عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
انموذج التفكير الاستقرائي في تدريس المفاهيم
انموذج التفكير الاستقرائي في تدريس المفاهيم*
التفكير الاستقرائي:
يقسم الاستدلال الذي يمارسه الفكر البشري عادة الى قسمين رئيسين احدهما الاستنباط والآخر الاستقراء ولكل من الدليلين منهجه الخاص وطريقته المميزة ، ففي الاستنباط تكون المقدمات اكبر من النتيجة بينما تجيء النتيجة في الاستقراء اكبر من المقدمات التي ساهمت في تكوين ذلك الاستدلال . ومن اجل هذا يعد السير الفكري في الدليل الاستقرائي معاكسا للسير في الدليل الاستنباطي الذي يصنع الطريقة القياسية فبينما يسير الدليل الاستنباطي وفق الطريقة القياسية من العام الى الخاص يسير الدليل الاستقرائي من الخاص الى العام . ( الصدر ، 2002 ، ص5ـ6)
فالاستقراء اذن هو تتبع الجزئيات بغية الوصول الى حكم عام ينسحب على كل الجزئيات بينما في القياس ينتقل الذهن من حكمٍ كليٍّ تتضمنه المقدمة الى حكمٍ اقل عمومية( ابو رغيف ، 1410هـ ، ص19 )
إن اهم ما يمتاز به الدليل الاستقرائي هو :
1ـ ان الاستقراء استدلال صاعد نبتدئ فيه من الجزئيات وننتهي الى الأحكام الكلية
2ـ ان نتيجة الاستقراء اهم من اي مقدمة من مقدماته .
3ـ ان الاستقراء يعتمد على ما يجري من حوادث وما بين الأشياء من روابط.
4ـ ان الاستقراء يؤدي الى حقائق جديدة .
5ـ الاستقراء هو المنهج العلمي الصحيح الذي يتبعه العلماء في الوصول الى نتائجهم وقوانينهم ، وهو في نظر بعض المناطقة الطريق الوحيد الى كسب المعرفة بالأشياء او بعبارة ادق الطريق الذي تنتهي اليه المعرفة بالاشياء. . ( سعد ، 1990، ص190 )
ومن مزاياه فيما يخص المتعلم :
1ـ تنمية قدرة التلاميذ على التفكير المنطقي السليم .
2ـ تنمية قدرات التلاميذ العقلية لادراك العلاقات بين الأشياء المحيطة بهم والتمييز بينها وصولا الى احكام ونتائج عامة ، صحيحة ودقيقة .
3ـ تنمية عادات واتجاهات نفسية وعقلية سليمة كالصبر والقدرة على مواجهة المشكلات والتشوق الى اكتشاف الحقائق وعدم التسرع في تكوين الأحكام اوالنتائج العامة . (الحسون واخرون ، 1993، ص52 )
ويوفر الاستقراء الحصول على الخبرة بشكل مباشر " والخبرة المباشرة اكثر رسوخا من الخبرة غير المباشرة لانها تكون اكثر تاثيرا في الفرد لانه يعيشها بكل جوارحه ويتفاعل معها بكل امكاناته وقدراته مما يجعلها اكثر عمقا في نفسه وذهنه وبالتالي فهي خبرة ينتج عنها تعلم يسهل تذكره .( الشبلي ، 2000،ص43)
ولغرض النجاح في تحقيق مزايا الاستقراء وجب اتباع ما يلي :
1ـ جمع وعرض الجزئيات الكثيرة وضرب الأمثلة المتنوعة وفحصها فحصا دقيقا.
2ـ الأخذ بأيد المتعلمين حتى يروا اوجه الاشتراك والتباين بينها .
3ـ حثهم على استنتاج الحقيقة العامة بأنفسهم .
4ـ التعبير عنها بعبارة يصوغونها من عندهم ما استطاعوا الى ذلك سبيلاً.
واستنادا الى الاستقراء العام قامت الطريقة الاستقرائية وما تفرع عنها من نماذج واستراتيجيات تدريسية، وفيها تُسرد الأمثلة اولا ، ثم يلفت نظر التلاميذ الى أجزاء معينة من هذه الأمثلة ليضعوها في قاعدة واحدة تسجل وتطبق على أمثلة جديدة.
والمطلوب من المتعلم في هذه الطريقة ان يسير وراء المعلم في الإتيان بالأمثلة وفي القيام بالملاحظة والاستنتاج ثم ينفرد بعد ذلك في التطبيق . (جابر واخرون 1980ص121 )
وهذه الطريقة ادخل في الاطار التربوي لعدة اعتبارات لعل اهمها :
ـ بعدها عن فرض المعرفة.
ـ مشاركة التلاميذ فيها مشاركة ايجابية.
