مشرف
- معدل تقييم المستوى
- 34
القلب,,,, "للمميزين فقط.!"
القلب
هل نحن نستخدم العقل للتفكير أم القلب؟
لم يشذ الطب الصيني عن التراث الإنساني في ربط القلب بوظائف هامة جداً، لا تقف فقط على ضخ الدم وتنظيم الدورة الدموية في الجسم، بل إن الطب الصيني وضح الوظائف الأخرى للقلب وذكرها بالتفصيل بصورة تشهد لها الكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، لتدلل على دقة تصور الطب الصيني للقلب وعمق فهمه لطبيعة أهم عضو في الإنسان، وهي تصورات مثيرة وتجيب على كثير من التساؤلات حول التفكير والعقل والعاطفة.
قال تعالى "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها"(1) ، هذه الآية تنص صراحة على أن التفكير والعقل مرتبطان بالقلب(2) فالعقل بحد ذاته ليس عضواً ولكنه من أركان الإنسان الهامة. العلم الحديث يربط هذا الجزء الأساسي من الإنسان بالدماغ وينظر للقلب على أنه مجرد عضلة تقوم بضخ الدم، بينما نجد أن الإنسانية عبر تاريخها أعطت القلب مكانة كبيرة جداً في حياة الإنسان، فهو المسؤل عن التفكير وتنظيم الناحية العاطفية.
والسبب في النظرة الضيقة والمحدودة للعلم الحديث عن القلب، هو حصره لهذا العضو في الوظيفة العضلية العضوية الظاهرة له، بينما نجد أن التراث الإنساني على امتداد تاريخه أثبت وجود علاقات وارتباطات أكبر لهذا العضو الهام في الإنسان. فمثلاً عند العلماء مثل ابن القيم يوجد تعريف شامل للقلب، يشمل العضو العضلي ويشمل أيضاً ارتباطاته الأخرى التي ذكرناها، فيقول رحمه الله عن المعني المعنوي للقلب "وهو لطيفة ربانية رحمانية روحانية لها بهذا العضو تعلق وإختصاص"(3) ، ونرى هنا تأكيده رحمه الله بارتباط المعنى المعنوي بالعضو الحسي في قوله "لها بهذا العضو تعلق و اختصاص".
الوظائف الحيوية للقلب في الطب الصيني:
1- القلب هو العضو المسؤل عن التفكير وتنظيم العاطفة في الإنسان والوعي، وهي كلها من أهم الوظائف في الإنسان، ويستخدم الطب الصيني المثل التالي لتوضيح هذه العلاقة، فيقال " Xin Cang Shen" ويعني أن القلب هو مسكن العقل أو التفكير.
ويجدر بنا هنا توضيح نظرة الطب الصيني للعقل والتفكير، فالطب الصيني يقسمهما إلى نوعين..يسمي الأول "يي" " Yi" والثاني الذي ذكرناه في المثل و هو "شن" "Shen". فالأول هو الجزء المختص بالحكمة والقدرة على التحليل وسيأتي ذكره عند الحديث عن عضو الكلى والطاقة الأصلية. أما القسم الثاني "شن" والمرتبط بالقلب، فهو الجزء المختص بالتفكير المرتبط بالفهم والعواطف، وهما كما رأينا مرتبطان بالقلب والطاقة الخاصة بهذا العضو.
وكما رأينا فإن الطب الصيني وافق القرآن الكريم والسنة الشريفة، من حيث ربط هذه الوظائف بالقلب في أكثر من موضع، قال تعالى "فتكون لهم قلوب يعقلون بها"(4) وقوله تعالى "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب"(5) ، وعن الإدراك والوعي " إنما يتذكر أولوا الألباب"(6) .. و جاء في الحديث عن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "جئت تسأل عن البر؟ قلت نعم، قال: استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك"
فالمحافظة على صحة القلب وطاقته بصورة متوازنة يعني قدرة الإنسان على التفكير بصورة سليمة ومن خلال التحكم السليم في العواطف، فإن تقديرات الإنسان وفهمه سيكونان بعيدين عن التأثر بالعواطف التي قد تؤدي إلى التشتت وعدم القدرة على التفكير بوضوح، وبالتالي فقد التوازن الذهني. (7)
2- ضخ الدم و تنظيم الدورة الدموية في الجسم:
القلب هو أفضل مضخة عرفها الإنسان إلى اليوم وستظل كذلك إلى الأبد، فمنذ اللحظات الأولى للحياة يبدأ القلب بضخ الدم في جهاز الدورة الدموية طوال مدة حياة الإنسان الشئ الذي يوفر لجميع الخلايا الغذاء اللازم لحياتها ويساعدها على التخلص من الفضلات التي قد تضرها. وكلما كانت طاقة القلب قوية كلما استمر ضخ الدم إلى الجسم بصورة قوية وصحية، أما إذا ضعفت طاقة القلب، أو اختل توازنها فإن ذلك سيؤدي إلى ظهور الاضطرابات في الدورة الدموية.
--------------------------------------******************************************------
(1) الحج 46
(2) و هي مسألة أختلف فيها الفقهاء ورجح ابن القيم أن أصل العقل و مادته من القلب و تنتهي الى الدماغ- التبيان في أقسام القرآن ص238
(3) التبيان في أقسام القرآن لابن القيم ص 244
(4) سورة الحج آية 46
(5) سورة ق آية 37
(6) سورة الرعد 19 وسورة الزمر آية 9
(7) أخرجه الامام أحمد في مسنده حديث رقم 17668 5 / 269 و حديث 17663 5 / 268 والدارمي في سننه كتاب العلم 2 / 245
المفضلات