مثلنا في ذلك مثل العداء الذي يجري بساق وذراع واحدة. وما كانت الخطوط التي نكتب عليها إلا بمثابة قضبان السجن التي كنا نكبل وراءها أذهاننا ذات الإبداع الجم.

الكاتب: توني بوزان
الكتاب: قوة الذكاء الإبداعي