المفاتيح الثلاثة لكنز التفكير




العدسة المجمعة:


هل جربت أن تجعل ضوء الشمس ينفذ عبر عدسة مجمعة للضوء؛ لكي يسقط على ورقة بيضاء؟

إن لم تكن قد جربت ذلك من قبل، فدعني أصِف لك المشهد.

ببساطة سيصبح ضوء الشمس، ذلك النجم الكبير، كأنه نقطة أو على الأكثر دائرة صغيرة على تلك الورقة البيضاء، ولو كانت تلك العدسة المجمعة ذات قوة عالية في التركيز والتجميع، فيمكنها أن تحرق تلك الورق أو أن تحدث فيها ثقبًا على الأقل!


ربما تقول وما علاقة نجاحي بتلك العدسة المجمعة وضوء الشمس، وتلك التجارب الفيزيائية،والنظريات العلمية المعقدة؟!

وهذا ما قد يبدو لأول وهلة صحيحًا، ولكن ثمة علاقة لصيقة بينهما.

فالشمس في المثال السابق بمثابة الطاقات والإمكانات البشرية، والعدسة المجمعة هي قدرة الذهن على التركيز، والثقب الذي حدث في الورقة البيضاء هو نتاج تركيز الذهن على استثمار تلك الطاقات والإمكانات.

الجواب على الأسئلة المحيرة:

أحيانًا ما يقف العقل البشري حائرًا؛ من أجل الإجابة عن بعض الأسئلة المحيرة، مثل أن يسأل أحدنا نفسه فيقول: لماذا يكون إنجازي للأهداف بطئيًا؟

أو ربما يسأل آخر: لقد بذلت الكثير من المجهود في المذاكرة، ولكنني لا أحقق درجات عالية، فلماذا؟!

أو يتعجب ثالث فيقول: إنني أعمل لساعات طويلة، وزميلي في العمل يعمل أقل مني، ولكنه ينجز أهدافه بسرعة ودقة أكبر مني، فما السبب؟!

وما سبق ليس إلا أمثلة بسيطة على سيل من الأسئلة وفيضان من علامات الإستفهام، والتي يمكننا أن نجيب عنها بأن السبب الرئيسي هو: ضعف أو ربما فقد التركيز.

المشكلة ليست في الجهاز:

يحكي زيج زيجلار في كتابه (النجاح للمبتدئين) عن موقف شخصيٍّ حدث له فيقول:

(عندما أشارك في ندوة صغيرة عادة ما أستخدم الأفلام الشفافة كوسيلة للإيضاح، ودائمًا لا أقوم بضبط بؤرة جهاز العرض عندما أقوم بعرض أول صورة، وغالبًا ما أتظاهر بأنني لم ألاحظ المشكلة، وهكذا أواصل حديثي مع الجماهير لعدة دقائق،ثم أقوم بمراقبة كل هؤلاء الأفراد الذين يشيرون بأصابعهم إلى الجهاز ليلفتوا انتباهي إلى المشكلة، وفي هذه النقطة أقول للجماهير:

في الواقع، ليست هناك مشكلة في الجهاز نفسه،فكل ما هناك أنه يحتاج إلى ضبط، وبالمثل فإن حياة العديد من الناس كهذا الجهاز، لا تحتاج ببساطة سوى لضبط البؤرة، فحياة هؤلاء الناس تسير في عشرات الإتجاهات المختلفة؛ ونتيجة ذلك أنهم نادرًا ما يحققون أهدافهم الرئيسية في الحياة).

وكذلك ـ

ليست المشكلة في نقص القدرات والإمكانات؛ فقد حبا الله عز وجل بها كل واحد منا، وإنما يكمن التحدي الأكبر لنا، في ضبط بؤرة التركيز على أهداف الحياة، بدلًا من تشتيتها بين مهام الحياة المختلفة.

الطريق إلى العبقرية:

(العبقرية هي القدرة على التركيز على شيء واحد في المرة الواحدة)، هكذا يصف زيج زيجلار الركن الرئيسي في العبقرية، ألا وهو قوة التركيز، وإليك قصة عبقري من عباقرة العصر الحديث، وهو العالم الشهير نيوتن، فهي قصة توضح لك مدى تركيزه فيما كان يقوم به من العمل، وكيف كان ذلك سفينته إلى شاطيء العبقرية.


ففي يوم من الأيام وبينما هو منشغل بحل واحدة من المشاكل العلمية المعقدة، نسى نيوتن أن يتناول إفطاره، ولم تشأ زوجته أن تقطع عليه خلوته العلمية، ولكنها في الوقت نفسه كانت قلقة عليه من جراء العمل وهو جائع.
فرِحت الزوجة كثيرًا حين جاءها البائع ببعض البيض الطازج؛ فقد كان نيوتن مولعًا بتناول مثل هذا البيض مسلوقًا، بل وكان يصنعه بنفسه على موقد صغير في حجرة مكتبه، فناولته البيض، ومدت يدها إليه بالساعة وذكَّرته ألا يترك البيض في الماء حين يغلي أكثر من ثلاث دقائق، وغادرت الحجرة حتى لا تثقل على العالم المجد.

لكنها حين عادت لأخذ الوعاء بما تبقى فيه وجدت البيض وما زال في يد نيوتن، كما وجدت الساعة غارقة في وعاء المياه التي طال غليانها، وبالطبع لم تكن تلك حادثة استثنائية في حياة نيوتن، بل يُروى عن تركيزه الكثير من
القصص والحكايات.

عقبات على الطريق:

إذًا التركيز هو طريق للنجاح والعبقرية، ولكن دون الوصول إلى ذلك عقبات، تضعف من تركيز الواحد منا وتجعل ذهنه شاردًا ومشتتًا، ولعل لذلك أسباب من أهمها ما يلي:

1- وجود مشكلة ملحة تطاردنا، قد تكون مشكلة شخصية أو عائلية أو عاطفية أو مالية أواجتماعية.

2- توقع حدوث أمر مخيف والإنشغال به.

3- المعاناة من مشكلة صحية.

4- وقوع أمر يؤدي إلى الفرح الشديد.

5- التعود على العيش أسير الخيالات والأوهام غير الواقعية والتعلق بها.

6- أن يكون في المحيط الذي تعيش أو تعمل فيه ما يشغل الفكر؛ ويؤدي لعدم الإرتياح، ومن أمثلة ذلك:

الترتيب غير المناسب والمزعج لحجرتك، أو شدة الضوضاء في مكان عملك أو دراستك.


يتبع......