ـ وصولهم الى المعرفة بانفسهم او بتوجيه المعلم .
وفي هذه الطريقة يسير المعلم على النحو الآتي :
1ـ يهيئ اذهان طلبته للكلي الذي تراد دراسته قاعدةً كان او قانونا او مفهوما او غيرها.
2ـ يعرض الأمثلة التي يستنتج منها الكلي .
3ـ يناقش الأمثلة والجزئيات مناقشة تحدد الظواهر المشتركة والجوهرية .
4ـ يستنتج منها الكلي ، ويضعه في اطار من الصياغة يحدده ويوضحه.
وقد استخدمت هذه الطريقة في القواعد النحوية والبلاغية والاملائية وفي استنتاج المفاهيم الادبية. (ظافر والحمادي ، 1984، ص114)
"وتستخدم هذه الطريقة اذا كان الهدف هو الوصول الى قاعدة عامة او الى نظرية او قانون" .( عبيد واخرون ، 1992 ، ص107 )
وتتلخص محاسن الاستقراء في التدريس بالنقاط الآتية :
1ـ تبقى المعلومات التي تُكتسب بوساطة هذه الطريقة في الذاكرة اكثر من المعلومات التي تكتسب بوساطة القراءة او الاصغاء اذ ان كل ما يتوصل اليه الطالب بنفسه يرسخ في ذهنه اكثر مما يقدمه اليه المدرس ويصدق هذا على الطالب النابه والمتأخر سواء في اي درس من الدروس .
2ـ ان الطالب الذي يتوصل الى تعميم ما او يستنتج قاعدة ما بهذه الطريقة يستطيع وبعد مرور زمن ولو كان طويلا ان يصل الى التعميم نفسه او القاعدة نفسها اذا نسيها فخطوات التفكير في الحصول عليها تبقى معه.
3ـ يفهم الطلبة التعميمات التي يتوصلون اليها بمساعدة المدرس اكثر من تلك التي يقدمها اليهم المدرس حاضرة مهيئة او التي يجدونها في كتبهم المقررة .
4ـ يستطيع الطالب تطبيق التعميمات التي يتوصل اليها بسهولة اكثر من تطبيق تلك التي تُقدم اليه حاضرة مهيئة وذلك لحسن فهمه لها .
5ـ ان اسلوب التفكير الذي يتعود عليه الطالب في الدروس الاستقرائية يفيد في حياته المستقبلية . فكل التلاميذ يميلون الى ان يعمموا في اقوالهم نتيجة لخبراتهم ولكن قسما كبيرا منهم لا يستطيع ان يقوم بذلك بكفاية وقدرة جيدة لانه لم يعوّد ويعلَّم طريقة التعميم . ومن اجل هذا فقد يتوصلون الى تعميمات خاطئة .( آل ياسين ،1950 ، ص187ـ189)
إن استخدام الاستجواب وطرح الاسئلة الصفية في الطريقة الاستقرائية يحقق عدة اهداف تعليمية مثل تقويم المعارف واكتشاف الحقائق من قبل المتعلمين ويثبت المعلومات وينمي القدرة على التعبير ويزيد من فعالية المتعلم ويثير لديه المجهود الشخصي . ( بالمارد ، 1981 ، ص 53ـ54 )
إن المزايا التي يمتاز بها الاستقراء والأساليب اللاستقرائية في التدريس تجعل من الواجب على التربويين اتباعها في العملية التعليمية كطرق للتدريس انفع في ايصال المادة العلمية للتلميذ وفي حثه على التفكير والاحتفاظ بما تعلمه لمدة زمنية اطول .
أُنموذج ( هيلدا تابا ) *:
لقد وضع التربويون عددا من نماذج التدريس مثل أُنموذج ( ميرل وتينسون) و أُنموذج ( جانيه ) وأُنموذج ( برونر ) وغيرها من النماذج والإستراتيجيات .
واستراتيجية ( تابا ) لتنمية مهارات التفكير هي واحدة من ضمن استراتيجيات عديدة تستهدف تنمية هذه المهارة وتؤهل للتعامل مع مختلف المواقف وحل المشكلات والتوصل الى هذه الحلول وقياسها وتقويمها
ويعد هذا النمط من الأنماط التعليمية المعرفية ، وتنطلق ( هيلدا تابا ) في نمطها من عددٍ من المسلمات مثل :
1ـ التفكير يمكن ان يعلم .
2ـ التعليم عملية تفاعلية بين عقل الفرد والمعلومات لغاية معينة .
3ـ تتابع عمليات التفكير في سباق منطقي على شكل مهمات وتتطلب كل مهمة عدداً من الأنشطة ويتطلب كل نشاط عدداً من الاستراتيجيات .( مرعي والحيلة ،2002 ،ص145)
واشارت ( تابا )الى ذلك مفصلة القول في تعليم التفكير:
1ـ يمثل التفكير نوعا من التفاعل بين المتعلم والمعلومات ، ولا يستطيع المتعلم ان يتعلم بصورة منظمة ما لم يستخدم عمليات عقلية معينة لتنظيم الحقائق في نظام مفاهيم معين والوصول الى تحقيقات ونتائج .
2ـ يمكن تعليم التفكير من خلال تعليم استراتيجيات تفكيرية يستطيع المتعلم استخدامها في حل المشكلات التي تواجهه .
3 ـ تتطور عمليات التفكير في تسلسل منظم اي ان تحقيق مهارة عقلية معينة تتطلب التمكن من حل المهارة السابقة لها . ( Helda Taba 1962 P28 )
وتركز تابا على الاسئلة الصفية والتي يكون لها دور رئيس في عملية الاستقراء و"تقوم الأسئلة بدور فعال في التربية الصفية وفي توجيه عمليات التعلم والتعليم . وان اية عملية تربوية تتم بدون الاستخدام المكثف للأسئلة تعد ناقصة وغير مكتملة النتائج .
إن التنوع في الأسئلة من حيث الاختصاص والانجاز ووضوح لغتها والتوقيت السليم في توجيهها للمتعلمين ومراعاة المنهج الاستقرائي في تقديمها ثم توزيعها العادل على الطلبة هي جميعا شروط هامة لنجاح العملية التدريسية في مهمتها التربوية" . (حمدان ، 1999 ، ص141 )
تفترض ( هيلدا تابا ) إن الهدف من التفاعل مع الخبرات والمواد التعليمية هو مساعدة الطلاب على صياغة تعميمات في كلِ خبرةٍ او معرفةٍ تقدم لهم وتعرف التعميمات على انها :
ـ عموميات معرفية بسيطة سهلة .
ـ تضع المعرفة وفق أُطر منظمة سهلة الاستدعاء .
ـ جمل خبرية تساعد المتعلم على استيعابها .
ـ توضح علاقات المعرفة البسيطة وفق مخططات .
ـ قابلة للتعلم والتدريب في مستويات الاعمار المختلفة .
ـ تنمو وتتطور مع العمر .
ـ قد تكون حسية يمكن معالجتها ويمكن ان تكون رمزية مجردة .
ـ مخططات علائقية نظمت وفق شبكات معرفية بسيطة او معقدة .
( قطامي والقطامي ، 1998 ، ص343 )
إن نمط التفكير الاستقرائي يصلح لكل مستويات التعلم ومواده ، شريطة استخدام كل المهمات ، وكل الأنشطة وعدم قصر تعلم المفاهيم على المهمة الاولى ، و يتصف هذا النمط بالبساطة ، ويمكن ان نستخلص منه المبادئ التربوية والنفسية الآتية :
ـ التدرج من البسيط الى المركب .
ـ التأكيد على تعلم المفاهيم .
ـ الحرص على توافر البيانات والمعلومات الكافية لغرض الاستقراء .
ـ الحرص على ان تكون الاسئلة مخططة وهادفة .
ـ التعاون بين المعلم والطالب وبعلاقة انسانية اذ بدونها لا يحدث استقراء .
( مرعي والحيلة ، 2002 ، ص146 )
ومن الناحية العملية والتطبيقية هنالك مجموعة من الخطوات لتنفيذ هذا الأُنموذج عند التدريس ويمكن ايجاز هذه الخطوات بما يأتي :
1ـ التهيئة : تعد المعلومات المتعلقة بالموضوع .
2ـ التجميع : اذ تصنف المواد وفق معايير مشتركة بين المواد ويسأل المدرس ، ابحث عن الأشياء التي يمكن وضعها معاً .
3ـ التسمية : تسمية التصنيفات المختلفة التي شكلت في المرحلة الثانية ، ويسأل المدرس ما الأسماء التي يمكن اطلاقها على كل تصنيف؟
4ـ التعميم : يبدأ المعلم بتحليل المعلومات في كل صندوق او خلية والمتعلقة بعمود واحد
5ـ المقارنة : يقوم الطلاب بمقارنة جميع التعميمات التي استخلصت من كلِ خلايا العمود الواحد واستخراج تعميم اوسع .
6ـ التوضيح : يطلب من الطلاب اجراء استدلالات توضيحية عن التعميمات التي يتم التوصل اليها .
7ـ التنبؤ : يبدأ بالسؤال يذهب الى ما وراء المعلومات المعطاة .
ثم ينهي المعلم النشاط ويجعل الطلبة يلخصون المعلومات والتعميمات والاستنتاجات التي توصلوا اليها . ( غانم ، 1995 ، ص71 )
المفضلات